رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التحفظات على إعلان مبادئ سد النهضة


تصريحات المذكور للفضائيات تدعى أن مصر لا توافق على سعة بحيرة سد النهضة بحجم 74 مليار متر مكعب ومازالت تتحفظ عليها ولا أدرى بأى منطق يتحدث؟! وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لم تتحفظ مصر رسمياً على هذا الأمر فى اتفاق المبادئ؟!

مازال لدينا العديد من التحفظات على الموافقة على سد النهضة بمواصفاته الحالية غير المبررة ولا المفيدة حتى للجانب الإثيوبى من الناحية الاقتصادية ولكن مفهوم مبرراتها من الناحية الإقليمية والأفريقية والريادية والتواجد فى موقف يعلو مكانة مصر طالما تم تقنين المياه وإرسالها للشعب المصرى يوماً بيوم بتغيير طبيعة تدفقات النهر كما أراد لها الله بأن تتسلم مصر حصتها خلال أشهر الفيضان الثلاثة وتخزنها فى أراضيها للسحب منها طول العام وكذا للاستفادة من مخزونها فى السنوات السبع العجاف والتى امتدت بسبب تغير المناخ لنعيش الآن فى السنة الثامنة لها. يطل علينا الدكتور علاء ياسين -مستشار وزير الرى لشئون النهر -والذى يقود المفاوضات مع الجانب الإثيوبى وسبق له أن عمل فى إثيوبيا لعدة سنوات وتقاضى منهم راتباً، وبالتالى كان من الأفضل ألا يقود المباحثات مع رؤسائه السابقين مع كل الاحترام والتقدير وعدم التخوين ولكن من مبدأ الابتعاد عن الشبهات والذى كان ينبغى له هو شخصياً أن يعتذر عنها. أتذكر للزميل الفاضل أنه حضر معنا اجتماعات سد النهضة فى كلية الهندسة جامعة القاهرة لمدة شهر كامل قبل ثورة 30 يونيو تحت رعاية الأمن القومى وظل طول الاجتماعات صامتاً ولم يتحدث مطلقاً. أما اتهام الوطنيين بعدم التخصص، فنحن نُذكر بأن اللجنة الدولية التى استمر عملها لعام ونصف العام وسلمت تقريرها فى نهاية شهر مايو 2013 قد تشكلت من أربعة خبراء دوليين أحدهم خبير فى إنشاء السدود من ألمانيا واثنان من خبراء الموارد المائية وأكرر الموارد المائية من فرنسا وإنجلترا ورابع فى شئون البيئة من جنوب أفريقيا، وكما ترون فالأمر كله يرجع لخبراء الموارد المائية ولم تضم اللجنة لا متخصصين فى الجيولوجيا ولا فى المياه الجوفية ولا بعض من يعرضون أشكالاً لسدود السودان مأخوذة من النت وليس من المراجع والمنظمات العالمية للمياه.

تصريحات المذكور للفضائيات تدعى أن مصر لا توافق على سعة بحيرة سد النهضة بحجم 74 مليار متر مكعب ومازالت تتحفظ عليها ولا أدرى بأى منطق يتحدث؟! وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لم تتحفظ مصر رسمياً على هذا الأمر فى اتفاق المبادئ؟! والذى يشير بوضوح إلى موافقة مصر على السد ومواصفاته وارتفاعه وسعة تخزينه وأن بنود إعلان المبادئ تتحدث فقط عن نظام ملء البحيرة للمرة الأولى ثم تتحدث عن الأضرار والتعويضات «كلما كان الأمر مناسباً» ولا يتحدث عن التحكيم الدولى لحسم الضرر والتعويضات ولكن يقصرها على المباحثات السلمية وكأنه يلغى دور القضاء من العالم ويحيل الأمر للجلسات العرفية.

الأمر الثانى لنفس الرجل الذى يقود المباحثات بالادعاء بأن المكتب الاستشارى سيقوم بدراسة سد النهضة وسعة تخزينه على الرغم من تكذيب وزير المياه والرى الإثيوبى لهذا الأمر وفى عقر دارنا فى القاهرة قائلاً إن ارتفاع ومواصفات السد وسعة تخزينه يحددها فقط الشعب الإثيوبى وليس مكتباً استشارياً ولا اجتماع خبراء، وأن المكتب الاستشارى سيقوم فقط بالنظر فى «الأوراق» التى تقدمها له إثيوبيا والتى تشير إلى أنها استكملت الدراسات المطلوبة للتداعيات البيئية والاجتماعية والاقتصادية والهيدرولوجية على مصر والتى سبق للجنة الدولية الأولى والمشار إليها آنفا بإدانتها لعدم استكمالها، وقالت إنه سد بلا دراسات وأقيم على عجل استغلالاً للظروف التى تمر بها مصر فى أسوأ ما يكون التعامل غير الشريف بين دولة وشريكاتها فى النهر. فهل يجرؤ مستشار وزير الرى الذى يقود فريق المباحثات بأن يجهر فى إثيوبيا بأن المكتب الاستشارى سيبحث السد ومواصفاته وسعة تخزينه وأنه يمكن أن يقرر حتمية تقليل سعة بحيرة السد ويلزم بها الحكومة الإثيوبية؟ ولماذا يخدع شعبه مع وزيره بالادعاء بغير الحقيقة بأن المكتب الاستشارى سيدرس السد وليس الأوراق والدراسات فقط التى قامت بها إثيوبيا!!. يا رجل ألا يكفيكم كم المهازل الموجودة فى إعلان المبادئ بإعلان مصر شكرها لإثيوبيا على الجهود التى قامت بها لإنشاء السد واستكمال الدراسات الخاصة به بدلاً من إلقاء اللوم عليها بالاستغلال غير الشريف لثورة يناير؟! بل إن هذا البند ينص على أن إثيوبيا تشكر إثيوبيا!! وألا يكفيكم ترسيخ مبدأ سيادة الدول على جميع مواردها بما فيها الموارد المشتركة أى من حق إثيوبيا أن تفعل ما تشاء فى الأنهار التى تنبع من أراضيها دون اعتبار للغير وكأنها ليست أنهاراً مشتركة ينص القانون الدولى على السيادة المشتركة عليها؟!

إنه لبلاء عظيم لمصر ستظهر حقيقته بعد عامين وعندها سيقول الشعب كلمته.

أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة