رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أنقذوا مصانع السكر المصرية!!


مصنع جرجا للسكر يستعد للإغلاق أنقذونا!، كانت نص الرسالة التى وصلتنى من صديق مهموم بصالح الوطن، ومثلها أيضاً جميع مصانع السكر العريقة والتى أسسها عبود باشا من مائة عام ومتزامنة مع إنشاء طلعت حرب لقلاعنا للنسيج والتى ضاعت أيضاً بفضل تجارنا الشرفاء الذين يتفنون فى استيراد كل شىء من أجل أن تبقى التجارة فقط ويموت العمال والفلاحون. القصة أن وزير التموين القادم من الغرفة التجارية بخطة محكمة لتدمير مصانع السكر المصرية ولسيطرة التجار على أسواق وأسعار السكر فى مصر اجتمع الأسبوع الماضى مع مجالس إدارات شركات السكر المصرية التى قاربت على الإفلاس لبحث مستحقات الفلاحين لدى شركات السكر والتى قاربت على ثلاثة مليارات جنيه مصرى ومضى على استحقاقاتها ستة أشهر على الأقل منذ توريدهم للقصب والبنجر فى يناير وفبراير الماضيين، فى حين أن المديونية نفسها كانت لبنك التنمية ضد للفلاح فأخذوا أحكاماً بحبس آلاف الفلاحين وبيع أراضيهم. وبدل من أن يتباحث وزير التموين معهم فى كيفية استرداد حقوقهم ويعد بسحب السكر الراكد فى مخازن الشركات، اشتغلهم وأخذهم بعيداً وتحدث عن عمل لوجو لسكر المصانع المصرية واسم تجارى وخلق سوق تصدير للسكر الحكومى فى جهالة تامة لأن هؤلاء الفلاحين والصناع لم يجدوا سوقاً فى بلدهم لمنتجهم من السكر والمطلوب منهم منافسة هذا السكر فى الخارج والذى لم يستطيعوا منافسته فى بلدهم وأراضيهم ووسط حماية حكومتهم!!. هذه الإشغالة فى تنفيذ مخطط التجار لا تدخل على طفل أو فلاح وليس خبيراً ولا متخصصاً، فالجميع يعلمون أن قصب وبنجر السكر يزرعون فى الخارج دون جهد أو أموال أو تخطيط يعنى «ببلاش» فالقصب يزرع فى البرازيل وتايلاند والهند ودول جنوب شرق آسيا على الأمطار ويزرع بنجر السكر فى أوروبا على الأمطار الغزيرة بينما القصب فى مصر يروى بعمالة وتكاليف وأسمدة ومبيدات وبالتالى لا يمكن للسكر «أبو فلوس» أن ينافس السكر «أبو بلاش»، وطالب كلية الزراعة الذى مازال فى السنة الأولى يعلم أن مصر ليس لديها ميزة نسبية فى صناعة السكر للمنافسة الدولية فسعره العالمى حالياً فى حدود الجنيهات الثلاثة بينما سعر المحلى فى مصر لا تقل تكاليفه عن أربعة جنيهات ونصف جنيه بسبب ما تفرضه الدولة من أسعار على تسلم القصب من المزارعين لتحقيق أرباح قليلة. ولأن قانون التجارة العالمى يعطى لكل دولة الحق فى حماية منتجها الوطنى فكان لا بد لمصر أن تفرض رسوم إغراق على السكر المستورد رغم تحايل التجار باستيراد السكر الخام من الخارج وتكريره فى المصانع المصرية ولكن الأمر أدى إلى أن مصر التى تستورد 32% من احتياجاتها من السكر أى فى حدود 2 مليون طن وتكتفى ذاتياً بنسبة 68% فقط أى ينبغى أن تستهلك إنتاجها المحلى من السكر أولاً ثم تستورد الفجوة السابقة، إلا أن وزير التموين العبقرى الذى أبهر الشعب المصرى بأفكاره سابقاً بأن مصر ستستورد القمح وتصدره أيضاً أى تستورد القمح الأجنبى الدرجة الثانية وتصدر القمح المصرى الممتاز! وأيضاً بالفهلوة ودون قوانين دولية سوف تصدر القمح الفرنسى والأمريكى والروسى الذى ليس من إنتاجها، لأن العلم فى مصر والتخصص أصبح بالفهلوة مثل كل الفهلوات التى طرحها وزير التموين ولم ولن يتحقق منها شيئاً، ومع ذلك فما زال هناك من يستمع لهذا الرجل ويحاول أن ينتزع منه الحقيقة. الوزير العبقرى فرض السكر المستورد لأصدقائه على بطاقات التموين وفى المجمعات بسعر 4.75 جنيه بينما وضع سعراً أعلى للسكر الوطنى 5.25 حتى تكون المنافسة محسومة لصالح سكر التجار، والأمر السابق الذى تربينا عليه فى وزارة التموين منذ عملى فى هيئة السلع التموينية عام 2005 بأن وزارة التموين ملتزمة باستلام السكر المحلى كاملاً وبهامش ربح بسيط يسمح للمصانع الوطنية بالاستمرار، ولكن الأمر تغير مع قدوم وزير التموين فلم يسحب السكر المحلى ووصل الراكد الآن إلى 4.2 مليون طن فى مخازن المصانع ولم تعد قادرة على سداد مستحقات الفلاحين الغلابة بعد أن نهب التجار والمستوردون حقوقهم فى حماية الوزير ولم يعد لديهم إلا التوقف عن زراعة القصب والبنجر ولم يعد أمام المصانع المصرية فى كل من الصعيد والدلتا إلا أن تغلق إكراما لوزير جاء من عند التجار بخطة محكمة لتدمير صناعة السكر المصرى ثم لتدمير القمح المصرى وبلا صناعة وبلا زراعة وبلا وجع قلب يكفينا التجارة والاستيراد وليسقط الجنيه المصرى إلى الحضيض وليرتفع الدولار واليورور وتمتلئ خزائن المستوردين من دماء فقراء الفلاحين.

كلية الزراعة جامعة القاهرة