رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العالم يحيي بعد غد اليوم العالمي للمهاجرين

جريدة الدستور

يحيي العالم بعد غد.. اليوم العالمي للمهاجرين 2014.. تحت شعار "أنا مهاجر"، حيث ارتفع عدد المهاجرين الدوليين من 175 مليونا عام 2000 إلى 232 مليونا في عام 2013.

كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اعتمدت القرار رقم 55/93 في 4 ديسمبر عام 2000، باعتبار يوم 18 ديسمبر يوما دوليا للمهاجرين في ضوء تزايد اعداد المهاجرين في العالم.

وفي مثل هذا اليوم كانت الجمعية العامة قد اعتمدت القرار 45/158 الخاص بالاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم.
وفي الحوار الرفيع المستوى بشأن الهجرة والتنمية الذي عقد في أكتوبر 2013، اعتمدت الدول الأعضاء بالتزكية إعلانا دعت فيه إلى الاعتراف بأهمية مساهمة الهجرة في التنمية، كما دعت إلى تعاون أكبر للتصدي لتحديات الهجرة غير الشرعية ولتيسير هجرة شرعية منظمة وآمنة.
وقد أشار بان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة، في تقرير قدمه إلى الجمعية العامة في أكتوبر 2013، جدول أعمال طموح من 8 نقاط لكفالة نجاح عملية الهجرة للجميع اوضح فيه أن الهجرة هي تعبير عن التطلعات الإنسانية نحو الكرامة والأمن والمستقبل الأفضل. وهي جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي، ومكون من مكونات أسرتنا الإنسانية. وذكر أن عددا كبير جدا من المهاجرين يعيشون ويعملون في ظروف غير عادلة، وكثير منهم يعرضون حياتهم للخطر في البحر ويصبحون هم وأطفالهم عرضة للاستغلال والإساءة، ويحرم العديد من حريتهم والتعاطف والحماية اللازمة لهم. ويقدم جدول أعمال التنمية في مرحلة ما بعد 2015 ، فرصة للتأكد من أن احتياجات الأكثر فقرا وتهميشا أصبحت من الأولويات لتلبية الهدف الأساسي للإطار الجديد من "دون ترك أي واحد ورائنا"، ويجب علينا أن نولي اهتماما أكبر لهشاشة وضع المهاجرين في العالم.
ودعا بان كي مون جميع الدول إلى التصديق وتنفيذ جميع الصكوك الدولية الأساسية لحقوق الإنسان، وكذلك الصكوك ذات الصلة بقانون العمل الدولي.وحث الدول على اعتماد سياسات الهجرة الشاملة والقائمة على الحقوق الإنسانية التي تعزز قنوات الهجرة القانونية. وتدرج المهاجرين في استراتيجيات التنمية وتمكينهم من المساهمة في رفع مهاراتهم وخبراتهم من أجل النهوض بمجتمعاتهم.
وعلى امتداد التاريخ البشري، تعد الهجرة تعبيرا شجاعا عن رغبة الفرد في التغلب على الظروف المعاكسة والحياة على نحو أفضل. واليوم أدت العولمة إضافة إلى نواحي التقدم في الاتصالات والنقل إلى زيادة عدد الأفراد الراغبين في الانتقال إلى أماكن أخرى والقادرين على ذلك. وقد أوجد هذا العصر الجديد تحديات وفرصا للمجتمعات في جميع أنحاء العالم، كما ساعد أيضا في إبراز الصلة الواضحة بين الهجرة والتنمية فضلا عن الفرص التي يوفرها للتنمية المشتركة، أي التحسين المتضافر للظروف الاقتصادية والاجتماعية في بلدان المنشأ والمقصد على حد سواء.
ويشير تقرير "اتجاهات الهجرة الدولية، عن عام 2013" الصادر عن إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية إلى أن 232 مليون شخص أو ما يعادل 3.2 % من سكان العالم يعيشون خارج أوطانهم في أنحاء العالم، مقارنة بـ175 مليون في عام 2000 و154 مليونا في عام 1990، ومن هؤلاء 136 مليونا في دول متطورة و96 مليونا في دول نامية، بحسب التقرير.
وبالإضافة إلى ذلك تظهر الأرقام أيضا تحولا منذ عام 2000 في الهجرة ما بين الجنوب والشمال، والهجرة فيما بين بلدان الجنوب لنحو 82 مليون مهاجر دولي. وكان ثلاثة أرباع إجمالي المهاجرين يعيشون في 28 بلدا فقط عام 2005. وكان 1 من كل 5 مهاجرين في العالم يعيش في الولايات المتحدة. ويشكل المهاجرون ما لا يقل عن 20 % من السكان في 41 بلدا يقل عدد سكان 31 منها عن مليون نسمة. وتشكل الإناث ما يناهز نصف العدد الإجمالي للمهاجرين على الصعيد العالمي وهن أكثر عددا من المهاجرين الذكور في البلدان المتقدمة النمو.
ويعيش 6 من كل 10 مهاجرين دوليين تقريبا في اقتصادات مرتفعة الدخل ولكن هذه الاقتصادات تشمل 22 بلدا ناميا، بما فيها البحرين وبروني والكويت وقطر وجمهورية كوريا والمملكة العربية السعودية وسنغافورة والإمارات العربية المتحدة. وقد انتقل حوالي ثلث الـ 191 مليون مهاجر في العالم من بلد نامٍ إلى آخر، وانتقل ثلث آخر من بلد نامٍ إلى بلد متقدم النمو. ويعني ذلك أن عدد من هاجروا "من الجنوب إلى الجنوب" يساوي تقريبا عدد من هاجروا "من الجنوب إلى الشمال". وشكل المهاجرون ذوو التعليم العالي ما يقل بعض الشيء عن نصف الزيادة في عدد المهاجرين الدوليين الذين يبلغ عمرهم 25 سنة أو أكثر في بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي خلال التسعينات. ومن بين كل 10 من المهاجرين ذوي التعليم العالي الذين كانوا يعيشون في بلدان المنظمة عام 2000 كان أصل 6 تقريبا منهم من البلدان النامية.
وقال وو هونغ بو، وكيل الأمين العام للشئون الاقتصادية والاجتماعية، يمكن أن تقدم الهجرة، عندما تكون محكومة إلى حد ما، مساهمة هامة جدا في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في كل من بلدان المنشأ وبلدان المقصد. وأضاف أن الهجرة توسع الفرص المتاحة للأفراد، وهي وسيلة حاسمة لتوسيع نطاق الحصول على الموارد والحد من الفقر.
وأشار تقرير للامم المتحدة الى ان معظم المهاجرين في سن العمل (20 إلى 64 عاما) و48% من النساء. وتأتي أوروبا وآسيا أبرز قارتين تستقبلهم مع 72 و71 مليون مهاجر على التوالي، والولايات المتحدة هي الوجهة المفضلة وتستقبل 46 مليون نسمة بينهم 13 مليونا ولدوا في المكسيك و2.2 مليون أتوا من الصين و2.1 مليون من الهند ومليونان من الفلبين.
وتشير تقارير المعهد الأمريكي الخاص بدراسة سياسة الهجرة إلي أن عدد السكان الأمريكيين من أصل صيني وصل إلى1.57 مليون شخص(%86.6 من البر الرئيسي الصيني و%13.4 من هونغ كونغ عام 2010). واحتل 4.1 % من إجمالي عدد المهاجرين في أمريكا، حيث أصبحت الصين رابع أكبر دولة في العالم من ناحية عدد المهاجرين إلى الولايات المتحدة الامريكية بعد المكسيك والفلبين والهند.
ولفتت إلى أن عدد المهاجرين الصينيين في الولايات المتحدة قد شهد زيادة ملحوظة في السنوات الأخيرة. وكانت الصين سابع أكبر دولة في العالم من ناحية عدد المهاجرين إلى أمريكا في سنة 1990، وأصبحت ثالث أكبر دولة عام 2000، غير أن الهند حلت محلها في الوقت اللاحق. وذكرت أن مستوى التعليم للمهاجرين الصينيين أعلى مقارنة بالمهاجرين الآخرين، ويتمتع نصفهم بالدرجة الجامعية أو أعلى.
وذكر التقرير الأممي أنه في عام 2013 انتقل 82.3 مليون مهاجر ولدوا في دول الجنوب إلى دول جنوبية أخرى، في حين أن 81.9 مليونا ولدوا في الجنوب هاجروا إلى الشمال. ويعيش أكثر من 51% من المهاجرين في 10 دول فقط هي الولايات المتحدة (45.8 مليونا) وروسيا (11 مليونا) وألمانيا (9.8 ملايين) والسعودية (9.1 ملايين) والإمارات (7.8 ملايين) وبريطانيا (7.8 ملايين)، تليها فرنسا (7.4 ملايين) وكندا (7.3 ملايين) وأستراليا (6.5 ملايين) وإسبانيا (6.5 ملايين). ويشكل الآسيويون (70.8 مليونا) والمهاجرون من أميركا اللاتينية (53.1 مليونا) أكبر مجموعتين، إذ يعيش 19 مليون آسيوي في أوروبا و16 في أميركا الشمالية وثلاثة ملايين في أوقيانيا ومعظم المهاجرين من أميركا اللاتينية (26 مليونا) يعيشون في أميركا الشمالية.
وآسيا هي المنطقة التي شهدت أكبر هجرة منذ عام 2000 باستقبالها 20 مليون شخص إضافي خلال 13 سنة بسبب الطلب على اليد العاملة في الدول التي تشهد وتيرة نمو اقتصادي سريعة مثل ماليزيا وسنغافورة أو تايلاند. وبين عامي 1990 و2013 استقبلت الولايات المتحدة 23 مليون مهاجر إضافي بمعدل مليون سنويا، والإمارات 7 ملايين وإسبانيا 6 ملايين.
وقد ضاعفت موجة ثورات "الربيع العربي" عدد طالبي اللجوء من الدول العربية ودول غرب أفريقيا إلى أوروبا، حسب إحصاء أجرته وكالة أوروبية ومؤسسة أبحاث أمريكية.
وأوضحت وكالة الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبي (يوروستات) أن طلبات اللجوء من التونسيين ارتفعت بنسبة 92.5 % لتصل إلى 6330 طلبا العام الماضي، ومن الليبيين بنسبة 76 % لتصل إلى 2900 طلب، فيما ارتفع عدد الفارين من سوريا بنسبة 50% بسبب القتال هناك. وتعتبر المغرب واحدا من بين 15 بلدا المصدرة لأكبر عدد من المهاجرين في العالم. وهو أيضا أول مصدر للمهاجرين في إفريقيا تليه كل من مصر والجزائر. وفي سنة 2000 بلغ عدد المغاربة المهاجرين والذين يعيشون في الخارج 2,6 مليون مغربي، وهو ما يمثل 9 % من مجموع السكان، وذلك وفقا لدراسة أجراها جيل بيزون وهو باحث في المعهد الوطني الفرنسي للدراسات الديموغرافية (INED).
وفي هذا السياق يلاحظ أن شمال أوروبا لا يجذب أعدادا كبيرة من المهاجرين وذلك منذ منتصف 1970، فعلى سبيل المثال فنسبة المهاجرين الذين دخلوا فرنسا في المدة الفاصلة بين 2002 و 2007، (الفرق بين عدد الأشخاص الذين دخلوا البلاد وعدد من الناس الذين خرجوا خلال فترة معينة) كانت أقل من 10 مرات في إيطاليا.
وأكدت مصادر أن مكتب الإحصاء التابع للمجموعة الأوروبية (أورو ستات) سبق له أن كشف أن عدد المغاربة القاطنين بمجموع دول المجموعة الأوروبية (26 دولة) يبلغ مليون و727 ألف مهاجر، ليشكل بذلك المهاجرون المغاربة ثاني أكبر جالية أجنبية في أوروبا بعد الجالية التركية. وأبرزت الإحصائيات ذاتها أن 86 % من المغاربة المقيمين في أوروبا، يتواجدون بكثرة في ثلاث دول هي إسبانيا التي وصل عدد المغاربة بها عند نهاية 2008 إلى حوالي 650 ألف مُقيم، وفرنسا التي بلغ عدد المغاربة بها حوالي نصف مليون نسمة، ثم إيطاليا بـ حوالي 400 ألف مغربي. وتعتبر الجالية التركية أولى الجاليات من حيث عدد أفرادها المقيمين بدول المجموعة الأوروبية بمليونين و419 ألف نسمة، يستقر معظمهم (76%) بألمانيا، في حين يبلغ عدد الجزائريين المقيمين بأوروبا 519 ألف نسمة 80 % منهم يتواجدون بفرنسا.
وفي دول غرب أفريقيا، تضاعف عدد طلبات اللجوء من نيجيريا، التي تشهد تزايدا في الاحتجاجات الغاضبة ضد ارتفاع أسعار الوقود، وزاد من 6700 عام 2010 إلى 11500 عام 2011، وارتفع عدد طالبي اللجوء من ساحل العاج إلى 5300 مقابل 1500 في 2010. في حين قالت مؤسسة "بروكينغز" للأبحاث بواشنطن إن نحو مليوني شخص نزحوا عن ديارهم العام 2012 . ونتيجة لموجة "الربيع العربي" في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وكان العدد الأكبر من المهاجرين إلى أوروبا للعام الثالث على التوالي من أفغانستان. وانعكست هذه الزيادة في أعداد اللاجئين في أوروبا على تصريحات عدد من قادة الدول الأوروبية، حيث تعهد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يخوض معركة الانتخابات الرئاسية بسحب فرنسا من اتفاقية (شنغن) الخاصة بحرية السفر عبر الحدود في الاتحاد الأوروبي، ما لم تتخذ خطوات لحماية حدود أوروبا. كما هددت كل من النمسا وألمانيا بإعادة إجراءاتها الحدودية في منطقة شنغن إذا لم تقم دول كاليونان بوقف المد المتزايد من المهاجرين الذين يعبرون بحر إيجة قادمين من تركيا. وقد اقترحت المفوضية الأوروبية السماح للحكومات مؤقتا بالعودة إلى إتباع إجراءاتها الحدودية إذا أثبتت فشل الدول المجاورة بشكل متكرر في التصدي للهجرة غير المشروعة.
ويشكل إغراء الحصول على عمل بأجر جيد في بلد غني أحد الدوافع القوية للهجرة الدولية. وقد زاد الإغراء مع استمرار زيادة الفوارق في الدخل بين البلدان. وذلك ليس صحيحا فيما يتعلق بالفوارق الكبيرة والمتزايدة بين البلدان ذات الدخل المرتفع والبلدان ذات الدخل المنخفض فحسب، ولكن أيضا فيما يتعلق بالبلدان النامية الأكثر دينامية والبلدان النامية الأقل دينامية. وعلاوة على ذلك، يحتاج العديد من الاقتصادات المتقدمة والدينامية إلى العمال المهاجرين لأداء الأعمال التي لا يمكن أن يعهد بها إلى مصادر خارجية ولا يوجد من يرغب في أدائها من العمال المحليين بالأجور السائدة. وتعد شيخوخة السكان هي أيضا من الأسباب الكامنة وراء هذا الطلب المتزايد لأنها تؤدي إلى عجز في عدد العمال بالنسبة إلى المعالين. ومع حصول الأجيال الصاعدة على تعليم أفضل، أصبح عدد أقل في صفوفها قانع بوظائف منخفضة الأجور تتطلب جهدا جسديا كبيرا.
وقد تؤدي الهجرة إلى انخفاض الأجور أو زيادة البطالة بين العمال ذوي المهارات المنخفضة في الاقتصادات المتقدمة، الذين يكون الكثير منهم هم أنفسهم مهاجرين قدموا في موجات سابقة. غير أن معظم المهاجرين تكون مهاراتهم مكملة لمهارات العمال المحلين لا منافسة لها. وعند نقطة المنشأ، لا يؤدي الفقر المدقع بشكل آلي إلى زيادة الهجرة. فأكثر الناس فقرا بشكل عام لا يملكون الموارد اللازمة لتحمل تكاليف الهجرة الدولية وأخطارها. وغالبا ما يأتي المهاجرون الدوليون من الأسر المعيشية ذات الدخل المتوسط. ولكن، عندما يستقر المهاجرون في الخارج، فإنهم يساعدون الأصدقاء والأقارب على اللحاق بهم، وفي هذه الأثناء تنخفض تكاليف الهجرة وأخطارها مما يسمح لمن هم أفقر، ولكن ليس لمن هم الأكثر فقرا، أن يلحقوا بالتيار. وهجرة من يملكون المهارات المنخفضة توفر أكبر إمكانات تخفيض عمق الفقر وحدته في مجتمعات المنشأ الأصلية. وثمة أدلة متزايدة تبين أن الهجرة الدولية ذات أثر إيجابي في العادة لبلدان المنشأ وبلدان المقصد على حد سواء. وفوائدها المحتملة أكبر من الأرباح المحتملة من زيادة تحرير التجارة الدولية خاصة بالنسبة للبلدان النامية.