رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قطر وعلاقتها باللهو الخفى «1»


مخطئ من يتصور أن حركات التغيير التى اجتاحت منطقة ما تسمى بـ « الربيع العربي» قد انطلقت مع نشوب أول شرارة فى جسد « البو عزيزي» فى تونس. فكم من شباب قد مارس الانتحار بسبب الأنظمة الفاسدة، التى راهنت لاستمرار هيمنتها فى الحكم على تجويع الشعوب وإخراج الشباب بعيداً عن المنظومة السياسية التى تحكمه، أو من خلال إدخاله فى حلقة مُفَّرَغة من الأزمات؛ لا سبيل للخروج منها سوى بالانتحار. ولم تتوقع أبداً تلك الأنظمة «المُغيّبة»أن الثورة عليها ربما تكون هى الخيار الأول للشباب؛ من أجل ممارسة حقهم المشروع فى الحياة.

ورغم أن فساد هذه الأنظمة كان ولا يزال العنوان الأكبر للثورة فى بلدان الربيع المزعوم، إلا أن التخطيط لإفساد تلك البلدان قد بدأ قبل البو عزيزى بسنوات طويلة. وظهرت إرهاصاته مع تدشين أول أكاديمية للتغيير بلندن عام 2006م. والتى اتسع نشاطها باتخاذ وكلاء لها فى التغيير بكل من « قطر» والنمسا. ومن ثم تصبح قطر هى الوكيل الرسمى للتغيير الآمن فى المنطقة، تحت يافطة خداعة مكتوب عليها «بناء قدرات المجتمعات العربية على تحقيق أحلامها» وحقيقة الأمر كان هدفها هو إنتاج مواطن عربى مُفَرغ من أى مضامين دينية أو وطنية أو تنموية. من خلال إشغاله بشعارات براقة كـ «المدنية والديمقراطية والتحول الآمن والتغيير السلمى وحرية التعبير» ومن ثم الانتقال بـ «العقول التقليدية» للشباب والتى تكرس فكرة الانتماء للوطن الواحد، وتُعلى الثوابت الدينية، وتقيم مصالحة ناجزة بين المبادئ الدينية والثوابت الوطنية. إلى « عقول جديدة» لا تعرف معنى للانتماء ولا تقدر الحدود الوطنية وتعمق الخلاف بين ما هو دينى وما هو وطنى.

ومن ثم فإن أكاديميات التغيير هذه والتى تتزعمها قطر فى المنطقة بدعم بريطانى مشبوه تسعى إلى الانتقال الناعم بالصراع من التصادم العسكرى إلى الحرب الاقتصادية والانتهاء بتكريس «حرب العقول».. والتى خُطط لها من ثمانينيات القرن السابق من خلال استراتيجيات «تهويد العقل العربي» والتى كان لها انعكاساتها الكبيرة فى تطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل... الأمر الذى يجعلك لا تستغرب عندما تقرأ عن تبرع ثرى قطرى لبناء مستوصف طبى لفقراء إسرائيل..!! أو أن تسمع شباباً مصريين يدافعون عن وجود إسرائيل؛ بدعوى أنهم خلق الله وأن الأرض أرض الله وأن الحدود الجغرافية من صنع البشر ولا يجوز لدولة أن تحتكر الأرض...!وأن هذا التغيير المستهدف فى تصورى لم يدافع فقط عن الوجود الصهيونى الذى استهدفته بريطانيا منذ التسعينيات تقريبا عندما أسست مراكز متخصصة فى تقديم « الخدمات السرية للمخابرات الإسرائيلية»، إيجاد وكلاء لها فى كل من العراق وسوريا بدعم قطرى تحت ما يسمى بـ «أكاديميات التغيير» وإنما استهدف هذا التغيير فى تصورى « تفحييم « العقل العربي» الأمر الذى يجعلنا لا نستغرب التدخل القطرى السافر فى الشأن المصري، ولا نستغرب بالتبعية أن نرى شبابا يُحرقُون بلادهم. أو نرى فصيلاً يطالب بغزوها، أو نرى فرقاً تطالب بالحصار الاقتصادى.. ولا غرابة أن ترى «داعش» تُحّلٍق فى الأفق