رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل إثيوبيا عدو أم صديق؟!


العمل فى السد يستمر على قدم وساق ووزير الرى الإثيوبى يعلن الإستعداد من الآن لبناء السد التالى ويحضر مفاجأة لمصر بالإعلان عن سدين جديدين، وبالتالى فلا استعجال ولا حاجة للمفاوضات وقد لا يحضر الوزير الإثيوبى وتابعه السودانى وليعلن الوفد السودانى بعد المباحثات الأخيرة استغرابه البالغ من إصرار مصر على وقت محدد لعمل المكتب الاستشارى ويرى أنه ينبغى أن يترك الوقت مفتوحاً لهذا العمل

عند تشخيص ما يجرى من مباحثات اثنين ضد واحد المعروفة باسم مباحثات سد النهضة بين مصر من جانب وإثيوبيا والسودان من الجانب الآخر نجد أن الأمر يسير فى اتجاه اللامبالاة من الطرف الإثيوبى السودانى بعد انتزاع موافقة مصر على بناء السد بضغوط سودانية تلعب المصالح دوراً رئيسياً فيها، وحسابات مصرية خاصة ببناء ثقة ومحو عداوة وسوء ظن مترسخ فى الفكر الإثيوبى ولكنه لن يؤتى ثماره أبداً، لأن من شب على شىء شاب عليه ومن تربى على الكراهية لن يعرف التسامح والتعايش أبداً مهما تقدم به العمر. الأمر ببساطة أن إثيوبيا لا تريد أى شىء آخر من مصر وسواء انعقدت المفاوضات أم لم تنعقد فقد حصلت على غايتها بالموافقة على بناء سلاسل سدود على النيل الأزرق تبدأ بالنهضة ثم أربعة سدود خلفه سيكون المتبخر فقط من بحيرات هذه السدود يعادل نصف حصة مصر من مياه النيل ويصبح لمياه النيل مقبض ومحابس تفتح للمياه أو تغلقها لمن يدفع فقط والحجة الجاهزة توليد الكهرباء ومحاربة الفقر بينما السبب الحقيقى هو الكراهية والظن بأن مصر تقدمت بسبب مياه إثيوبيا وأن إثيوبيا تأخرت بسبب المياه التى تخرج منها إلى مصر.

وأن الوقت قد حان لتستأثر دولة المنبع بالمياه التى تسقط عليها مطبقة شريعة الغاب والتى بالتأكيد ستجر المنطقة إلى حروب شعواء كان أول من سماها وتوقعها هو الرئيس السادات وأطلق عليها بأنها حرب المياه القادمة فى المنطقة والتى ستكون بسبب المياه سر الحياة. المشكلة أن الوفد المصرى الذى أقر بأن المفاوضات التى تنتهى إلى مكاتب استشارية لن تكون قراراتها ملزمة لأى جانب، عاد ليخدع شعبه بأن قرارات المكتبين الاستشاريين هى التى ستحدد سنوات ملء خزان سد النهضة الكارثى بسعة 74.5 مليار وعشرة أخرى للبخر والتسرب من قاع أرضية البحيرة وهى التى ستحدد إن كان السد كارثياً وضاراً بمصر أم أن أثاره الضارة قليلة وتستحق تعويضات متى كان الوقت مناسباً!!.

الأمر الحالى بأن العمل فى السد يستمر على قدم وساق ووزير الرى الإثيوبى يعلن الإستعداد من الآن لبناء السد التالى ويحضر مفاجأة لمصر بالإعلان عن سدين جديدين، وبالتالى فلا استعجال ولا حاجة للمفاوضات وقد لا يحضر الوزير الإثيوبى وتابعه السودانى وليعلن الوفد السودانى بعد المباحثات الأخيرة استغرابه البالغ من إصرار مصر على وقت محدد لعمل المكتب الاستشارى ويرى أنه ينبغى أن يترك الوقت مفتوحاً لهذا العمل وليستغرق ما يشاء حتى لو انتهى بعد السد الخامس لإثيوبيا فقد انتهى وولى زمن تفوق العقلية المصرية. وللإجابة عن السؤال المطروح فى عنوان المقال والهرولة غير المسبوقة من مصر إلى إثيوبيا مكذبين ظنوننا اليقينية فى مسلك الجانب الإثيوبى بنيتهم فى الاستئثار بمياه النيل كاملة والتحكم فى المقدرات المصرية حتى تعلو إثيوبيا عن مصر وهذا ظن خاطئ ولم تنجح فيه أمريكا مثلاً لا مع اليابان ولا مع ألمانيا وكلاهما يحتل أسواق العالم اقتصادياً بما فيها الأسواق الأمريكية رغم الهيمنة الأمريكية الكاملة على مقدراتهم وليس الظن بالشروع فى الهيمنة كما يتصور الجانبان السودانى والإثيوبى.

تصريحات الرئيس الإثيوبى السابق ضد رئيس مصر السابق حسنى مبارك ورئيس مخابراته عمر سليمان بأنهما من الشياطين لا ينطبق أبداً على دولة صديقة تتحدث عن جارتها بل عن عدوها وعدوتها. استغلال أحداث ثورة يناير 2011 للإعلان عن بناء أضخم سد فى القارة الأفريقية لا يدل إلا على استغلال مقيت لدولة متربصة بجارتها القوية لتنفيذ مشروع ما ينبغى له أن يتم أبداً تحت الظروف العادية. قيادة دول منابع النيل الأبيض للانقلاب على مصر والاستئثار بمياه النيل، واعتقادهم بأن الزمن بدأ فى مايو 2010 وقت توقيع اتفاقية عنتيبى وأن كل ماسبق من اتفاقيات وعهود كانت أوهاماً. حذف كل بنود الإخطار المسبق فى إقامة السدود الواردة فى اتفاقية الأمم المتحدة لمياه الأنهار لعام 1997 والاكتفاء ببنود الاستخدام العادل والمنصف للمياه وموافقة مصر عليها لشىء عجيب وكأننا نرفض القوانين الدولية التى تقر بحقوقنا ونرتضى بالقوانين الإثيوبية السودانية التى تُنهى حقوقنا.

الاعتراف بالسيادة المطلقة على الأنهار المشتركة التى رفضها العالم أمر شديد العجب من الجانب المصرى. لجوء إثيوبيا إلى إسرائيل ثم إلى قطر وتركيا وإيران ثم إلى الإمارات وقت مشاكلها مع النظام الدينى الذى حكم مصر وضبطها لخلية انقلابية ضد حكمها وإلى أى دولة على خلاف مع مصر يؤكد أننا أمام دولة متربصة بمصر وتعانق وتقترب من أعداء مصر وتستغلهم وبشدة. إثيوبيا ليست بصديق.

جامعة القاهرة