رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل اليتيم من فقد أمه وهو صغير؟


قالوا لنا: إن اليتيم هو من فقد أمه وهو صغير.. هذا ماغرسوه فى عقولنا.. وصدقناه.. وتناسوا أن اليتيم حالة قد تلازم الإنسان فى كل مراحل حياته.. صغيرا كان أم كبيرا شابا كان أم كهلا.. فعندما تتوقف عقارب الساعة ويستشعر الإنسان حاجته إلى الحنان.. يسترجع أيام الماضى الجميل والزمن الوارف.

... ومن منا لا يحتاج إلى همسات الأم التى كانت تشنف الآذان.. العفوية والفطرة السليمة التى لم تعرف يوما التصنع أو الكذب.. من منا لم يفتقد حنانها وأصابعها الندية التى كانت تتخلل خصلات الشعر ثم تتوجها بقبلة فى فروة الرأس.. تذهب الصداع وتذيب ماعلق فى النفس من آلام..

من منا لايتذكر الطبطبة على الكتف التى كانت مدخلا لغرس السكينة والطمأنينة فى القلوب.. وتزيل ماعلق فى الصدر من ضيق ورعونة.. من منا يتناسى دفاعها المستميت أمام طيش الصغر وما أكثرها وما كان ينتظرنا من عقاب مؤلم من الوالد أو الشقيق الأكبر.. من منا يتناسى درايتها فى تدبير الأمور وإن افتقرت اليد وقل الزاد.. أشياء جميلة اندثرت وافتقدناها من حياتنا بعد رحيل الأم.. لقد كانت المعلمة والمديرة إن لم تحصل على شهادة محو الأمية.. حالة الاتزان النفسى التى كانت إحدى سمات الأسرة المصرية والتى لايمكن إنكار تلاشيها هى من رسخت لها الأم الفلاحة البسيطة التى كانت تقوم بدورها فى الزراعة والحصاد صباحا ثم تعود لتوها إلى بيتها المتواضع لتقوم بدورها كوزيرة الاقتصاد والثقافة والتعليم.

مأثورات وحكم كثيرة عاش عليها الناس خرجت من أفواه الأمهات.. وكانت دستورا لكل الأبناء والأزواج.. قبل أن نسقط فى مستنقع العصرنة والتحديث والزمن الآخر.. للأسف تلاشت هذه القيم التى رسخت لها الأم تحت مسميات وأسماء ما أنزل الله بها من سلطان وما نحياه يختلف عما كانوا يعيشونه إلخ المصطلحات العفنة.. والثمرة حالات من التفسخ والتشرذم أصابت كل مناحى الحياة . مرات عديدة يتمنى فيها الإنسان أن يعود إلى طفولته لينعم بحنان الأم ودفء المشاعر ولكن هيهات فالعجلة لاتعود للوراء وعقارب الساعة كذلك فالأم مدرسة إذا أعددتها.. أعددت شعباً طيب الأعراق هذا ما نقوله فى المناسبات وعند الاحتفال بعيدها ثم سرعان ما نتناسى.. فهل تعود أمى أو يعود زمانها؟؟؟ للأسف لن تعود؟

باحث وكاتب إسلامى