رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أوعى تقول للنذل يا عم


أوعى تقول للنذل ياعم.. ولو كان على السرج راكب.. ولا حد خالى من الهم... حتى قلوع المراكب.. أوعى تقول للنذل يا عم... ولا تكلمه بقلب راضى... ولا حد خالى من الهم... حتى الحصى فى الأراضى.. أوعى تقول للنذل ياعم... ولو كان روحك بإيده.. ولا حد خالى من الهم... حتى السعف فوق جريدة. صدقت يابن العروس.. توقفت أتامل الكلمات والمعانى طويلاً... وأخذت أتساءل عن معنى «النذل» و«النذالة» فى المعجم فوجدته «نذل، رذل، خسيس محتقر فى جميع أحواله».. كم كره العرب على مر التاريخ النذل والأنذال.. فالعرب كم يقدسون الرجولة، القيم، الأصالة، الأصول، الشهامة، المروءة.. وكم يحتقرون كل تصرف خسيس.

كم يكرهون النذالة لأنها بالنسبة لهم «أم الرذائل»... فهى ذنب لا يغتفر... ولأن الرجولة والنذالة لا تتفقان.. وقد عبروا بذلك كثيراً شعراً ونثراً فى شعرنا القديم والحديث.. الحر حر وإن تعدت... عليه يوماً يد الزمان.. والنذل نذل وإن تكنى... وصارذا منطق وشأن... قال الإمام على - رضى الله عنه - «من صاحب الأنذال حقر، ومن صاحب العلماء وقر».

والسؤال الآن.. من هو النذل؟.. الإنسان النذل تعرفه بسيماهه فهو إنسان بلا مبادئ، معدوم الضمير، متلون، خائن، مخادع، ماكر، ثعلب، يحيط بك فى السراء ويذوب فى الضراء، ممثل كبير، مراوغ، أنانى، ناكر للجميل، مستغل، لئيم، غشاش، متقلب وفقاً لمصلحته ووفقاً للظروف، هو الحرباء التى تغير لونها، وهو العقرب الذى يلسع.. «ولا خير فى ود امرىء متملق... حلو اللسان وقلبه يتلهب.. يلقاك يحلف أنه بك واثق... وإذا توارى عنك فهو العقرب.. يعطيك من طرف اللسان حلاوة... ويروغ منك كما يروغ الثعلب.. صدقت يا شاعرنا صالح بن عبدالقدوس.

لكن.. لا تفكر يوماً فى معاتبة «نذل» فإن عتاب النذل اجتنابه.. وإن تجاهلك هو انتقام راق منك، فكما قال الشافعى: «إذا سبنى نذل تزايدت رفعة.. وما العيب إلا أن أكون أنا مساببه».. والآن... بعد أن تعرفت على مواصفاته وصفاته.. هل طرحت على نفسك يوماً هذا السؤال.. كم نذل التقيت به فى حياتى؟ كم نذلاً يحيط بى؟... إذا وجدتهم قليلين، فأنت إنسان محظوظ مثلى.. وإذا وجدتهم كثراً، فهذه هى الحياة!! لا تأسفن على غدر الزمان لطالما... رقصت على جثث الأسود كلاب.. لا تحسبن برقصها تعلو على أسيادها... فالأسد أسد والكلاب كلاب.. تبقى الأسود مخيفة فى أسرها... حتى وإن نبحت