رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"أسمنت طرة" حققت قبل خصخصتها مليارًا و١٠٨ ملايين جنيه.. وبعدها خسرت ١٤ مليون جنيه

"الدستور" تفتح الملف الثاني لفساد الخصخصة

جريدة الدستور

وزراء الصناعة والقوى العاملة والعدالة الانتقالية ضد فكر وتوجهات وطموحات الرئيس

الشركة الإيطالية احتكرت ٣ شركات للأسمنت: السويس وحلوان حققتا ٨١٨ مليون جنيه أرباحاً.. وشركة أسمنت طرة حققت خسائر ١٤ مليون جنيه!

ومايزال مسلسل تصفية قلاع الصناعة الوطنية مستمراً وسط صمت وتواطؤ الحكومة والوزراء المعنيين لمنع فتح ملف فساد الخصخصة بالنسبة لهذه المصانع والشركات الوطنية، حدث ذلك فى الملف الأول الذى فتحته "الدستور" الأسبوع الماضى والخاص بشركة المشروعات الصناعية والهندسية.

أما الملف الثانى لفساد خصخصة وبيع أصول الاقتصاد المصرى فهو شركة "أسمنت طرة"، التى سعت الإدارة فيها بالتعاون مع الشركة الإيطالية إلى تصفية الشركة وتشريد العمال، لكن عمال شركة "أسمنت طرة" رفضوا المؤامرة ومنعوا مدير الشركة من دخول المصنع واتهموه بالخيانة بمحاولة هدم المصنع لوجود آثار تحت المصنع يريد الاستيلاء عليها.

وفى الوقت الذى ينادى الرئيس السيسى فى الاحتفال بعيد العمال بضرورة العمل والإنتاج، تجد الحكومة تصمت وتغض الطرف عن مؤامرة بيع وخصخصة صروح الصناعة المصرية، وهى بذلك تعمل ضد طموحات وآمال وأهداف الرئيس فى النهوض بالصناعة والعمل على التقدم والرخاء.

ووزراء حكومة المهندس محلب خير شاهد على ذلك، وزير الصناعة منير فخرى عبد النور رفض مقابلة أعضاء نقابة العاملين بشركة "أسمنت طرة" ليستمع إلى شكواهم ويسعى لحلها، أما ناهد العشرى - وزيرة القوى العاملة والهجرة - فعندما تقدم أعضاء نقابة العاملين بشركة "أسمنت طرة" بمذكرة إليها للتدخل من أجل تصحيح أوضاع الشركة حتى لا تنهار، قامت الوزيرة بتهديدهم بالفصل والحبس بسبب إصرارهم على عدم بيع الشركة الوطنية بالرغم من الخسائر الممنهجة التى تقوم بها إدارة الشركة بالتواطؤ مع الشركة الإيطالية لإغلاق المصنع.

كما تقدم أعضاء النقابة بأسمنت طرة بمذكرة للمستشار إبراهيم الهنيدى للتحقيق فيها وإرساء مبدأ العدل، ولم يتحرك وزير العدالة الانتقالية ولم يهتم بشكوى العمال، أليست مسئولية وزير العدالة الانتقالية طبقا لقواعد العدالة الانتقالية فى العالم أن يقوم بتشكيل لجان فنية متخصصة لدراسة ملف خصخصة كل شركة على حدة، ومراجعة مدى التزام المستثمر الأجنبى بشروط العقد وإلا فمن حق الدولة المصرية أن تفسخ معه العقد، وتلك إحدى ثمار ثورة ٣٠ يونيو.

عندما لم يجد أعضاء نقابة عمال شركة "أسمنت طرة" من يستجب لقضيتهم أو يستمع لشكواهم من الحكومة أو السادة وزراء الصناعة والقوى العاملة والعدالة الانتقالية وقرأوا فى "الدستور" ملف شركة المشروعات الصناعية والهندسية الذى قدمته المستشارة تهانى الجبالى للجريدة .. ذهبوا إليها مطالبين أن تتبنى قضيتهم ليصل صوتهم عبر الجريدة إلى السيد رئيس الجمهورية لأنه - كما يقولون - صمام الأمان للشعب المصرى ظهيره الحقيقى فى دولة ٣/٧ بعد رفض وزراء حكومة محلب الإذعان لمطالبهم المشروعة، ولم يكتف عمال شركة "أسمنت طرة" بعرض القضية على المستشارة تهانى الجبالي، ولكنهم قاموا بعمل توكيل خاص لها فى الشهر العقارى فى تقديم الطلبات المتعلقة بفتح ملف الشركة لتحقيق شامل لدى وزارة العدالة الانتقالية باعتبارها أحد أصول الصناعة الوطنية المصرية التى تمت خصخصتها فى النظام الذى سقط فى ٢٥ يناير ٢٠١١، وأن فتح ملف خصخصة شركات وصروح الصناعات الوطنية المصرية هى أحد عناوين فساد النظام الذى سقط وحق الشعب المصرى فى فتح هذا الملف يعد إحدى المسئوليات الوطنية الرئيسية لوزارة العدالة الانتقالية بعد الثورتين، ولبيان ما أحاط بها من ملابسات وفساد، ومراجعة مسيرة الشركة بعد بيعها للمستثمر الأجنبى بما فى ذلك مراجعة العقود والتزامات المستثمر ومدى التزامه بها منذ آلت إليه ومراجعة ملفات تقييم الأصول المملوكة للشركة، التى تعرضت لانحراف وغبن خطير، وكذلك تقديم طلبات الإفصاح عن حجم الأموال التى استثمرتها الشركة الأجنبية بعد الخصخصة من خلال البنوك خاصة البنك المركزى ولدى مصلحة الجمارك وهيئة سوق المال والشركة القابضة وجميع أجهزة الدولة المعنية.

ولأول مرة يتظاهر عمال مصر فى مصنع "أسمنت طرة" من أجل تشغيل المصنع بكامل طاقته ورفضوا إغلاقه أو هدمه، وهو ما يعنى أن العمال هم الذين ينحازون لمطالب الرئيس عندما شدد على ضرورة العمل والبناء للنهوض بمصر، بعكس الحكومة ومنها الكثير من الرأسماليين الذين يعملون على هدم الصروح الاقتصادية الوطنية وضد توجهات الرئيس.

بلاغ للرئيس
وعندما قدمت لى المستشارة تهانى الجبالى الملف الثانى من ملفات فساد خصخصة الشركات الوطنية والخاصة بشركة "أسمنت طرة" التى تهدف لإغلاق المصانع والصروح الوطنية وتشريد عمال مصر، "طلبت منى أن أتقدم ببلاغ إلى السيد عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، لأن الحكومة تغض الطرف وتتآمر على الرئيس، وللأسف الشديد فإن وزارة الصناعة والقوى العاملة والعدالة الانتقالية ضد فكر وتوجهات وطموحات الرئيس، لأنهم رفضوا الاستجابة لمطالب وشكاوى أعضاء نقابة العاملين بشركة أسمنت طرة".

ونص البلاغ المقدم من المستشارة تهانى الجبالى للرئيس السيسى كما يلى: "سيادة الرئيس.. نحن نقدم إليك حقيقة ما يحدث فى قلعة صناعة الأسمنت (شركة أسمنت طرة) لكى لا يزيف أحد عليك الحقائق، وعلينا يا سيادة الرئيس قبل أن نبحث عن استثمارات جديدة يجب علينا إنقاذ البقية الباقية من الصناعات المصرية بعد أن تم تجريفها بالخصخصة".

وتفاصيل قضية "شركة أسمنت طرة" جاءت فى ٣ خطابات أرسلها أعضاء نقابة العاملين بشركة أسمنت طرة لكل من السيد رئيس الجمهورية والمستشار هشام بركات - النائب العام - والمستشار إبراهيم الهنيدى - وزير العدالة الانتقالية - بالإضافة إلى مستند رسمى يؤكد أنه فى عام ٢٠٠٥ حققت شركة أسمنت طرة أرباحاً بلغت ملياراً ومائة وثمانية ملايين جنيه، وبعد أن تم بيع ٦٦٪ من أسهم الشركة لصالح شركة السويس للأسمنت التى تمتلك فيها الشركة الإيطالية نسبة ٥٥٪ بلغت خسائر شركة أسمنت طرة ١٤ مليون جنيه.

وأهمية الشركة كإحدى قلاع الصناعة الاستراتيجية لمصر سبق الريادة منذ عام ١٩٢٧، وتاريخ حافل فى اكتفاء السوق المصرية بحوالى عشرة أنواع من الأسمنت قبل خصخصتها، وكان لها دور بارز فى المساهمة فى بناء حائط وسواتر الدفاع بعد هزيمة ١٩٦٧، وبالتالى ينبغى النظر إليها باعتبارها رمزاً لإمكانية البناء الذاتى على صروح الصناعات الوطنية المصرية، واستردادها بإمكانياتها الكبيرة، والعمالة المدربة فيها والبنية الأساسية التى تقدر بالمليارات.

وقد تمت الخصخصة لهذه الشركة فى سنة ٢٠٠٥ بكل الملابسات التى تعرفها عن بيع أصول وصناعات استراتيجية، وبعد قيام الثورة على نظام الحكم الذى أجرى هذه العقود فرصة تمنح الدولة المصرية "بشكل قانونى" الحق فى مراجعة ملفات الخصخصة وفق آليات "العدالة الانتقالية" ومنها ملف شركة أسمنت طرة كصناعة أساسية واستراتيجية.

واليوم شركة "أسمنت بورتلاند طرة" المصرية قلعة الصناعة المصرية فى صناعة الأسمنت بالشرق الأوسط وأفريقيا، وتتعرض لنفس مصير بيع وخصخصة صروح الصناعة الوطنية لتدمير الاقتصاد المصرى وهى إحدى أدوات حروب الجيل الرابع.

وشركة أسمنت طرة كانت تحتوى على عدد ٩ أفدنة و١٧ طاحونة ما بين خام وأسمنت، وكانت تنتج إجمالى أربعة ملايين طن سنوياً من أنواع الأسمنت المختلفة التى بلغت عشرة أنواع من الأسمنت منها على سبيل المثال "سى ووتر، سوبر فاين، عادى، حديدى، كرنك.. إلخ"، بالإضافة إلى أن الشركة كانت تمتلك مصنعاً للجير بنوعيه "الحى، المطفى"، وكذلك مصنعا لإنتاج الأكياس "شكائر التعبئة"، وميناء نهرياً للشحن البحرى، وقطار سكة حديد، وأسطول سيارات للنقل المعبأ والسائب، ومزرعة ومشتلا وناديا رياضيا وجراجا للسيارات "مكتب البيع سابقا"، ومخازن ومسبكا بالمعصرة ومساكن وعددا من الفيللات والعمارات والأراضى الشاسعة.

بدأت المؤامرة فى ١٧/٣/٢٠٠٥ عندما تم بيع أهم تاريخ للأسمنت فى مصر "أسمنت طرة" بنسبة ٦٦٪ لصالح شركة السويس للأسمنت التى تمتلك فيها الشركة الإيطالية نسبة ٥٥٪ بشكل معلن، و٢٠٪ بشكل غير معلن لشركات تابعة للشركة الإيطالية وهو ما يعنى سيطرة واحتكار الشركة الإيطالية على نسبة ٧٥٪ من شركة "أسمنت طرة"، بالإضافة إلى شركة السويس للأسمنت وهى "أسمنت طرة"، وقبل الخصخصة حققت شركة "أسمنت طرة" أرباحاً بقيمة مليار و١٠٨ ملايين جنيه، وبعد الخصخصة حققت الشركة فى ٢٠١٤ خسائر تقدر بـ ١٤ مليون جنيه.

وما حدث ونتيجة مؤامرة بيع وخصخصة شركة "أسمنت طرة" جعلت المستثمر الإيطالى يمتلك أو يحتكر مجموعة من المصانع المنتجة للأسمنت تجعله يتحكم فى سعر السوق "احتكار" وتفاصيل هذا الاحتكار تم إثباتها فى الملف الخاص والمقدم من نقابات مجموعة السويس للأسمنت إلى وزيرة القوى العاملة.

وهكذا أصبحت الشركة الإيطالية تمتلك بل وتحتكر ثلاث شركات للأسمنت فى مصر هى: "طرة، السويس، حلوان"؛ حيث حققت شركتا السويس وحلوان المملوكتان للشركة الإيطالية أرباحا بقيمة ٨١٨ مليون جنيه فى ٢٠١٤، أما شركة "أسمنت طرة"، التى تمتلك الدولة والبنوك العامة فيها نسبة ٣٤٪ فقط من أسهمها بعد بيع ٦٦٪ من أسهمها للشركة الإيطالية فقد خسرت فى العام نفسه ٢٠١٤ بقيمة ١٤ مليون جنيه.

واستمراراً لمسلسل هدم الصرح الوطنى لشركة "أسمنت طرة" تقلص الإنتاج فى ٢٠١٤ إلى مليون طن سنويا، بعد أن كانت الشركة تنتج قبل الخصخصة فى عام ٢٠٠٥ أربعة ملايين طن سنويا تقريباً، وبعد أن كانت شركة "أسمنت طرة" تنتج عشرة أنواع من الأسمنت أصبحت الآن تنتج نوعاً واحداً فقط، كما تم إغلاق مصنع الأكياس "شكائر التعبئة"، وتم بيع مصنع الجير كخردة بعد أن توقف عن الإنتاج مباشرة، وأخيراً تم تقليص مبيعات وإنتاج الشركة اليومى من ١٧ ألف طن إلى ٤ آلاف طن فقط!

٣ مطالب لعمال أسمنت طرة
هذا وقد أرسل عمال مصر من خلال نقابة العاملين بشركة أسمنت طرة إلى الرئيس السيسى ٣ مطالب مشروعة هى:
١- تشغيل المصنع بكامل طاقته.
٢- محاسبة وإقالة مدير المصنع الذى أوقف فرن مصنع الأسمنت بصورة خاطئة كادت تدمره.
٣- صرف الأرباح طبقا لاتفاقية العمل الجماعية التى تفسر من خلال وقائع الصرف السابقة.

كما طالب عمال شركة "أسمنت طرة" فى المذكرة التى أرسلتها النقابة للسيد رئيس الجمهورية بفتح تحقيق شامل فى ملف خصخصة الشركة ومسار التزامات المستثمر الإيطالى وفقا للعقد المبرم بين الشركة الوطنية والشركة الإيطالية المالكة لأسهم ٦٦٪ من الشركة.

واتهم عمال شركة "أسمنت طرة" المستثمر الإيطالى بالسعى إلى تدمير الشركة وإهدار دورها فى الاقتصاد المصرى مع ما يترتب على ذلك من ضياع أحد أعمدة صناعة الأسمنت فى مصر وإهدار حقوق العمال.

والعمال لديهم أمل أن ينقذ الرئيس السيسى الصناعة الوطنية من "مؤامرة الخصخصة" وحتما سوف ينحاز الرئيس لعمال مصر الشرفاء من أجل العمل والبناء والتقدم.

مؤتمر صحفى لكل النقابات المهنية
وفى مؤتمر صحفى بمقر شركة "أسمنت طرة" حضره كل النقابات المهنية ورئيس النقابة العامة عبد المنعم الجمل وأعلنوا فيه تضامنهم مع عمال شركة أسمنت طرة، كما حضر المؤتمر وفد من قوى التحالف الجمهورى للقوى الاجتماعية برئاسة المستشارة تهانى الجبالى والمهندس حسن شعبان؛ حيث أعلنا تضامنهما مع عمال شركة "أسمنت طرة" ورفعا مذكرة للسيد رئيس الجمهورية بضرورة فتح ملف الخصخصة وإهدار المال العام من الشركة الإيطالية التى تسعى مع سبق الإصرار والترصد إلى العمل على تخريب الصرح الوطنى الاقتصادى لشركة "أسمنت طرة" وهى إحدى صروح الاقتصاد الوطنى، كما تضامنت المستشارة تهانى الجبالى مع عمال الشركة فى إهمال وزراء الصناعة والقوى العاملة والعدالة الانتقالية لمطالب العمال المشروعة.. وتضمنت المذكرة التى رفعوها للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسى وجود مؤامرة من وزراء حكومة محلب فى عدم التصدى لملف الخصخصة الذى يكاد يعصف بالصناعة الوطنية المصرية وبالاقتصاد المصرى.

وبعد انتهاء المؤتمر الصحفى وزيارة المستشارة تهانى الجبالى لشركة "أسمنت طرة" أكدت وجود ٥ ملاحظات جوهرية على الشركة الوطنية جديرة بالأهمية، وهى:

١- ما يحدث فى شركة "أسمنت طرة" تكرر فى العديد من الشركات التى تمت تصفيتها وبيع أصولها وسط تواطؤ مريب من الحكومات المتعاقبة ومسئولى الشركات القابضة.

٢- الشركة الإيطالية تجرى سراً التنقيب عن الآثار فى منطقة جبل الجير المقامة بشركة "أسمنت طرة" على أرضه، التى تحوى مقابر عمال بناة الأهرام طبقا للتقديرات الأثرية.

٣- موقع الشركة القريب من مخازن ذخيرة الجيش المصرى "كما يتردد" وهو ما يجعل وجود أجانب فيها مخاطرة على الأمن القومى المصرى.

٤- أثناء زيارة الشركة "أسمنت طرة" ورؤية إمكانياتها على الطبيعة تبين بوضوح أن المعدات التى تستوردها الشركة الإيطالية من مصانع إيطالية لا يتم تركيبها فى الأفران وتترك فى العراء وهى بملايين الدولارات ثم يتم تكهينها وبيعها خردة وهو جزء من الخراب الذى أحدثته الشركة الإيطالية.

5- عمال شركة "أسمنت طرة" ينتظرون رد الرئيس عبد الفتاح السيسى ويعتبرون قراره فى هذا الشأن إنقاذا لاقتصاد مصر من تصفية قلاع الصناعة فيها، وهو ما يجب أن يوضع فى عين الاعتبار.