رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حصاد الاقتصاد فى عام السيسي.. إنجازات وملفات غائبة ومعارك مؤجلة

السيسي
السيسي

مضى العام الأول من حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي بعد شوطاً كبيرًا قطعه الرجل وحكومته من أجل تذليل العقبات أمام الاستثمار ودفع قطار التنمية إلى الأمام وتحريك المياه الراكدة بالاقتصاد المصري طوال 4 سنوات مضت على ثورة 25 يناير بل وعقود من الفساد والترهل الإداري بالدولة ما أفقدها بريقها الاستثماري.

قطع السيسي وحكومة المهندس إبراهيم محلب مسافة كبيرة في هذا الصدد ونجحوا في تحقيق العديد من الإنجازات لعل أبرزها هو تدشين مشروع قناة السويس الجديدة والذي قارب على الإنتهاء إضافة مؤتمر شرم الشيخ لدعم وتنمية الاقتصاد المصري وإقرار قانون الاستثمار الموحد وقرار ترشيد الدعم، خطوات حسبها الخبراء والمراقبون بالإيجابية والتي أنعكست بالتالي تصنيف مصر الائتماني ونظرة المستثمرين المتفائلة لمستقبل التنمية في مصر.

على جانب آخر، رصد الخبراء بعض السلبيات في السياسة الاقتصادية الرئيس آملين أن تكون محل نظر خلال العام القادم من حكمه أبرزها تأثر الفقراء والبسطاء بقرار ترشيد الدعم وعدم لمسهم للتحسن الاقتصادي في الوقت الحالي ما يحتاج لعلاجات سريعة إضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم وتراجع قيمة العملة وعدم وضوح الرؤية الاقتصادية للدولة، منتقدين غياب دور الدولة في الاهتمام بمجالي الصناعة والزراعة.

فيما أكد الخبراء، أن عدد من الملفات الشائكة والتحديات ستكون في إنتظار الرئيس على طاولة العمل خلال عامه الثاني وأبرز تلك الملفات هو القطاعات الخدمية التي تمس المواطنين مثل التعليم والصحة وامتصاص معدلات البطالة وتقليص الفجوة في عجز الموازنة المرشح للارتفاع خلال العام المالي الجديد، مؤكدين أن تفعيل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقعت خلال المؤتمر الاقتصادي وسرعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه يمثل أبرز التحديات أمام الرئيس خلال الفترة القادم.

نظرة تحليلة للسياسة الاقتصادية
قال الدكتور سرحان سليمان، الخبير الاقتصادي، إن أبرز العناوين الاقتصادية خلال العام الأول من حكم الرئيس السيسي هو ترشيد عملية الدعم في الطاقة والسلع التموينية من أجل تقليص عجز الموازنة نتيجة انخفاض الإيرادات، مؤكداً أن السيسي كان أول من تحلى بالجرأة الكافية لاتخاذ القرار لتقليل النفقات، مضيفاً أن أكثر من تحمل أعباء هذه السياسة كانوا هم الفقراء، موضحاً أن ذلك يأتي ضمن اشتراطات صندوق النقد الأجنبي والذي يعد الاقتراض منه بمثابة شهادة لتحرك الاقتصاد المصري إلى الأمام.

وأضاف: أن العام الأول من حكم السيسي شهد معدلات منخفضة للإنتاج القومي الإجمالي عن نظيراتها فيما سبق، مشيراً إلى أن هذا العام شهد تراجع المؤشرات الاقتصادية من إنخفاض لقيمة العملة وارتفاع لمعدلات التضخم، مؤكداً أنه على الرغم من ذلك فقد شهدت هذه الفترة عدة إنجازات ومكاسب.

ولفت سليمان، إلى أن ضمن هذه الإنجازات هو رفع العديد من المؤسسات الدولية لتصنيف مصر الائتماني بجانب الخوض في المشروعات القومية الكبيرة وإن كانت نتائجها لم تتجلى بعد مثل مشروع قناة السويس الجديدة، مضيفاً أن أحد أهم الإنجازات أيضاً هو قانون الاسثمار الموحد.

وتابع الخبير، أن بتقيم الموقف الاقتصادي بشكل عام خلال تلك الفترة يتأكد أنه لم يكن هناك سياسات اقتصادية مغايرة يمكن اتباعها في ظل ظروف سياسية معقدة سوى هذه السياسات التي شرع بها الرئيس السيسي وحكومته.

وأشار إلى أن غياب الخطة الاستراتيجية للدولة يمثل أحد أبرز العوائق أمام معالجة ملفات الفقر والتعليم والصحة، مطالباً بوجود مؤشرات أداء لتقيم ومحاسبة مسئولي هذه الملفات، مضيفاً أنه إذا كانت هناك رغبة للتقدم مثل ماليزيا والبرازيل التي تمكنت من تحقيق الطفرة خلال 8 سنوات في ظل ظروف أصعب من التي تمر بها مصر فيجب أن يكون هناك خطة استراتيجية ومؤشرات لقياس الأداء.

إنجازات.. وملفات غائبة

أوضحت الدكتورة عالية المهدي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي حقق عدة إنجازات خلال عامه الأول ونجح في الترويج لمشروع قناة السويس الذي فاق العمل به جميع التوقعات، مؤكدة أنه حقق نجاح أخر على مستوى المؤتمر الاقتصادي كأحد الأليات المأمول أن تحقق زيادة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وأضافت: أن السياسات التموينية ومنظومة الخبز حققوا نجاح ملحوظ، مشيرة إلى أن الاقتصاد المصري مرشح لتحقيق معدلات نمو أعلى خلال العام الحالي ما يعد أحد الإنجازات الاقتصادية إضافة لعدم ارتفاع معدلات البطالة وثباتها، منتقدة عدم وضوح السياسات الاقتصادية للدولة قائلة، إنه على الرغم من ذلك إلا أن السياسات الاقتصادية كانت غير واضحة سواء السياسة المالية أو النقدية أو أهداف السياسة الاقتصادية بشكل عام وما تسعى له تلك السياسة.

وقالت عالية المهدي: إنه سيكون على الرئيس مواجهة ملف التعليم الذي تحدث عنه الجميع ولم يقترب منه أحد بالنهاية، مؤكدة أن الملف الذي من شأنه المساهمة بشكل حقيقي في تطوير الدولة لم يشهد أي إنجاز ملموس في هذا المجال باستثناء استحداث وزارة للتعليم الفني لكن مراحل التعليم الأساسية لم تشهد أي تغير والتي تحتاج إلى تطوير جذري.

وتابعت: أنه على مستوى الأنشطة القطاعية لم يكن هناك اهتمام بقطاعي الصناعة والزراعة بالرغم من اعتبارهما الأعمدة الرئيسية لقيام أي دولة ناجحة، متابعة أن بالمقابل كان هناك اهتمام بـ3 قطاعات أخرى هي الطاقة –وهو قطاع بالغ الأهمية- والإنشاء والتشييد الذي يستوعب عمالة ضخمة لكن يؤخذ هنا أن أغلب الاستثمارات الجديدة القادمة من خلال المؤتمر الاقتصادي في مجال الإسكان الفاخر.

وأوضحت أستاذ الاقتصاد، أن القطاع الأخير هو الطرق والكباري والمواصلات، مؤكدة أن هذه القطاعات الـ3 شهدت إنجازات حقيقية خلال الفترة الماضية، إلا أن القطاعات المنتجة للسلع الأساسية مثل الصناعة والزراعة لم يشهدوا أي إنجاز ملموس، مضيفة أن نجاح الدولة في جذب المستثمرين لضخ أموالهم في مشاريع بالسوق المصري.

وأكدت أن التحدي الحقيقي للاقتصاد المصري سيتعلق بتوفير العملة والأراضي ذات الأسعار المناسبة والمناخ الملائم الميسر للإجراءات لهؤلاء المستثمرين، مضيفة أن تشجيع المستثمرين خاصة المصريين منهم في بداية الأمر ثم الأجانب على ضخ الاستثمارات في مجالي الصناعة والزراعة سيحدث فارق كبير بالاقتصاد المصري وحال المصريين.

3 تحديات حقيقية تواجه الرئيس
اعتبر الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، أن أكبر التحديات التي ستواجه الرئيس السيسي خلال عامه الثاني بحكم البلاد على المستوى الاقتصادي هي استئناف تنفيذ المشروعات والاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم التوقيع عليها خلال مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، فهي تمثل طوق نجاة للاقتصاد المصري.

وقال: إن بذلك يكون أول تحدي أمام الرئيس والحكومة خلال الفترة القادمة هو تفعيل وتيسير إجراءات تسجيل العقود وتحويل مذكرات التفاهم والاتفاقيات إلى عقود فعلية يتم تنفيذها على أرض الواقع ليشعر المواطن المصري بتحسن، مضيفاً أن التحدي الثاني أمام الرئيس هو عجز الموازنة العامة والذي يتوقع أن يتفاقم خلال العام القادم ليصل إلى 290 مليار جنيه.

وأشار السيد، إلى ضرورة وضع مجموعة من القيود التي من شأنها تقليص الفجوة في عجز الموازنة، متابعاً أن التحدي الثالث سيكون رفع معدلات التشغيل في مصر فعلى الرغم من تراجع نسب البطالة من 13.6% إلى 12.8% إلا أنه مازال هناك بطالة في مصر تصل إلى حوالي 6 مليون مواطن.

وشدد على أهمية فتح سوق العمل لتوظيف الشباب وامتصاص معدلات البطالة المرتفعة خلال المرحلة القادمة، مشيراً إلى أن ذلك يأتي بمشروعات واستثمارات جديدة، مشيراً إلى أن مصر حققت طفرة حقيقية خلال الـ6 أشهر الأخيرة حيث أحتلت المرتبة الأولى في جذب الاستثمار بـ18.8 مليار دولار بعدما كانت معدلات تفقد الاستثمارات الأجنبية تصل إلى نحو 2: 4 مليار دولار خلال سنوات 2012 وحتى 2014.

لوبي رجال الأعمال.. ومعارك مؤجلة
قال الدكتور رضا عيسى، الباحث الاقتصادي وخبير التجارة والأسواق: إن العام الأول من حكم الرئيس السيسي شهد العديد من التحديات والعقبات، مؤكداً أن الرؤية الاقتصادية للرئيس السيسي ستتضح خلال عامه الثاني، مطالباً أن تتميز هذه الرؤية بالإنحياز الاجتماعي من الرئيس بعيداً عن رجال الأعمال، مضيفاً أن الرئيس لديه معارك كثيرة مؤجلة وأولويات أخرى.

وأضاف: أن رجال الأعمال يتحكمون في الاقتصاد المصري ومصير البلاد ويعتقدون أنهم أقوى من الدولة، مشيراً إلى أن الفساد سيكون بمثابة معركة بالغة الأهمية ومن الضروري الإنتصار بها، مؤكداً أن كل هذه الملفات لا يمكن الخوض بها في وقت واحد ويجب تنسيقهم وفقاً للأولويات، مضيفا أن يتمنى أن تتجلى إنحيازات الرئيس تلك خلال المرحلة المقبلة من خلال القوانين والتشريعات.

وأكد الباحث الاقتصادي، أنه على الرغم من قيام الدولة ببعض المشروعات الصغيرة وسن بعض الآليات لدعم الفقراء والمهمشين إلا أنه ينبغي وجود تشريعات أكثر إنحيازاً لتلك الطبقات، مضيفاً أن السياسة الاقتصادية الحالية يبدو أنها ليست سياسة السيسي ولا تعبر عنه بأي حال من الأحوال وإنما هي امتداد لسياسات مرسي ومبارك والتي تراهن على رجال الأعمال لا التنمية المستقلة.