رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نظرة فى المشروع القومى للتنمية المجتمعية


اللواء عادل لبيب - وزير التنمية المحلية - من الوزراء المعدودين فى تاريخ مصر المشهود لهم بالكفاءة والخبرة والإخلاص، وهو تعضده خبرة طويلة متنوعة فى مجال العمل الأمنى مكنته من معايشة المجتمع على حقيقته وإدراك مشاكله وعوراته وتكوين رؤية موضوعية للإصلاح والبناء، وهو الهدف الذى يحرص عليه ويعمل جاهداً لتحقيقه منذ اختياره محافظاً سنة 1999 وحتى الآن.

... ولقد تبنى السيد الوزير مشروعاً للتنمية المجتمعية والمحلية والبشرية تحت مسمى «مشروعك»، وأعلن عن تفاصيله فى مؤتمر صحفى منذ عدة أيام. والمشروع يهدف إلى القضاء على البطالة وتحفيز المواطنين خاصة الشباب على العمل والإنتاج، من خلال قروض ميسرة من بعض البنوك لإقامة ما يعن لهم من مشروعات.ولقد تكفلت وزارة التنمية المحلية بإعداد مقر لتلقى طلبات المواطنين بداخل كل وحدةٍ محلية على مستوى الجمهورية،وتم تأثيث وتجهيز تلك المقار بشكلٍ جيد يحترم آدمية المواطن ويتناسب مع أهمية المشروع.

وفى الحقيقة فإن فكرة المشروع فى ذاتها رائعة، ولكن الآلية لتنفيذها وضمان استمرار المشروع مهما تغيرت الوزارات، يدعونى لإلقاء الضوء على النقاط التالية:

«1» إن منح القرض وهو عصب المشروع، مرهونٌ فى جميع الأحوال بموافقة البنك فقط، والبنوك لا يعنيها فى المقام الأول إلا ضمانات الحفاظ على أموالها، وهى ضمانات الائتمان الصارمة والمقننة التى تطبقها بالفعل داخل فروعها، ولن تختلف الحال إذا ما تم طلب القرض خارج تلك الفروع، وهو مايُحتملُ معه تراجع البنوك مستقبلاً عن إيفاد مندوبيها لمقار الوحدات المحلية لافتقادها الجدوى العملية من ذلك.

«2» كثيراً ما تتعارض الرغبات والطموحات الشخصية للمواطنين مع المصلحة العليا للدولة أو قد لا تلبى الاحتياجات الحيوية للمجتمع، وهو أمرٌ ينذر بعواقب وخيمة فى ظل عدم تقنين سلطةٍ واضحةٍ ومحددةٍ للمحليات للموافقة أو عدم الموافقة على المشروع.

«3» لم يتضمن المشروع القومى شرطاً بإلزام طالب القرض بتدبير جزءٍ ولو يسيراً من رأسمال مشروعه لإثبات جدية الطلب وأن القرض لاستكمال رأس المال وليس كل رأس المال.

من ذلك ومؤازرةً لجهود الحكومة الرامية للتنمية المجتمعية واستنهاض القدرات الشعبية للمشاركة فى بناء الوطن إيماناً بأن هذا البناء لا يمكن أن يقوم على أكتاف الحكومة وحدها،ولكن لابد من تضافر الجهود الشعبية معها، فإننى أقترح إصدار قرارٍ بتعديل الهيكل التنظيمى للوحدات المحلية بإضافة إدارةٍ جديدة متخصصة تُسمى «إدارة المشروعات المجتمعية»، على أن تضم نخبة من العاملين المتميزين فى مختلف التخصصات برئاسة رئيس الوحدة المحلية شخصياً، ويُناط بها رصد ودراسةالاحتياجات الفعلية لأبناء الدائرة المحلية، والمشروعات غير الحكومية التى يمكن أن تلبى تلك الاحتياجات وتحقق التنمية المجتمعية الحقيقية بكل جوانبها الاقتصادية والثقافية والبشرية، ثم حصر تلك المشروعات عدداً ونوعاً بصفةٍ دوريةٍ سنويةٍ أو شهريةٍ، ثم طرحها على أبناء الدائرة المحلية للاضطلاع بها، مع مراعاة أن يتضمن الطرح البيان التفصيلى لكل مشروع والمستهدف منه ونسبة القرض الذى ستقدمه الدولة فى رأس المال المقدر للمشروع. بعد ذلك وفى حال موافقة تلك الإدارة المختصة على المشروع المقدم لها، يصير من حق صاحبه - سواءً كان فرداً أو جماعة متشاركة - الحصول على خطاب للبنك لمنحه القرض المطلوب بضمان الوحدة المحلية التى يكون لها حينئذٍ حق مراقبة المشروع ومتابعة تنفيذ المستهدف منه بكل الوسائل والإجراءات القانونية المناسبة، كما يمكن فى هذه الحالة تخفيض الفائدة على القرض طالما أنه بضمان جهةٍ رسمية وهى التى تتولى متابعة المشروع والإشراف عليه، دون إغفال لحق البنك فى اتخاذ الإجراءات اليسيرة لضمان حقوقه المالية.. حفظ الله مصرنا الغالية، وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل.