رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المصالحة .. وأنياب الثعابين


مخطط الشرق الأوسط الجديد المدعوم تسليحاً وتمويلاً وتدريباً من القوى الاستعمارية المتوحشة المعسكرة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا وبريطانيا اللتين ذهب الإخوان إليهما منذ عام 1954، ونموا وترعرعوا وأنشأوا مؤسساتهم وتنظيمهم الدولى.

هناك مبادرات تطل برءوسها من جديد، مدعومة بضغوط خارجية، سواء كانت من أمريكا أو من دول محيطة بنا عربية، مثلما أشيع أخيراً عن دعم السعودية لمبادرات الصلح مع الجماعة الإخوانية، خاصة أن دول الخليج وعلى رأسها السعودية تقع تحت تأثير الكذبة الكبرى التى تروجها أمريكا وتستخدمها لخلق صراع سنى شيعى، وتحويل صراع المصالح والنفوذ إلى صراع دينى طائفى مذهبى تحرك خيوطه أمريكا حتى يتسنى لها بيع الأسلحة لجميع الأطراف بتمويل العرب أنفسهم لتنتعش عجلة الاقتصاد الأمريكى، ويتراجع نمو الدول العربية. ومن نتائج تأجيج الصراع السنى الشيعى أيضاً اعتماد السعودية على منظمات متطرفة ومتشددة سنياً فى الصراع على أرض سوريا واليمن، والذى يكون من نتائجه القضاء على وحدة أرض وشعب سوريا. وأيضاً تمويل قطر للمنظمات المتطرفة فى ليبيا وفى مصر وتهديد الأمن القومى المصرى على حدودنا الغربية.

كل هذا غير ضلوع تركيا فى إيواء الجماعات الإرهابية وبث القنوات الإعلامية التى تدعمهم وتحرض فى كل لحظة على القتل والتدمير لمصر وجيش مصر. بالرغم من خطر الإرهاب الواضح على أراضينا المصرية فى الداخل وعلى الحدود، يعتبر البعض أن جماعة الإخوان جماعة معتدلة لا علاقة لها بالعنف، ويعتبر البعض الآخر أن المصالحة طريق لإنهاء العنف وللاستقرار. ويصدق الكثير من السذج مبادرات الصلح التى تقوم على اعتذار جماعة الإخوان، وكأنهم لا يعرفون أن الإخوان يتنفسون كذباً ويعيشون بيننا كالأفاعى والثعابين التى تلدغك وتبث سمها الزعاف لتقتلك من حيث لا تدرى. وكأنهم لا يعرفون أن الجماعة تقوم على مبدأ «التقيّة» ويقولون عكس ما يبطنون. كانت الجماعة تنادى بالديمقراطية قبل اعتلائها الحكم. وحين وصلوا إلى السلطة قالوا سنحكمكم 500 سنة على الأقل. وبدأوا فى تشريعات تكرس الاستبداد والديكتاتورية، وشرعوا فى هدم مؤسسات الدولة وجيشها لتحكم مؤسساتهم وميليشياتهم.

إن من يتزعمون الآن الكلام عن المصالحة من قيادات تيار الإسلام السياسى هم الذين سارعوا وكونوا تحالف دعم الشرعية لدعم الإخوان فى اعتصامهم المسلح فى رابعة والنهضة، ووقفوا على منصة رابعة والنهضة ليحرضوا على الفتنة والقتل واستباحة الدماء والأموال وتدمير المؤسسات وقتل الجنود وحرق دور العبادة.

من يتزعمون الآن الكلام عن المصالحة هم الذين ملأوا الدنيا صراخاً وأقسموا بالأيمانات المغلظة أنهم انشقوا عن الإخوان، وأنهم وسطيون ومعتدلون ولا علاقة لهم بالإخوان وكونوا أحزاباً أخرى. وكان هذا ياسادة تقسيماً للأدوار فيما بينهم وليس انشقاقا فعلياً عن الإخوان. وبالرغم من أن المادة «74» من الدستور تحظر قيام الأحزاب على أساس دينى فإنه مازالت هناك الأحزاب ذات المرجعية الدينية تعيش بيننا، بل ويقدم البعض منها نفسه للولايات المتحدة الأمريكية على أنه بديل للإخوان، سيقوم بدورهم ويكمل مخططاتهم فى تفتيت مصر وتقسيمها. وبمناسبة الكلام عن الأحزاب الدينية فإننى أدعم وأحيى مبادرة الشباب فى تكتل القوى الثورية، والحملة التى يقومون بها لحل الأحزاب الدينية، وأتضامن معهم فى وسائلهم بما فيها تقديم مذكرة إلى النائب العام لحل الأحزاب الدينية.

وأشير فى السطور المقبلة إلى أنه لابد من تحديد التناقض الرئيسى والذى على أساسه نخوض النضال الآن، ونضع التكتيكات. ووجهة نظرى التى تتفق مع بعض القوى الاشتراكية أن التناقض الرئيسى مع تلك الجماعات الإرهابية، ومع جماعة الإخوان لأنهم لا يؤمنون بالدول القومية بما فيها مصر، ويريدون ما يسمونه بإحياء دولة الخلافة. وفى الوقت نفسه الذى نقف فيه ضد الإرهاب، نقف وبنفس القوة ضد الفساد والاستبداد، أو عودة رجال نظام المخلوع، بمعنى أن الإرهاب والفساد وجهان لعملة واحدة، وأننا نقف مع إرادة الشعب المصرى الذى قدم الشهداء فى ثورة يناير 2011 وأسقط نظام الفساد والاستبداد والتبعية. وفى ثورة يونيه 2013 أسقط نظام الاستبداد والفاشية والتبعية والمتاجرة بالدين، نظام مرسى المعزول. إن مواجهتنا للإرهاب والفساد تسير بشكل متوازٍ مع مطالبتنا بتحقيق أهداف الثورة فى الحرية واستقلال الإرادة الوطنية والعدالة الاجتماعية. إن مواجهة الإرهاب ليست بالأمن فقط ولكن بتحقيق التنمية الشاملة الإنتاجية والعدالة الاجتماعية التى تقوم على تعبئة الموارد المصرية، وبالسواعد المصرية والأموال المصرية، وتقوم على اقتصاد القطاع العام والقطاع التعاونى والقطاع الخاص.

إن مواجهة الإرهاب بتكاتف جهود الثقافة والإعلام والتعليم والمؤسسات الدينية فى نشر الفكر المعتدل المتسامح، وبتعليم ينمى الانتماء والمعرفة. إن مواجهة الإرهاب بسن قوانين تحارب الفساد والبيروقراطية. إن مواجهة الإرهاب بإطلاق المزيد من الحريات فى الفكر والإبداع وإنشاء دولة المساواة والمواطنة وعدم التمييز. احذروا جميعاً، حكاماً ومسئولين وسياسيين، الشعب المصرى لن يسمح بتصالح المصالح على حساب دماء شهدائه وتفتيت أرض بلاده. احذروا غضبة الشعب المصرى، واحترموا إرادة الملايين التى أسقطت نظام الفساد ونظام المتاجرة بالدين