رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شاهد.. "الدستور" ترصد مؤامرة "حرائق الفجالة"

جريدة الدستور

عقارات تشتعل ولا يعلم أحد من الجاني، بيوت تهدم دون إخطار ساكنيها، صرخات ونظرات تكسوها الحزن وخيبة الأمل بين أصحاب محلات يشردون بين الطرقات ويفترشون بضاعتهم على الأرصفة، هذا حال منطقة "الفجالة" خلال العام الأخير، فكل ليلة يستيقظ سكان العقارات على حادث حريق أو إزالة عقار.

"شيء دبر ليلا" كلمات ترددت على ألسنة أصحاب المحلات المتضررين من هدم العقارات، حيث سقطت 3 عقارات في شهور متقاربة خلال عام، واتهم أصحاب المحلات وسكان أحد العقارات مالك المنزل بتدبير هذه المؤامرة، لاسترداد قطعة الأرض وبيعها بسعر يساوي أضعاف ما يجنيه من إيجارات دون الالتفات إلى مطالبهم، فتتحول منطقة الفجالة من تراث قديم مزين بالعقارات الأثرية إلى منطقة تنتشر فيها الأبراج السكانية.

الحرائق بفعل فاعل.. و"المحابس مقفولة"
6 شارع كامل صدقي، شهد هذا العقار حريقا هائلا يوم الإثنين رابع أيام عيد الفطر، واستمر فريق الحماية المدنية في إخماد النيران لمدة أسبوع، ولم تتم معرفة السبب الحقيقي للحريق حتى الآن.
روى أحمد محمد، أحد ساكني العقار، تفاصيل يوم الحريق، قائلا: "سمعنا دوشة الساعة 5.30 صباحا، فكرنا حد بينقل بضاعة فتحنا الباب لاقينا النار محوطانا من كل حته"، مضيفًا أنه عند فتحه لباب الشقة اكتشف وجود مواد قابلة للاشتعال على أبواب المنزل ما يؤكد أن الحريق بفعل فاعل.
وأشار إلى أنه يوم الثلاثاء الساعة الثالثة فجرا رأوا بلدوزرات تهدم في المبنى والسكان نائمين، وذهبوا للحي والمحافظة يتساءلون عن هوية هذه البلدوزرات فكان الرد "مش إحنا ومنعرفش حاجة".
وقال أشرف حمدي، صاحب مكتبة العالمية بالفجالة، إنه تم إبلاغه بالحريق في الساعة السادسة صباحا، وبمجرد وصوله إلى مقر الحريق وجد النار قد اشتعلت في العقار بأكمله، معلقا على الشائعة التي انتشرت بأن سبب الحريق هو ماس كهربائي "أول أما النار ولعت السكان دخلوا يفتحوا المياه علشان يطفوها لقوا المحابس مقفولة ومفيش مياه يبقى إزاي ماس كهربائي ؟!" 
وأشار إلى أن الحريق بفعل فاعل، حيث نشبت العديد من المشاكل بين أصحاب المحلات وسكان العقار ومالكه، حيث أن المدعو أحمد القوصي قد اشترى العقار من الورثة، مضيفًا أنه قرر تبديل عقود السكان من إيجار قديم إلى إيجار جديد، ولكن السكان أبدوا رفضهم التام، فرفع القوصي دعوى قضائية لطرد السكان ولكن حالفهم الحظ وكسبوا الدعوى.
وأضاف أنه بعد انهيار عقارين في نفس الشارع بدأ صاحب العقار يسير في الإجراءات لصدور قرار إزالة للعقار وطرد السكان، فأتوا بمستشار هندسي لمعاينة العقار إذا كان يريد التنكيس أم لا، وكتب المستشار تقرير بحالة العقار يقول إن العقار أصوله متينة وليس بحاجة لإزالته، مشيرا إلى أنه عند مجيء فريق تنفيذ الإزالات من الحي لهدم العمارتين سمعوا "الدور على العمارة ديه".
وتابع: "إحنا بندور على اللي يأكلنا ويجبلنا قوت عيالنا، وناس بدور تقطع رزقنا".
وقال إنه حتى الآن لم نر قرار إزالة للعقار عقب الحريق، وبالرغم من ذلك رجال الحماية المدنية يهدمون المبنى بالبلدوزرات، ما يزيد الأمر صعوبة على معرفة السبب الحقيقي للحريق فهم بذلك يخفون معالم العقار ويطمسون الحقيقة.
"بتهم صاحب البيت هو اللي ليه مصلحة، لأنه رفع قضايا على سكان البيت عطشان يغير العقود ويدفعوا إيجارات جديدة والناس كسبوها، وعرض عليهم أنهم يخلوا البيت قبل كده لكنهم رفضوا"، هذه كلمات الخطيب عبد الحكيم، ساكن في العقار المحترق وصاحب محلات في نفس العقار عن حادث الحريق، مضيفا أن صاحب العقار لديه موظفون يسكنون في نفس العقار، ومتواجدين دائما آخر أيام العيد لبدء العمل، ولكن في يوم الحريق لم يتواجدوا في منازلهم، وذلك كان عمدا لأنهم مشاركون في الحريق.

واستنكر قرارات الإزالة التي شهدتها منطقة الفجالة في الآونة الأخيرة، حيث تم إزالة 3 عقارات خلال هذا العام، معلقا "غيروا معالم شارع الفجالة في سنة واحدة".

قرار إزالة يتسبب في تشريد 20 أسرة بالفجالة

صدر قرار بإزالة عقار بمنطقة الفجالة من قبل حي الأزبكية، وذلك بالرغم من أن أصحاب المحلات قدموا طلبا بتنكيس الطابق الثاني وإزالة الطابق الثالث من العقار، وتمت الموافقة عليه من الحي منذ عام 2008.
القرار أدى إلى قطع مصدر رزق 20 أسرة، وأكد أصحاب المحلات أن صاحب العقار، تواطأ مع موظفي حي الأزبكية حتى يزيل العقار، وبذلك يعود النفع على صاحب العقار بحوالي 90 مليون جنيه من خلال بيع قطعة الأرض.

وأضافوا لـ"الدستور"، أن موظفي الحي لم يملكوا أي قرار بالإزالة ولم يكن هناك سابق إنذار، وتعاملوا بكل عنف معهم، قائلين: "بيزيلوا العقار كأنهم بيحاربوا إرهابيين" -على حد قولهم-.
"أنا بهد المكان اللي ببني فيه بقالي 20 سنة"، هكذا عبر محمود رمضان، أحد المتضررين، على قرار الإزالة، لافتًا إلى أن القرار صادر عن طريق "المحسوبية" بين رئيس حي الأزبكية وصاحب العقار لتشريد الأسر وأصحاب المحلات بالشوارع، مضيفًا: "علينا ديون بأكثر من 300 ألف جنيه".

وأعرب عاطف لطفي، أحد المتضررين، عن غضبه الشديد لإزالة محله التجاري بالفجالة، وهو مصدر رزقه الوحيد، مشيرًا إلى أنه هناك قرار صادر من المحكمة بوقف تنفيذ قرار الإزالة للعقار والمحلات التجارية والتي كان من المقرر أن تعقد الجلسة يوم 16 إبريل الجاري.
وقال محمد السيد، أحد العاملين بالمحلات التجارية المتضررة، إن رئيس حي الأزبكية متواطئ مع مالك العقار، على الرغم أن لديهم قرار صادر من المحكمة بـ"تنكيس المنزل"، مضيفًا أنهم دفعوا لحي الأزبكية 50 ألف جنيه لتنفيذ القرار منذ عام 2010، إلا أنهم تقاعسوا عن "التنكيس"، قائلًا: "طردنا طردة الكلاب محلاتنا ومفيش حد واقف معانا".

حي الأزبكية" "الهدم أولا.. وليس لدينا علاقة بالمتضررين"

قال المهندس سيد عبدالفتاح، رئيس حي الأزبكية، إن إصدار قرار الإزالة للمنازل القديمة من قبل رئاسة الحي نظرًا لخطورتها الداهمة حتى لا تسقط على سكانها.
وأضاف عبدالفتاح، في تصريح خاص لـ"الدستور"، أن أصحاب المحلات المتضررين من العقار المحترق بالفجالة لهم الحق في المطالبة بتعويضات من خلال رفع دعوات قضائية للحصول على مقدار الضرر الذي لحق بهم، مشيرا إلى أن الحي يعوض للسكان بمنازل أخرى، وليس له علاقة بأصحاب المحلات التي تواجدت في العقار.

وأشار إلى أنه في انتظار صدور قرار وزارة الإسكان لهدم العقار المحترق في 6 شارع كامل صدقي لكونه مبنى متميز ومحظور هدمه إلا بقرار من الوزارة.

وعن أقاويل عدد من سكان العقار المحترق بوجود شبهة جنائية أدت لحرق العقار أكد عبدالفتاح، أن هناك تحقيقات نيابة عامة وتقرير البحث الجنائي لإثبات ذلك.

وأوضح أن العقار احترق فجر اليوم الإثنين، وخلال الساعات الأولى من احتراق العقار سقطت الجهة الخلفية والأسقف، ولم يطل الأمر حتى سقطت الوجهة الأمامية للعقار عقب يومين من احتراق المبنى.