رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بطريرك الإسكندرية: السيسي قائد مستنير يعمل للحفاظ على مصر

السيسي
السيسي

وصف بطريرك الإسكندرية للروم الأرثوذكس ثيودوروس الثاني الرئيس عبدالفتاح السيسي بالزعيم العادل والقائد المستنير.. مثمنًا الجهود التي يبذلها الرئيس السيسي لانتقال البلاد إلى الاستقرار الدستوري والسياسي وعودة الحياة الاجتماعية والاقتصادية إلى زخمها.

وأكد تأييده بقوة جميع المبادرات الرامية إلى استعادة الاستقرار ودعم التوافق في نسيج المجتمع المصري حيث أنه الطريق الوحيد لحقيق الازدهار، وقال إن السيسي لا يدخر جهدًا في تسليط الضوء للحفاظ على استقرار مصر.

جاء ذلك في حديث خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم، بمناسبة افتتاح دير مار جرجس الجمعة المقبل بحضور رئيس الوزراء إبراهيم محلب ورئيس اليونان، موضحا أن الفرصة أتيحت له للقاء السيسي عدة مرات، وقال لقد عبرت له في أحد لقاءاتي عن "حقيقة شخصية"، وهي أني اعتبر مصر بلدي الثاني، فهي مقر البطريركية لأكثر من ألفي عام.

وأعرب عن سعادته بالاهتمام الذي يوليه الرئيس السيسي شخصيًا ومعه جميع الجهات المختصة، لتسهيل أنشطة البطريركية الرعوية والخيرية مؤكدا ضرورة مشاركة القيادات الدينية في البلاد، قولاً وفعلاً في نهضة هذا البلد.. مؤكدا أن الرئيس السيسي يبذل جهودا كبيرة، مصحوبة بصلواتنا من أجل الحفاظ على مصر من الفيروس الخطير المنتشر الآن وهو فيروس الإرهاب خاصة في ظل الأوضاع غير المستقرة حالياً في الشرق الأوسط.

وردا على سؤال حول دعوة السيسي لتجديد الخطاب الديني لمواجهة التطرف في المنطقة، أكد بطريرك الإسكندرية أن الشرق الأوسط بأكمله يعاني حالياً من انتشار الإرهاب، لأن من كانوا يتحكمون في هذه المنطقة ذات القيمة الجيوسياسية والاقتصادية الضخمة، لم يهتموا بصدق بتحسين الظروف المعيشية للناس العاديين ولم يراعوا سوى مصالحهم الخاصة، فضحوا بالتناغم الاجتماعي على مذبح الطائفية، تطبيقاً للأسلوب المعروف "فرق تسد".

وأوضح أن المجتمع الدولي كان من الممكن أن يتناسى هذه المشكلة، ويلقيها خارج ذاكرة التاريخ دون اكتراث، لولا الخطر الذي بات يهدد بانتشار تلك الأفكار والعمليات الجهادية داخل المجتمعات الغربية المتقدمة، لكن ما يجب على الجميع إدراكه هو أن القضاء على المشكلة لن يكون إلا بالضرب على منبع كل الشرور، وهو البؤس البشري.

وأعلن بطريرك الاسكندرية للروم الأرثوذكس عن إقامة احتفالية كبري يوم الجمعة المقبل الموافق 24 أبريل الحالي من المنتظر أن يحضرها رئيس اليونان "بافلوبولوس" ورئيس الوزراء إبراهيم محلب فضلا عن قادة الكنائس الأرثوذكسية وقادة الدول والحكومات وذلك بمناسبة الانتهاء من أعمال ترميم وتطوير دير "مارجرجس" التاريخي بمصر القديمة.

وأوضح أن هذا الدير يعد من المباني الأثرية الفريدة من نوعها في الشرق الأوسط، وقد تم إنجاز هذا المشروع بدعم مالي كبير من رجل الأعمال اليوناني "مارتينوس" الذي تكفل بمعظم ميزانية تجديد هذا الجزء المقدس من أرض مصر، فهو أحد الأماكن التي زارتها العائلة المقدسة أثناء لجوئها إلى مصر وكان أيضا المكان الذي سُجن فيه القديس العظيم الشهيد مارجرجس.

ومن هذا المنطلق، فإن دير مار جرجس يمثل رمزاً تاريخياً للصداقة بين مصرو اليونان، مشيرا إلى أنه التقي في وقت سابق من هذا العام برئيس الوزراء إبراهيم محلب ليطلعه على استكمال أعمال الصيانة والتحديث في الدير والفعاليات الثقافية العالمية المخطط لها للاحتفال بهذا الحدث الكبير، كما أتيحت له الفرصة لطلب مساعدة الحكومة المصرية في استكمال إجراءات إنشاء مستشفى خيري في منطقة مصر القديمة لعلاج الفئات الأضعف ماديًا.

وأضاف -في نبذة تاريخية عن الدير- أنه تأسس في القرون الأولى للمسيحية، فوق جزء من قلعة بابليون الرومانية البيزنطية القديمة، وظل على مر القرون حصنًا لكنيسة الروم الأرثوذكس في بلد النيل، بل أنه في كثير من الأحيان تولى تقديم خدمات قيمة للمجتمع المصري، كمستشفى ودار للمسنين وفندق ودار للعجزة ومدرسة ومقبرة ومأوى للمسيحيين في أوقات الشدة.

وقال إنه بفضل الجهود الدؤوبة لعلماء الآثار والمهندسين والمعماريين وخبراء الترميم عاد البرج الروماني ودار العبادة إلى سابق رونقهما، وتم تدعيم السراديب الموجودة تحت الأرض  وإظهار مقياس النيل القديم، وصيانة الأيقونات الرائعة الموجودة به، ما جعل الدير والمنطقة المحيطة به واحة للاستجمام النفسي والروحي في قلب العاصمة المصرية المزدحمة.

ولفت إلى أن مصر هي مقر كنيسة الروم الأرثوذكس في إفريقيا، والعلاقات بين البطريركية وجميع أطياف المجتمع المصري ممتازة، فهي تستند إلى احترام التنوع الديني، واحترام الرغبة المشتركة في التعايش السلمي بين الناس، بغض النظر عن العرق أو الدين أو اللغة أو التراث الثقافي.

وردا على سؤال حول لقائه الأخير مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في القاهرة أعرب ثيودوروس الثاني بطريرك الإسكندرية للروم الأرثوذكس عن سعادته بأنه ألتقى مرة أخرى بالرئيس بوتين، على هامش القمة المصرية الروسية التي عقدت في القاهرة في 10 فبراير الماضي حيث ناقش معه المسائل المتعلقة بالكنيسة الأرثوذكسية ومصر وإفريقيا، بالإضافة للنشاط الخيري لبطريركية الروم الأرثوذكس بالإسكندرية، كما أشرت كذلك إلى أزمة اليونان.

وأفاد بأنه أتيحت له الفرصة ليشكر بوتين شخصيًا، لما قدمته بلاده إلى الكنيسة الأرثوذكسية في إفريقيا، وقال إني أهنئه على اختياره السياسي السديد، المتمثل في دعم وتعزيز العلاقات بين روسيا ومصر، ومساندته للجهود الوطنية المبذولة لتصحيح المسار في مصر وسط التحديات الراهنة، فيكفي النظر إلى الوضع في سوريا وليبيا للتأكد من أهمية السلام السياسي والاجتماعي.

وأضاف أن الرئيس الروسي يشاركه الاعتقاد بضرورة وجود منظومة مشتركة من القيم، من أجل تحقيق التعايش السلمي في كل مكان يعيش فيه مواطنون من مختلف الأديان، مشيرا إلى أن روسيا بلد متعدد الديانات، الغالبية فيها من المسيحيين ولكن يوجد بها أيضا عدد كبير من المسلمين، ولذلك فالرئيس بوتين لديه خبرة طويلة في تكريس العلاقات السلمية بين الناس من مختلف الأديان، والعلاقات السلمية لا يمكن أن تتواجد في ظل عدم احترام عقائد الآخرين باسم حرية التعبير، أو عندما يسود منطق السلاح على منطق الحوار والقلم.

وردا على سؤال حول الوضع في ليبيا بعد مقتل 21 مصريا على يد داعش، أكد بطريرك الإسكندرية أهمية التفريق بين الإسلام والأصولية الإسلامية، فالإسلام كعقيدة وممارسة دينية له كل الاحترام، أما الأصولية الإسلامية كمفهوم يكرس للتفوق الديني، بممارساته التي تقوض التسامح والحق في الاختلاف فهي مدانة تماما.

ووصف مقتل 21 مصرياً "من أخوتنا في الوطن" أنه أبشع تعبير مأساوي وغير إنساني لعدم التسامح المتزايد ضد الآخرين، وقد أعلنا إدانتنا لهذه الجريمة، كونها تعبير يائس للفكر المحرض على العنف.. وعبرنا عن تعازينا لقيادات الكنيسة القبطية، ونصلي أن يُسكن الرب الرحيم أرواح الذين استشهدوا في سبيل إيمانهم في النعيم الأبدي.

وردا على سؤال حول توفير الأمن للإقليات المسيحية في الشرق الأوسط، أكد أن الغالبية العظمى من المسلمين تمقت التعصب والعنف باسم الإسلام، ولكنهم يمقتون أيضاً السياسات التي يتخذها صناع القرار الكبار في العالم، ليس في غيبتهم فقط، بل على حسابهم في كثير من الأحيان.

وأشار بطريرك الإسكندرية إلى أنه يومنا هذا، لم تمحو مجتمعات إفريقيا والشرق الأوسط من ذاكرتها التاريخية تلك التجارب المؤلمة التي عاشتها جراء الاستعمار.. معربا عن شعوره بخيبة أمل في رؤية الاستعمار القديم يعود مرة أخرى وقد تحور من الاحتلال العسكري إلى الاحتلال الاقتصادي، لذلك لا يجب أن نسمح للتعصب الديني أن يستغل الشعور بالظلم المتولد من اللا أخلاقية السياسية والاقتصادية.