رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الذئاب... تفترس المدينة الحرة !!


تحولت المدينة الحرة إلى جراج كبير بعد أن أزيلت جميع أرصفة المشاة منها فى بدعة لم تحدث فى أى مدينة من المدن المصرية كافة. وأصبح المواطن يسير وهو طائر وليس على أقدامه!! هذا هو حال المدينة الباسلة الآن.
بورسعيد الآن.. مدينة فقدت كل مضمون المدن.. أصبحت مدينة محاصرة اجتماعياً واقتصادياً.. بل وسياسياً.. منذ عام 1976 تم تحويل بورسعيد إلى مدينة حرة وأصبحت المدينة المصرية المحاطة بأسوار ومنافذ جمركية.. وتم حرمان المدينة من حدودها الإدارية.. أصبحت المدينة سجينة بين الأسوار.. وجهت إليها الضربات المتتالية حتى أصبحت تملك أعلى نسبة من الفقر والبطالة والأمراض.. كل هذا بسبب تاريخ المدينة الوطنى وبسالتها أمام المعتدين خارجياً وداخلياً.. من يصدق أن بورسعيد هى أغنى وأغلى مدينة فى حوض المتوسط كله.. بما فى ذلك المدن الأوروبية!! تمتلك المدينة أكبر حقول الغاز والبترول ويمر من بينها قناة السويس وعلى أرضها تقع مشروعات عملاقة.. كل هذا تمتلكه بورسعيد.. يعيش أبناؤها الآن حيث يتعرضون لبطالة قاتلة حتى وصل الأمر إلى أن العمل محظور وممنوع على أبنائها وأصبحت شهادة الميلاد لأبنائها.. هى فى الوقت نفسه شهادة وفاة!! حتى بعض الوظائف كتب عليها محظور لأبناء بورسعيد!! المدينة عدد سكانها لا يزيد على 700.000 نسمة البطالة فيها أكثر من 45000 تخطى الكثير منهم الثلاثون عاماً.. الكارثة.. المدينة أصبحت مقيدة بالأغلال كمدينة حرة. وتم تحويل الوطن كله إلى منطقة حرة!! فى بورسعيد أكثر من 60 ألف تاجر محلاتهم أصبحت شبه مغلقة وأصيبوا بالإفلاس الدائم حتى المسكنات أصبحت ممنوعة عنهم .. تريد الذئاب المفترسة أن تسمع الأنين المكتوم فى صدور أبنائها.. أصبح المواطن بالمدينة الحرة لا يجد العلاج والدواء.. بل حتى سرير الموت.. ومن يملك يتم علاجه خارج المدينة الحرة.. والفقراء وهم الأغلبية علاجهم الوحيد هو التوجه إلى المقابر!! ومع الاعتراف بأن لدينا عدداً كبيراً من أغنياء الثورة.. أصبح أيضا لدينا أعلى نسبة فقر تصل إلى 40 % وهى النسبة الأعلى بين مدن الوطن.. ويصل من هم تحت خط الموت إلى نسبة تزيد على 20 % المحافظ الذى عينته جماعة الإخوان مشغول الآن ببناء أسوار عالية حول محيط مبنى المحافظة ومؤسسات الدولة الأخرى.. حتى يحمى نفسه من العيون المحتقنة لأبناء المدينة.. رغم أن الجميع يعلم أن الأسوار مهما كانت عالية لم ولن تحمى أحداً من غضب الجماهير حتى وإن كان سور الصين العظيم!! تحولت المدينة الحرة إلى جراج كبير بعد أن أزيلت جميع أرصفة المشاة منها فى بدعة لم تحدث فى أى مدينة من المدن المصرية كافة. وأصبح المواطن يسير وهو طائر وليس على أقدامه!! هذا هو حال المدينة الباسلة الآن.. لم يعد هناك علاج يمكن أن يؤدى إلى حل للمدينة.. والمطلوب فتح الملف فوراً فى جميع المجالات وبسرعة قبل فوات الأوان.. إن المدينة فى حاجة إلى علاج اقتصادى سريع يرفع مستوى الحياة الاجتماعية وهذا لن يتم إلا بعقد مؤتمر اقتصادى لا تسيطر عليه الذئاب المفترسة التى مزقت جسد المدينة الطاهر ومازالت أظافرها وأنيابها تلعق فى الدماء التى سالت من جسدها!! إن العلاج الحقيقى يأتى بعلاج الوطن كله من هذا الوباء الذى سمى بـ«المستورد» فى ربوع الوطن كله وأصبح محظوراً على المدينة الحرة نفسها!! إننا نطالب بعلاج حقيقى للوطن بحظر الاستيراد لكثير من السلع التى تسببت فى إغلاق الآلاف من مصانعنا.. وأيضاً إلغاء كل القرارات التى تسمح بدخول السلع المستوردة دون أى حماية قانونية أو جمركية.. من يصدق أن هناك المئات من المناطق الحرة الخاصة تدمر وتخرب اقتصاد الوطن كله بالقانون!! إن اتفاقية «الجات» تعطينا الحق فى حماية الصناعة الوطنية لماذا هذا التسليم والهزيمة الاقتصادية أمام ذئاب مفترسة تعمل على هدم الاقتصاد الوطنى بحجة الاقتصاد الحر.. اسألوا كل دول العالم هل حدودكم مفتوحة للاستيراد الحر مثل حدودنا التى أصبحت بلا حدود أصلا؟! إن المدينة الحرة هى مفتاح إنقاذ الوطن كله.. بأن تعود إلى القانون الذى أنشأها ويصبح الاستيراد لجميع السلع داخل المدينة وحدها حتى يمكن إنقاذ الوطن من التخريب الاقتصادى ..البعض يعتقد أننى أتحدث منحازاً لبورسعيد.. الحقيقة أننى منحاز للوطن كله.. إن النظام الموروث من مبارك هو النظام القائم الآن والذى سعى إلى تدمير الاقتصاد الوطنى لحساب حفنة من الذئاب المفترسة .. لقد تم اتهام بورسعيد بأنها مدينة التهريب، والحقيقة أن المهربين الكبار هم الذين استولوا على جميع المنافذ البحرية والبرية واعتدوا على كل أحلام الوطن فى بناء اقتصاد مستقل لجميع أبنائه.. أعلنوا أن بورسعيد هى سبب الأزمة وقرروا الاعتداء عليها فى جميع المجالات وقدموها فريسة وشماعة حتى يخفوا الجرائم التى يرتكبونها ضد الوطن كله!! لماذا لا يأتى إلينا المسئولون الذين يحملون سلطة القرار حتى يروا بأنفسهم المأساة التى تعيشها المدينة الحرة .. يأتينا دائماً وزير الرى.. ونحن لا نزرع القطن والأرز حتى يأتى يتفقد الحقول المزروعة!! إن بورسعيد مدينة تجارية حكموا عليها بذلك.. والآن يحكمون عليها بأنها غير ذلك!! إن هذا آخر الكلام.. وبعده لن تجدوا الكلام.. ستجدون المدينة ترتدى ملابس المقاومة وتعود إلى خنادقها القديمة كى تدافع عن نفسها أمام هذه الذئاب المفترسة التى تنهش لحم الوطن كله وأنيابها مغروسة فى لحم المدينة التى كانت حرة! رئيس اتحاد أصحاب المعشات