رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اختطاف الأزهر الشريف


«وهلم جرا» هذا هو الذى أعيا تفكيرى ففيه أعداد لا يمكن حصرها من كثرتها وفوقهم نخبة مختارة من مستشارى الشيخ معظمهم تربوا فى حضن جماعة الإخوان، ولكن يبقى مع ذلك أسطورة محمد عمارة التى لا يستطيع الشيخ الاستغناء عنها.

إلى الآن لم أستطع معرفة لماذا يتمسك شيخ الأزهر بالدكتور محمد عمارة، وإلى متى سيظل عمارة رئيساً لتحرير مجلة الأزهر وعضواً فى مجمع البحوث الإسلامية وهو الرجل الذى بلغ من الكبر عتياً إذ تجاوز الرابعة والثمانين منذ شهرين، ولا أعرف أيضاً لماذا ينكر شيخ الأزهر أن الإخوان قد تسللوا إلى الأزهر وسيطروا عليه منذ زمن بعيد، وهل يكون الإنكار عند الشيخ هو البديل الوحيد لتطهير الأزهر من فلول الإخوان؟! وأظن أننى لو قمت بحصر أعضاء الإخوان فى الأزهر لاحتاج الأمر إلى الاستعانة بالجهاز المركزى للإحصاء، فعلى رأس الإخوان فى تلك المؤسسة الدينية العريقة الشيخ عبدالستار فتح الله سعيد والدكتور عبدالحى الفرماوى والشيخ محمد راضى السيد جبريل والشيخ طلعت عفيفى وسلامة عبدالقوى ويحيى حبلوش وحسن يونس عبيدو وعبدالعزيز النجار وهلم جرا.

«وهلم جرا» هذا هو الذى أعيا تفكيرى ففيه أعداد لا يمكن حصرها من كثرتها وفوقهم نخبة مختارة من مستشارى الشيخ معظمهم تربوا فى حضن جماعة الإخوان، ولكن يبقى مع ذلك أسطورة محمد عمارة التى لا يستطيع الشيخ الاستغناء عنها، فعمارة إخوانى المشاعر والهوى، وقد كتب عبر تاريخه العديد من الكتب التى يمجد بها الإخوان وشيوخهم ومرشدهم الأول حسن البنا، فهو من هذه الناحية لا يخفى انتماءه، حتى أنه صرح قبل انتخابات الرئاسة التى اغتصبها مرسى زورا وإكراها: «لقد أيدت الإخوان المسلمين ودافعت عنهم عندما كان الدفاع عنهم كلمة حق فى وجه سلطان جائر وغاشم، وبعد ثورة 25 يناير أعطيتهم صوتى فى انتخابات مجلس الشعب والشورى، واليوم أعلن تأييدى لهم فى انتخابات الرئاسة» أما الأسباب التى قرر من أجلها أن يعطى الإخوان صوته فهو على حد قوله: «إن الإخوان المسلمين هم الحاملون لمشروع النهضة الإسلامية وهم الأقرب إلى الفكر الإسلامى الوسطى والأقدر مع كل المخلصين على تحقيق النهضة الإسلامية التى سعى إليها رواد الإصلاح الإسلامى من الآباء والأجداد».

كما أن محمد عمارة لا يخفى أن الأزهر قد أصبح قلعة إخوانية فضلاً عن سيطرة السلفيين على قطاع منه، إذ قال فى تصريح له: «أنا لا أحب أن أكون ممن يكتم الشهادة، حتى ولو كان فى فمى ماء كثير، فإنى أقول إن الأزهر مؤسسة كبيرة جداً، كما أنها عريقة جداً، والأزهر ليس شيئاً واحداً، ولا موقفاً واحداً، ففى علماء الأزهر جمهور كبير يناصر الإخوان، والأزهريون الأعضاء فى الإخوان يبلغون عشرات الألوف، وذلك فضلا عن الطلاب، وفى علماء الأزهر قطاع ينتمى إلى السلفية بألوانها المختلفة» وبذلك يثبت محمد عمارة بنفسه ما ينكره شيخ الأزهر والمجموعة الاستشارية له، رئيس تحرير مجلة الأزهر يفخر بأن هناك الآلاف من علماء الأزهر من يناصرون الإخوان، وهو نفسه عمارة الذى لم يكن أزهرياً يقر بإخوانيته، ولكن الأعجب من هذا وذاك هو أن شيخ الأزهر يقبل أن يكون عمارة الإخوانى رئيساً لتحرير مجلة الأزهر وهو الذى يصرح بأن ثورة يونيو ما هى إلا انقلاب، فيقول فى بيان له: «كنت أحسب أن موقفى لا يحتاج إلى إعلان، لكن أمام تساؤل البعض فإنى أقول إن ما حدث فى 30 يونيو 2013 هو انقلاب عسكرى على التحول الديمقراطى الذى فتحت أبوابه ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، والذى تمت صياغته فى الدستور الجديد الذى حدد قواعد التبادل السلمى للسلطة عن طريق صندوق الاقتراع كما هو متبع فى كل الدول الديمقراطية.

وأضاف عمارة «هذا الانقلاب العسكرى إنما يعيد عقارب الساعة- فى مصر- إلى ما قبل 60 عامًا عندما قامت الدولة البوليسية القمعية التى اعتمدت سُبُل الإقصاء للمعارضين حتى وصل الأمر إلى أن أصبح الشعب المصرى كله معزولاً سياسيًا يتم تزوير إرادته، بالإضافة إلى أنه أصبح يعانى من أجهزة القمع والإرهاب». وتابع عمارة فى بيانه قائلاً: «إن ما يزيد من مخاطر هذا الانقلاب؛ أن البعض يريد انقلابًا على الهوية الإسلامية لمصر التى استقرت وتجذرت عبر التاريخ». وعبارة عمارة الأخيرة فى بيانه تدل على أن ما حدث ليس انقلاباً عسكرياً فقط ولكنه كان انقلابا على الإسلام!! وبالتالى فإنه يرى أن الشعب المصرى الذى خرج ضد الإخوان كان فى الحقيقة يقف ضد الإسلام، وأيضاً فإنه يرى أن الرئيس السيسى عندما انتصر للشعب فإنه كان ينتصر للكفر ضد الإسلام! ومع ذلك فإن شيخ الأزهر لا يزال يستأجر عمارة لكى يكون رئيساً للمجلة التى تعتبر لسان الأزهر، ولا يبقى من ذلك إلا أن يكون الشيخ الإمام يؤمن بما يؤمن به عمارة، وإلا ليقل لنا ما الأسباب التى تجعله يتمسك به بعد هذا كله؟!