رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

.. إلى سماسرة الدراما المصرية.. توقفوا


أراد رب ُأسرة محترمة أن ُيرفه عن زوجته وأولاده بمشاهدة أحد الأفلام المعروضة حالياً فى سينما بوسط البلد.. ترك فرصة الاختيار لابنه ذات الـ 18 ربيعاً دون زوجته وابنتيه الجامعيتين.. وقع اختيار الشاب على فيلم بعينه.. قطعوا التذاكر ودخلوا إلى صالة العرض.. بدأ الفيلم بلقطات تحتوى على مشاهد بلطجة ورقص مقزز ُيشبه إلى حد بعيد أفلام البورنو!!.. لم يتمالك الرجل نفسه من «قرف» ما شاهده مع أفراد أسرته.

ترك الفيلم قبل أن يبدأ وخرج ناقماً على ُمنتجه و ُمخرجه وُممثليه والجهة التى وافقت على عرضه.. هذا باختصار شديد ما أخبرنى به أحد أصدقائى.

صممت على مشاهدة الفيلم لأتعرف على الحالة المذرية التى وصلت إليها الدراما المصرية على يد سماسرة الفن وبتمويل من أفراد وجهات ودويلات مشبوهة..تابعت العمل للنهاية وتأكدت أن صديقى كان على حق فى كل ما أخبرنى به.. فالفيلم يحتوى على مشاهد خليعة لايمكن لأى أسرة مصرية أو حتى عربية محترمة أن تجازف وتشاهده.. فعلى سبيل المثال لا الحصر يُظهر: «بنات الليل» و«الساقطات» و«تجار المخدرات والأسلحة».. ثم «البلطجى» و«الديوس» و«الخائن» و«المنتقم» و«القواد» و.... وكأن مصر لا يوجد فيها سيدات محترمات تعملن فى أرقى المناصب.. أو شباب ناجح ومكافح وشريف!!. عندئذ تذكرت نصائح أساتذتنا عندما قالوا إن «أهم مايميز الكاتب الوطنى عن الأرزقى..هو العمل على تواصل الأجيال مع بعضها البعض».. محذرين من أن «انحراف الكاتب عن هذا الهدف سيؤدى ــ حتماً ــ إلى ضياع مجتمعه وطمس هويته والقضاء على لغته وثقافته».. وحتى لايكون كلامنا مجرد حبر على ورق.. فإننى أنصح بمشاهدة الأفلام العالمية للسينما الهوليودية والبوليودية لنعرف الفرق بين الدراما التى تبنى وتسهم فى التقدم والارتقاء.. والدراما التى تهدم كل هذه المعانى الجميلة بدافع العمالة أو الخيانة أو لمتاع دنيوى زائل!!.

وخيراً فعل الرئيس عبدالفتاح السيسى عندما انتبه مؤخرًا إلى هذه الكارثة ووجه مستشاريه فى الأمن القومى والأمن العام بعقد اجتماع مع صناع السينما المصرية لمناقشة تدهور قوة مصر الناعمة على يد معدومى الذوق والضمير الذين أسهموا بشكل أو بآخر فى تغييب وعى أعداد كبيرة من شباب مصر بعد أن سلبوهم هويتهم وأفقدوهم وطنيتهم وجعلوا منهم أعداءً لبلدهم يُباعوا ويُشتروا لمن يدفع!!.

ما سبق يجعلنى أذكر نفسى وغيرى بأن الدراما المصرية منذ مائة عام ولوقت قصير مضى.. كانت أحد أهم روافد اقتصادنا.. بل وسبباً رئيساً فى انتصار قضايانا العادلة وانتشار ثقافتنا وعاداتنا وقيمنا.. أما فى الفترة الأخيرة فقد تعرضت لمؤامرة خسيسة لاداعى للحديث عنها الآن.. وسأكتفى بالقول إن «من راهنوا على تقزيم دور الدراما المصرية لصالح الدراما السورية قد خسروا الرهان من «بدرى».. ليه ؟؟.. لأن إنتاجنا من المسلسلات تعدى فى عام واحد السبعين مسلسلاً.. أما الشقيقة سوريا ــ أنجاها الله من محنتها - فلم تنتج فى نفس العام سوى ستة مسلسلات فقط معظمها تاريخى.. نقيس على ذلك بقية الأعمال الفنية من مسرح وغناء وأفلام.. وقد استمرت هذه المؤامرة الدنيئة لفترة أربع سنوات تقريباُ ثم توقفت لأسباب معروفة للجميع. ولأن مصر هى فعلاُ «أم الدنيا».. ولأنها قلب العروبة والإسلام النابض.. ولأن بقاءها يعنى بقاء العرب.. وزوالها ــ لاقدر الله ــ يعنى زوال العرب.. فقد انتبه المتآمرون إلا قلة فاسدة ومُفسدة من أبناء جلدتنا لعظمة وقيمة وقامة مصر بفنها وثقافتها وجيشها فى الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية فى ظل الموجة الاستعمارية الخبيثة التى سُميت بـ «الربيع العربى».. ولمثل هذه القلة الحاقدة أقول:» توقفوا ــ الآن وليس بعد ــ عن إنتاج مثل هذه الأعمال التى زلزلت أركان الدولة وضربت قوتها الناعمة فى مقتل.. توقفوا عن هذه المسخرة.. فمصر أرقى وأعظم من أن تجسدوها فى علاقات محرمة وشاذة و«شوية» صيع وعواطلية وقوادين وساقطات.. توقفوا أيها العملاء وتبرأوا من زلاتكم الخلقية التى أساءت لمصر وفنها وشعبها العريق». أخيراً أناشد الجهات الرقابية والأمنية فى مصرنا الحبيبة أن تتخذ الإجراءات اللازمة لمنع هذا الإسفاف بدعوى «الحرية والإبداع».. فالحرية الحقيقية أو المسئولة ــ كما يسميها خبراء الإعلام ــ هى الحفاظ على الذوق العام من السقوط فى براثن الرزيلة والعمالة والخيانة.. أما الإبداع فيعنى فى قاموس الدول صاحبة التاريخ العريق الارتقاء بالسلوك البشرى وليس انحرافه.. مش كده ولا إيه؟!.