رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"العراق".. وكيل السياسات الإيرانية على أرض العرب

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

"تبني الموقف ونقيضه في نفس الوقت".. جملة تصف حال كثير من الدول العربية، فالوضع في العراق لا يختلف كثيرا عن معظم بلدان الوطن العربي، فما بين إرهاب وتدخل أجنبي تعيش الشعوب العربية في انتظار لحظة الفرج.

العراق يعلن موقفه صريحا برفض التدخل العسكري الأجنبي في اليمن، وفي بلاده وأي دولة عربية، في موقف متناقض لما يحدث علي أرض الواقع، ففي الوقت الذي تحارب بلاده تنظيم داعش الإرهابي بدعم من دول غربية وإيران، يرفض في الوقت نفسه التدخل الأجنبي.

الوجود الإيراني بالعراق متواصل منذ ثلاث سنوات، فضلاً عن تقديمه الأسلحة والذخيرة الثقيلة وإرساله للمستشارين العسكريين للجانب العراقي في الحرب ضد تنظيم داعش، فيوجد الكثير من الجنرالات الإيرانيين في العراق، مثل "قاسم سليماني"، الموجود في تكريت، للمشاركة في العملية التي تنفذها القوات العراقية لاستعادة المدينة من تنظيم الدولة الإسلامية.

محمد السعيد إدريس، متخصص في الشئون العربية والإقليمية، أوضح أن الدافع المباشر لرفض العراق التدخل العسكري في اليمن هو إيران، فوضع العراق الحالي لا يسمح برفض أي طلب لإيران؛ لأنها أصبحت متغلغلة بشكل كامل في العراق.

وأكد أن العراق حاليا يضع نفسه "لقمة سائغة" في فم إيران وغير قادر على التخلي عنها؛ لأنها الوحيدة التي تقف معه ضد إرهاب داعش، وأنشأت قوات الحشد الشعبي وسلحته وانضم للجيش العراقي وأصبح شبيها بالحرس الثوري الإيراني، مشيرا إلى أن إيران في حالة فزع من ضرب مشروعها في اليمن، بالتالي القرار العراقي ليس قرار حرا بكامله.

وقال عزمي خليفة، مستشار أكاديمي لشئون العلاقات الإقليمية، إن كل دولة تقيم سياستها وقفا لمنظور خاص بها ، وإذا وجدت خطرا يداهم البلاد ، فعليها أن توقفه ، والعراق له ظروف مشابهه ويخشى التدخل العسكري في بلاده .
وأكد خليفة أن إيران لها ذراع داخل سوريا ولبنان، بالتالي لا نستطيع أن نجزم بأن العراق يرفض التدخل بأمر من إيران، أو لأن حكومتها شيعية فهذا لا يحدد سياستها.

السفير سعيد كمال، سفير فلسطين ومساعد الأمين العام السابق للجامعة العربية، رأي أن سبب رفض العراق التدخل العسكري في اليمن يأتي من عدم إبلاغها أو مشاوراتها قبل أن تبدأ عاصفة الحزم، وقرار مثل هذا يتطلب موافقة ومشاورة حتى تقرر مشاركتها من عدمه.

وأوضح أنه لا علاقة لإيران بالقرار السيادي في العراق، ويجب احترام أي قرار يصدر عنها، فقد وافقت على موضوع جزر الإمارات رغم زعم إيران بأنها جزء منها، لذا لا نستطيع أن نجزم بأن العراق كدولة ذات سيادة تستمد قراراتها من دولة أخرى .

طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، قال إن تناقض الموقف العراقي شأنه شأن الموقف الجزائري والسوري، بضرورة طرح واعتماد الخيار السياسي وعدم اللجوء إلي الخيار العسكري وبالتالي رفض "عاصفة الحزم" والعمليات العسكرية ضد الحوثيين في اليمن.

وأكد أن العراق يتخوف من احتمالات التدخل العسكري علي أرضه، لمواجهة بؤر الصراعات هناك بعد طرح فكرة تشكيل قوة عربية موحدة، وتنفيذها إلى حد ما في اليمن، وبناء عليه هذا الموقف يتماشى مع السياسات العراقية، والتي ترى ترك اليمن لأهله ليقرر مصيره.

وأضاف أن الموقف العربي المتردد سوف يتضح بعد اتضاح الأمور في منطقة الخليج ونتائج العملية العسكرية في اليمن، موضحا أن العراق لا يملك سلطة مقاليد الأمور، وليسوا وحدهم أصحاب القرار، فالأمر مرتبط بجملة العلاقات العراقية الإيرانية السورية، ومن خلال هذا يمكن تفهم الموقف العراقي.

وكشف أن تناقض الموقف العراقي يظهر من خلال دعوته منذ عدة أشهر للتدخل العربي ضد مليشيات داعش، ولكنها الآن بمثابة وكيل للسياسات الإيرانية في المنطقة، وسبق أن صرح بعض المسئولين الإيرانيين بأن العراق أصبح عاصمة للإمبراطورية الفارسية، مما يؤكد أن القرار العراقي لم يعد يملك صلاحياته في هذا التوقيت.

ورأى جمال أسعد، المفكر السياسي، أن العلاقات العراقية للسلطة الحاكمة الآن مع النظام الإيراني علاقة متداخلة ومركبة، حيث يجمع بينهما الانتماء إلى العقيدة الشيعية، باعتبار أن المرجعية الشيعية الأولى في العالم هي العراق وليس إيران.

وقال إن النظام العراقي منذ صدام حسين والحرب الإيرانية العراقية، تركت آثارها السلبية على الإيرانيين في مواجهة السنة العراقيين، مما جعل رد فعل عكسيًا الآن، تحت مسمى توافق عراقي إيراني شيعي لمواجهة داعش، مما ساعد في تداخل العلاقات أكثر.

وأوضح أن طبيعة العلاقات بين النظام العراقي وإيران، جعلته يبرر رفضه الهجوم العربي ضد الحوثيين، على أساس أن الحوثيين أداة سياسية إيرانية في اليمن، مؤكدا أن هناك علاقات خطيرة بين العراق وإيران الآن.