رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الوطنية الزائفة للفنانين!


فنان كبير قال لى «الدولة تخشى الفنانين وتجاملهم» وهى عبارة صحيحة بنسبة كبيرة لأنها صادرة عن واحد من أهم الفنانين ثقافة ووطنية على الساحة الآن، فخلال الخمسين سنة الماضية الفنانون المصريون هم نجوم المجتمع وقدوة شبابه تمتعوا بكل شىء الشهرة والمال والتكريم المادى والاجتماعى والمقابل لا شىء، قليلة جداً هى أعمالهم الفنية المحترمة التى قدموها لمصر وللعالم وقليلون أيضا الفنانون المصريون المحترمون، ويدل على ذلك زيادة نسبة مشاهدة الأفلام والمسلسلات الأبيض والأسود حتى بين الأطفال وترحمنا على أيام إسماعيل يسن وأنور وجدى وفريد شوقى والمليجى وأم كلثوم وعبدالوهاب وحليم وغيرهم، كانوا بالفعل عمالقة فى الفن والطرب وسفراء حقيقيين لمصر وقوتها الناعمة وكان لهم دور وطنى مهم فى الأحداث التاريخية التى شهدتها مصر بأعمالهم الفنية الخالدة، والتى مازلنا نستحضرها عند الحديث عن ثورتى يناير ويونيه لعدم وجود عمل فنى محترم يعبر عن الثورتين، فنانو الزمن الجميل قدموا أعمالاً كبيرة ولم يحصلوا على 1% مما حصل عليه فنانو هذا الزمان بالعكس القدماء ساعدوا البلد فى محنتها والحاليون يدمرونها بأعمالهم التى تثير شفقة إسرائيل علينا ويكاد يقول لهم إبليس اتقوا الله فى مصر.

رئيس الجمهورية طالبهم بفن محترم وقال لهم «ربنا سوف يحاسبكم على أعمالكم» وكانت النتيجة زيادة فى الإسفاف بمسلسلات وبرامج أخطر على مصر من الإرهاب والتطرف الدينى، مليار ونصف المليار تم إنفاقها على دراما الفجور والشذوذ والبلطجة والرقص والجنس والمخدرات وعلى برامج تهين مصر يتم تصوير معظمها فى أجمل مناطق دبى وبيروت وقبرص وكأننا وبأموالنا نروج للسياحة فى هذه المدن ونظهر جمالها فى الوقت الذى نسلط فيه الضوء على القبح فى مصر ونظهر شعبها يتسول طعامه وشرابه وعلاجه من خلال أيضا إعلانات تشترك مع المسلسلات والبرامج فى إهانة المصريين، كل هذا يفعله الفنانون المصريون فى بلدهم ومع ذلك الدولة مازالت تخشاهم وتكرمهم ويصطحبهم الرئيس معه فى جولاته الخارجية والداخلية، أين دورهم الاجتماعى؟

حتى الأعمال الوطنية التى يشاركون فيها غالباً ما تكون مدفوعة الأجر؟فالوطنية عندهم بمقابل رغم دلع الدولة لهم، أين تبرعات الفنانين لصندوق تحيا مصر رغم الملايين التى يتقاضونها؟ أين مشروعاتهم الخيرية للفقراء مثل فنانى العالم؟ بل معظمهم يتهرب من سداد الضرائب عن أجورهم الحقيقية، وينافقون أى نظام حتى الإخوان، أكيد هناك محترمون ولكنهم قليلون مثل الفنان محمد صبحى الذى قدم أعمالاً جادة ومحترمة ومهموم بسكان العشوائيات. يجب أن تقف الدولة ضد الإسفاف والتافهات التى تدمر الوطن والمواطن، حتى لو كانت من إنتاج القطاع الخاص يُشعل النيران فى أمواله أفضل من إنفاقها فى حرق البلد، يجب أن نشعر بعودة هيبة الدولة وأن الحكومة تخاف على الشعب وتحميه من الفن الهابط فالدنيا ليست فوضى والإبداع حرية مسئولة، ويجب أن يعود الفن أسلحة ناعمة لمصر فى الخارج وليست أسلحة لتدميرها من الداخل، ربنا يحفظ مصر.

مذيع ومدير عام بالإذاعة المصرية