رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صدقة لله


لا أعرف سر عشقى لميدان طلعت حرب بوسط القاهرة.. ونظراتى التى لا تتوقف لرؤية الرجل الذى نال شهرة واسعة فى عالم الاقتصاد.. وربما زاد تعلقى بهذه المنطقة ترددى منذ بدايات زياراتى الأولى لقاهرة المعز على مكتبة مدبولى وحرصى الدؤوب على التزود بكل ماهو جديد فى عالم المعرفة.. وطبقا للامكانيات المتاحة فى كل مرحلة عمرية.. غير أن مالفت نظرى فعلا واسترعى انتباهى هذا الرجل الذى لم يغيره الزمن ومازال واقفا فى مكانه فى الجهة المقابلة لمكتبة الشروق.. ويحمل فى يديه ميكروفونا صغيرا..

فهو دائم على طلب الصدقات لبناء المسجد الفلانى ولاأدرى هل هو مسجد واحد أم هى مساجد متعددة.. المهم أنه تخصص مساجد.. ومتى يتم الانتهاء من تشييدها.. الله أعلم مرة واحدة تجرأت وقدمت له تبرعا متواضعا فإذا به يعطينى إيصالا.. وقلت الحمد لله ان الرجل يقوم بدوره طبقا لما رسمة القانون والدستور.. إلا أننى بعد أن تركته لعدة خطوات تفحصت الايصال فإذا بى افاجأ أننى شربت المقلب..

فالايصال منتهى الصلاحية.. صحيح أنه صادر عن أمر جمع مال من وزارة التضامن إلا أنه فاقد الأهلية، حيث مر على الموافقة أكثر من عامين.. فكرت مليا أن أعود لتوى إلى الرجل الذى غرر بى.. لكن ما لبثت أن تراجعت فالناس ربما يتعاطفون معه وأتعرض لموقف محرج أنا فى غنى عنه وهذا أضعف الإيمان.. وقد يمتد الأمر إلى علقة ساخنة من المحبين.. وهذه طامة أخرى.. الرجل المنادى فى طلعت حرب ليس وحده ولكن هناك أمثاله كثيرون.. وليس أمامنا نحن إلا أمرين إما الدفع أو الصمت.. هؤلاء يتبارون باقامة المشاريع الخيرية بعيدا عن أعين القانون.. والمراقبة.. نحن مع إقامة المشاريع التى تخدم الغلابة وتشجيع الجهود الذاتية لبناء المساجد والمستشفيات وغيرها تحت مظلة القانون وعبر لجان تتوج عملها بالمكاشفة والمصارحة وتقديم كشف حساب من باب حتى يطمئن قلبى.. لكن أن يترك الحبل على الغارب دون مراقبة فأنا أعتقد أن الأمر يثير الكثير من الشكوك والريبة.. والمؤسف أن هؤلاء فى الغالب الأعم يحققون ثروات هائلة وطائلة..

والطريقة سهلة لاتحتاج إلى عناء أو نصب.. فالحكاية من أولها إلى آخرها لا تكلف إلا جلباباً قصيراً وإطلاق اللحية.. والباقى على الله، وبالمرة حفظ عدد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التى تدعو إلى الانفاق فى سبيل الله.. فهل يمكن أن تقنن الصدقات عبر تشريع يضمن وصولها إلى المشاريع التى تخدم البلاد والعباد.. أم أنها ستظل سبوبة ولا بأس أن توجت بشعارات إسلامية لدغدغة مشاعر العامة كما حدث معى أنا شخصيا.. هذا ما ننتظره؟

باحث وكاتب إسلامى