رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صفوة القول فى تجديد الخطاب الدينى


هل نضُب معين العلماء الأفاضل فى عالمنا الإسلامى؟ هل توقـف الاجتهـاد والتجديد الفاعل والمـؤثر وعجـز عن فـك طلاسـم «التابوهات» التى غدَت كالأصنام والآلهة فى قبائل الأوس والخزرج فى أعماق الجاهلية الأولى؟.

... فى الحقيقة.. نقف حيارى أمام هذا الإحجام من علماء الفقه الإسلامى عن الاتفاق على كلمةٍ سواء تجتمع عليها الأمة، لكسر حاجز هذا العجز الذى ينتج عنه التشرذم عرقيًا وطائفيًا ومذهبيًا.. رغم أن الجميع يشهد بأن الله هو الواحد القهار، وأن الدين الذى وضع المولى قواعده، له الديمومة والبقاء وثوابته لا تتغير، ولكن يبقى الاجتهاد والتجديد فى أدوات التطبيق على المجتمع حسب مجريات العصر التى تتجدد مع تقدم الفكر الإنسانى المستنير، فلم نعُد نستخدم «الجَمَل» فى تنقلاتنا وحركاتنا، ولم نعُد نشرع «السيوف» فى حروبنا، لنجد أن البعض مازال يعيش فى غياهب الجاهلية ويخرج علينا كل مدع ٍ بتفسيرات ماأنزل الله بها من سلطان، ليبث فى نفوس البشر البسطاء كل عوامل الفُرقة، تحقيقًا لأغراض ٍ دنيوية لا ترتقى إلى ما أمرنا الله به بالحكمة والموعظة الحسنة، وهذا يعكس الفقر فى التطبيق وليس الفقر فى التنظير، لأن الساحة مفتوحة بلا ضوابط لكل من أراد الإدلاء بدلوه فى مسألة الفتوى والتفسير، ولم لاتكن هذه الآية الكريمة نبراسا يضىء طريق كل من يعمل مخلصًا لوجه الله ودينه:

«قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ».«151» سورة الأنعام.

لهذا.. نحن نثمِّن برنامج العمل الذى أعلنته وزارة الأوقاف المصرية الذى ينطوى على تفعيل صالون الأوقاف الثقافى ونشاطه العلمى، واختيار موضوعاته لتتواءم وتجديد الفكر الإسلامى بانفتاح عقلى ومعرفى يؤمن بإعادة النظر فى تجديد الخطاب الدينى ونبذ التطرف والعنف، ويشارك فيه من يتمتع بعقلية معرفية تكسر الجمود الثقافى الدينى، ولتناقش المسائل الجادة التى تعمل على تفكيك الجمود الفكرى لمسايرة العصر بأفكار جديدة تعمل على تقوية الوشائج الاجتماعية بلا تفرقة وبلا تعصب أعمى يدمر العلاقات الإنسانية، ويعطى الصورة المرجوَّة لصحيح الدين، وينفى تلك الصفات غير الحميدة التى التصقت بالبعض من الدعاة، علاوة على تفعيل هذا الصالون يأتى المؤتمر العام الرابع والعشرون للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية المزمع عقده فى نهاية فبراير القادم، ويتمحور حول «عظمة الإسلام وأخطاء بعض المنتسبين إليه : طريق التصحيح» إلى جانب عزم الوزارة القيام بتأسيس ما يسمى بـ «مركز المجلس الأعلى للشئون الإسلامية للغات والترجمة» ليعبر عن حال الأوقاف فى العالم.. أيضًا ما تم اقتراحه حول إنشاء مكتبة وطنية تشتمل على مؤلفات المنصفين من المبدعين المصريين بغض النظر عن دينهم، طالما من شأنها ترسيخ روح الوطنية والانتماء ونشر قيم التسامح والتعايش السلمى المشترك، وتكون الدعوة خالصة لعبادة الله كلُ ُ بطريقته التى يرى فيها مايتوافق مع عقيدته وفلسفته الحياتية.. دون تناحر وتكالب على سلطة باستخدام التفسيرات التى يحكمها الهوى والغرض.

بهذا الفكر المستنير وغيره من المقترحات سنصنع التقدم المنشود لعالمنا و مجتمعاتنا العربية والإسلامية .. فلاتقدم ولا ازدهار إلا فى ظل الحُب والمودة والتلاحم والتراحم لنكون بحق خير أمة أخرجت للناس.

■ مركز اللغات والترجمة ـ أكاديمية الفنون