رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هذا المحتوى بأقلام قراء جريدة وموقع الدستور

مظاهر الإختلاف بين إسلوب العرض القرآني وإسلوب العرض الدعوي

جريدة الدستور


في السنة الخامسة عشر بعد الألفين نستطيع أن نجزم بحقيقة العلم والمنطق وان لهما في عالمنا اليوم الأولوية الأولي قبل أي شيئ وهذه الأولويه لابد من ان تتواجد داخل المعتقدات الدينيه والاخلاقية ولكن بالطبع ليست بالصوره التي دخلت بها علي المسيحيه حيث دمرت بها اوروبا وانهارت دينيا فتحولت في نظري من تشدد ديني مفرط الي افراط ديني متشدد ولكن كما يردد دائما رجال الأزهر الشريف "نحن امة وسطاً" لانعمل العقل كليا ونتلافي الدين تماما ونصير من عبّاد المادة فقط وايضاً لانغلي العقل تماماً ونكره شباب الأمه علي الإنسياق بدون إعمال العقل فنبني بهذا عصراً من الظلام مشابه لغيرنا من الامم التي لاقت من العذاب والأنين مالاقت وذالك بسبب اعمال الدين وإغفال العقل تماماً . نحن امة محمد لانخشي من العقل ابداً فكلما ازداد العقل اطلاعاً كلما ازداد القلب يقيناً باننا نؤمن بالله ونتبع الرسول الامين الحق من عند الله .. ولابد لنا ان نعترف ايضا في ظل صراع الاديان والمعتقدات الدائر في عالمنا منذ القدم والي ان تقوم الساعه أن الدين والمعتقد الاكثر اخلاقاً واعمالاً للأدله العقليه هو المنتصر علي بقية الأديان وهو الاقل عرضةً لهجمات الإلحاد الفكري بشتي انواعه سواءً الإلحاد الكلي وهو انكار الإله او الضمني او الإلحاد السلبي ... الخ .وهذا بالضبط ما نحتاجه اليوم نحتاج إعمال العقل نحتاج نبذ فكرة الانسياق دون الفكر والتأمل وإظهار السببيه لأن العولمه إستشرت بشكل كبير واهم داعميها وأدواتها هو الانترنت حيث اصبح العقل المسلم محاط بشتي انواع الشبهات التي تثار ظلما وبهتانا علي ديننا الحنيف حيث اصبحت كل الثقافات متاحه امام الشباب المسلم ومن اخطرها الفكر الإلحادي الذي لا اساس له في صحيح الفلسفه والمنطق وإعمال العقل وأيضا الفكر التشددي في الإسلام الذي لا أساس له في صحيح الدين فوجب علي الأمة بجميع أطيافها التعامل مع المتغير الجديد الذي طرأ علي مجتمعاتنا وخلف الكثير من الدمار لشبابنا المسلم حيث اننا لم نتطرق له من قبل ولم نعلم شبابنا بتلك الثقافات والأفكار وكيفية إثبات الصحيح منها والخاطئ وكما سنسرد لاحقا ان هذا منافي تماما لإسلوب العرض القرءاني ..

ولعلنا نري بأم أعيننا الفتن تجوب أركان الوطن العربي الاسلامي بسبب قله قليله من معتنقي الدين الحنيف تعاملت هذه الشرزمه مع الدين بطريقه الانسياق والتبعية والجمود فضلت وأضلت معها شباب كثر . وما رأينا خطاباً دينياً يوضح لنا سابقه تاريخيه دينيه وهي الفتنة الكبري بين علي ومعاويه لكي نستقرأ منها الاخطار والاخطاء ونستطيع ان نردها عن امتنا . لعل معظم من يقرأ الان يعلم مدي الدمار الذي ألحقته الفتنه هذه بالمسلمين ولكنه لايعلم ولايعي مدي الدمار الذي لحق الاسلام نفسه وليس مجرد الارض الاسلاميه او الافراد الاسلاميون .. نعم فهناك فارق بين الاشخاص والمعتقدات من وجهة نظري أن اسوء الاضرار ولا يساويه في الضرر شيئ هو ضرر الاسلام بفرقة الشيعه التي ظهرت وترعرعت في ظل تلك الفتنة انظر الي حالنا اليوم تري ان الفتنه والاشخاص والمشاكل والخلافه والقتل والدمار كلها ذهب الا شيئ واحد وهو الشيعة مازالت الي الان تهدم الدين اكثر من اعداءه وتقيم الحروب وتعبث بأمن السعوديه وغيرها من دول الخليجي وفي العراق قتال وفي لبنان دم وفي سوريا اشلاء . هكذا يجب ان نفكر لانفكر في الضرر المادي والشخصي بل نفكر في الضرر العقائدي والفكري .. وفي الفتن التي نمر بها اليوم هناك دمار للاراضي وللاشخاص ولكن هناك دمار اخطر بكثييير وهو دمار التوحيد انظر الي عدد الملحدين بعد تلك الثورات العربيه وبعد الخلافات علي حكم البلاد من فرق تدعي انها اسلاميه ورأينا سقوطها في مصر وانهيارها في ليبيا وتخبطها وانكسارها في سوريا وخذلانها في تونس . في الواقع هذه اهم اسباب انتشار الالحاد حيث صدم الشباب المسكين بدينهم الذي وهمهم الارهابيون من مدعي الاسلام نعم صدموا وهم يرون ما يحسبونه الدين ينهار في مصر بسقوط الجماعه وفي ليبيا لما حكموا قسموا الشعب وقطعوا أرزاق البلاد والعباد فالضرر هنا ليس في سقوط دول العرب او في قتل ابناء الشعب العربي مشوش الرؤي من يقول بذالك بل الضرر بالفعل هو نشأت بذور الإلحاد وايضا نشأت تصور مسلح واجرامي لدي الامم الاخري عن دين الرحمه والسلام دين خير الانام محمد رسول الانسانيه والاخلاق ...
عزيزي القارئ بعد تلك الرحله من عرض المشكله بالاساس وفحص نقاط معينه بها نستطيع سوياً ان نستنتج عوامل موجوده في كتاب الله وفي اسلوب نظمه وعرضه من الخالق الكبير وغير موجوده لدي الدعويين في اسلوب عرضهم لعلوم الدين وللفقه

1-أن للعقل دور وهذا موجود في العرض القرءاني وغير موجود في العرض والخطاب الديني وإن استثنينا بعضاً من رجال الأزهر حفظهم الله وثبتهم .. يقول وهاب العقل في كتابه العزيز (أتأمرون الناس بالبرّ وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون).سورة البقرة (44)

(كذلك يحي اللهُ الموتى ويريكم آياته لعلّكم تعقلون) البقرة (73)

(وتزودوا فان خير الزاد التقوى واتّقونِ ياأولي الألباب) القرة (97)

(والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلٌ من عند ربنا وما يذّكر إلاّ أولوا الألباب) آل عمران (7)

(ان في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب) آل عمران (190)

(قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون)الانعام (50)

(ان شرّ الدوابّ عند الله الصمّ البكم الذين لايعقلون ) الانفال (22)

(وطبع الله على قلوبهم فهم لايعلمون)التوبة (93)

(كذلك نفصّل الآيات لقوم يتفكرون ) يونس (24)

(ومنهم من يستمعون اليك أفأنت تسمع الصمّ ولو كانوا لا يعقلون) يونس(42)

(أليس منكم رجل رشيد) هود (78)

(ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون) يوسف (109)

( ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) الرعد(3)

(هذا بلاغ للناس وليُنذروا به وليعلموا أنما هو اله واحد وليذّكر اولوا الألباب) ابراهيم (52)

(وأنزلنا اليك الذّكر لتبين للناس مانُزّل اليهم
ولعلهم يتفكرّون) النحل (44)

(والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لاتعملون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والافئدة لعلّكم تشكرون) النحل (78)

(ان السمع والبصر والفؤاد كلُّ اولئك كان عنه مسؤولا) الاسراء (36)

(ان ّ في ذلك آيات لأولي النهى)طه (54)

(أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها)الحج (46)

(هو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار افلا تعقلون) المؤمنون(80)

(وماعند الله خير وأبقى أفلا تعقلون) القصص (60)

(وتلك الأمثال نضربها للناس ومايعقلها الا العالمون) العنكبوت(43)

(أولم يتفكّروا في انفسهم ماخلق الله السماوات والارض ومابينهما الا بالحقّ واجل مسمى) الروم (8)

(ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله ان في ذلك لآيات لقوم يسمعون)الروم(23)

(ولقد أضلّ منكم جبلاَّ كثيرا أفلم تكونوا تعقلون) يس (62)

(ومن نعمره ننكّسه في الخلق أفلا يعقلون)يس(68)

(وأذكر عبادنا ابراهيم واسحق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار ) سورة (ص) (45)

(هل يستوي اللّذين يعلمون واللذين
لايعلمون انما يتذكر أولو الألباب ) الزُمر (9)

(وسخر لكم مافي السماوات ومافي الأرض جميعا منه ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)الجاثية(13)

(أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) سورة (محمد) (24)
(فاعتبروا ياأولي الابصار) الحشر (2)

(تحسبهم جميعا وقلوبهم شتّى ذلك لانهم قوم لايعقلون) الحشر(14)

(لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية) الحاقة(12)
___________________________________________________________________

2- في اسلوب عرض القرءان الكريم من قبل الخالق العظيم ما وجدت الا 250 أيه تتحدث عن التشريع وعن الأمر والنهي من اصل6236 أيه موجوده بالقرءان الكريم .. وهذا يختلف تماما مع الاسلوب الدعوي حيث يعتمدوا اعتمادا كليا فقط علي التشريعات والأمر والنهي ويسردون بقية العلوم من عقيده مثلا في هوامش هوامش عرض الخطاب وكائنهم يخالفون العرض القرءاني او يصححون للخالق معاذ الله طبعا هم يفعلون هذا عن غير قصد لذالك ينتشر النفور من الدين في ظل ظروف العولمه والانفتاح كما ذكرنا سالفا. فإلي متي نظل سنيناً من الدهر نتحدث عن اللحيه وطولها وعن النقاب وعن طول الجلباب وعن لبس الخاتم ودبلة الزواج وعن الإحتفال بمولد النبي فقط لاغير . مع ان الله عز وجل لم يتحدث عن التشريع الا في بضع ايات ... كيف لي كمتبع ومفسر لشيئ ان اتخذ جزء واعممه واتناسي اجزاء لاتراها العين الا في المعاهد الازهريه فقط ؟ مثل اصول الفقه, ومثل العقيده, وتاريخ التشريع ,وغيرها الكثير التي لايعلم كثير من اصحاب الدعوي والخطاب الدين عنها الا القليل لإعتقادهم ان الدين هو فقط مجرد ترهيب وترغيب .. كيف ؟ والله ... لا عقلٌ ولا ربٌ ولا دينٌ يقول هذا أيما فكرة في الوجود وأي معتقد يجب أن يُحمي ويَعلم اتباعه بماهيته وباصوله وشبهات الأخرونَ عليه وكيفية ردها بالعقل والمنطق والحس الروحاني .. ولعل هذا ايضا من أهم أسباب تدهور حال المسلمين وانتشار الإلحاد في ظل الإنفتاح والعولمه ....
__________________________________________________________________

3-الخطاب القرءاني يتحدث عن الاخلاق والمعاملات الطيبه وعن روح التسامح والإخاء بين أجناس الأرض وهذه أبرزَها الخالق الوهاب في كلامه العزيز انها القاعده "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" لم يقل ليقتل الشعب المسلم غيره من الشعوب التي لا تدين بالإسلام . وحين يأتيَ الأمرُ بالقتال تجدُ أنها حاله فرعيه وإستثنائيه عن الأصل وهوالإخاء والتعارف حيث بين الله هذا في قوله تعالي "لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين " فالأصل هو التسامح والإخاء وعدم القتال والفرع الاستثنائي هو حالة الدفاع عن النفس لو حدث هجوما علي الإسلام بالاسحله . هذا اسلوب العرض للقضيه في القرءان ولكن... نري الخطاب الدعوي المتطرف مثل شيوخ السلفيه وأتباع المجرم حسن البنا والمجرم سيد قطب وغيرهم من الارهابيين يعرض القضيه بالعكسِ تماما .يعرض القضيه علي أن الأصل هو الحرب والسلم والإخاء وعدم القتال هذا إستثناء . من هنا ينشئ عند الشاب اضطراب حيث إنه مؤمنٌ بقيم جميله وسمحه ومعاني مثاليه اخلاقيه رائعه ثم ينشئ عنده الضدد تماما بعد سماع مجرم مثل حسن البنا او مجرم مثل سيد قطب وهو موهوم انهم أصحاب علم أو دين ... السكوت علي هذا في السنوات الفائته كان اهم أسباب إنتشار الإلحاد وغيرها من أثار تٌخلي الدين من مضمونه الحقيقي بل وتدمره ..
هذه الإختلافات بين إسلوب عرض الله وبين إسلوب عرض الدعاه .أدت إلي مانشهده اليوم من أزمات دينيه وسياسيه واخلاقيه بل وعقائديه ايضاً. ماظهرت كل تلك الأزمات إلا في يومنا هذا بسبب تقدم العلم الحديث وإتاحت الكم المعلوماتي في الدين وإغفال الكيفيه. وهذا كُلّهْ يعود إلي كتب ومؤلفات في الدين من عشرات السنين توارثها الشباب بالطريقه الكميه . وبعد ظهور الطارئ الجديد وهو الانفتاح والعولمه الثقافيه والفكريه اصبح العقل المسلم ياخذ كل شيئ بالطريقه الكيفيه فنشأت الصدامات بين المخزون المعلوماتي الكمي وبين الكيفيه في المعلومات الدينيه التي لم توضح من قبل علي سبيل المثال هناك أسئله كيفيه موجوده إلي الان حين تطرح لا تجد اجابه بل يكفي الدعويين (الا من رحم ربي) القول"إن لتفكير بهذه الاشياء يعد كفرا بالله "فهذا الصدام أنشئ عند الشاب المُعّرض لشتي أنواع الأفكار الفلسفيه فكرة أين الاجابة ياتري؟؟ فيبدأ الشك يراوغ قلبه ومع قراءة بعض الافكار الفلسفيه والنظريات الإلحاديه . يكون الشاب المسلم قابلا للتحول الرهيب من النقيض الي النقيض . لأنه بالفعل فارغ العقل تماماً تجاه هذه الأفكار . فمن السهل جدا في هذه الحاله ان يملئ عقله بأي فكره لأنه لم يُعد مسبقا ولا توجد لديه اي فكره أخري حتي يُحّكم عقله بين الفكرتين .. هذه من وجهة نظر طفل يحبوا في العلم هي اهم النقاط التي تساعد علي هدم الاسلام وتفكك المجتمعات لانه بالعقل والمنطق والدين وكل معيار اخلاقي او عقائدي لاتجوز ..نعم لايجوز انت الناقل عن الله تعارضه في طريقة النقل التي اخذها وتناولها كتابه العزيز .. والحل بسيط وسهلٌ جدا . فقط نرد الشيئ لأصله مرة أخري فيتبع الناقل (الداعي) عن الله ولله الي إسلوب الله والي طريقة عرض الكتاب المقدس القرءان العظيم . فننجو و ينجو الإسلام والمجتمع .........
ــــــــــــــــــــــــــ
عبدالحميد كرم
ـــــــــــــــــــــــــــ