رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القضاء أنصفهم ولكن سيذمهم التاريخ


حملت لنا الأخبار أن القضاء الإدارى ألغى قرار رئيس مجلس الوزراء بتطبيق الحد الأقصى للأجور على البنكيين، افرحوا قليلاً لأنكم ستبكون فيما بعد كثيراً، والغريب ما صرح به بعض الخبراء ببرود بأن قانون الحد الأقصى للأجور شابه عوار، إذ إنه يتعارض مع مبدأ تناسب الأجر مع عبء العمل!!! يا حلاوة،أى أعباء هذه التى يتحملها هؤلاء البنكيون، هل هذه الأعباء أثقل من أعباء رئيس الجمهورية الذى يعمل ليل نهار بالداخل والخارج لا يكل ولا يمل، بهدف وضع الحلول لمشاكل مصر المتراكمة والمزمنة، ويدفعه عشقه الشديد لمصر فهو على استعداد للتضحية بالنفس والنفيس لتحيا مصر، هل أنتم أفضل من رئيس الجمهورية عندما قدم القدوة الحسنة وقبل بنفس راضية وتنازل عن نصف راتبه وقنع بالقليل من أجل مصر، نقول لهؤلاء الجشعين متى يأتى أوان تضحياتكم من أجل مصر؟ ما العبء الذى تتشدقون به، هل يقارن بما يبذله العمال والمهندسين فى حفر قناة السويس الجديدة تحت وهج الشمس والبرودة الشديدة والظروف البيئية الصعبة، وهم راضون بالقليل ومع ذلك لا يتذمرون؟!، أين أنتم من جنودنا البواسل الساهرين ليل نهار على حدود الوطن فى الصحراء والجبال يهددهم الجبناء بالموت، ومع ذلك فحبهم لوطنهم أغلى من النفس والمال؟! هذه نماذج وقدوة حسنة لمن يريد عشق الوطن،وأنتم أدرى الناس بما يعانيه اقتصاد مصر من تدهور وربما يرجع ذلك إلى بعض رجال الاقتصاد من الفاسدين، لقد عميت عيونهم عن المحاولات المميتة التى يبذلها عشاق مصر للخروج من عنق الزجاجة.كنت أظن أنه ليس هذا وقت تجريف السيولة النقدية فى البنوك، فالوطن فى محنة، ليس لديهم إحساس بما يعانيه الشباب من بطالة وفقر فقد لا يجد بعضهم جنيهاً مصرياً لشرار قوت يومه، ألم يعرف هؤلاء الطامعون أن الوطن فى حالة حرب داخلية وخارجية، ويحاول الأعداء القضاء على مصر، وعندئذ لن تجدوا بنوكا تغترفون منها، ألم يكفيكم ما أخذتموه سابقاً لعدة سنوات كفيلة بتعويض النقص الذى ستصابون به، وأود أن أذكركم بما قام به البعض بتسهيل القروض بالملايين من أموال المودعين لأصحاب الذمم الخربة والهروب بها للخارج، والله لا أجد إلا القول المشهور «اللى اختشوا ماتوا»، إن التاريخ لن يغفر لكم هذا الموقف غير الوطنى، هذا ليس رأيى فحسب بل أحمل لكم آراء الجماهير الغفيرة التى أقابلها يوميا. دروس التاريخ تعطينا الكثير عن تضحيات المصريين الوطنيين، فبعد تأميم قناة السويس عام 1956 انسحب المرشدون الأجانب من أجل تعطيل الملاحة فى قناة السويس، ولكن المرشدين المصريين الوطنيين قاموا بإرشاد السفن طوال أربعة وعشرين ساعة، ونجحت مصر فى إدارة القناة وفشلت مؤامرة المرشدين الأجانب بفضل هذا الموقف الشجاع.

عضو اتحاد المؤرخين العرب