رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تمثال «دليسبس».. يكرمونه لخيانته الجيش المصرى


أثناء عدوان 1956 على بورسعيد.. تقدم عدد من الفدائيين ودمروا تمثال «دليسبس».. ومنذ هذا التاريخ أصبحت قاعدة التمثال المدمرة ترمز إلى بطولة المدينة وشهدائها الذين سقطوا دفاعاً عن مصر والعالم كله، حتى نظام «مبارك» رفض عودة التمثال!! اسألوا تلاميذ وطلاب المدارس ماذا فعل بنا هذا الأفاق؟!.
نزلت قوات بريطانيا على شواطئ الإسكندرية، وتقدمت إلى كفر الدوار، ودارت كبرى المعارك انتصر فيها الجيش المصرى وانسحبت قوات الغزاة وعادت إلى السفن الحربية.. قابل القائد المصرى «أحمد عرابى».. «الفرديناند دليسبس» وطلب منه إغلاق القناة حتى لا تمر منها أساطيل القوات الإنجليزية، لكن «دليسبس» أعلن أمام «عرابى» أن القناة محايدة ولن تمر منها سفن الإنجليز!!

لكن الخائن نكث بوعده وسمح بمرور الأسطول الإنجليزى.. ونزلت القوات الغازية إلى الأراضى المصرية، وفى «التل الكبير» قامت أكبر معركة حربية حيث تقدم الإنجليز بمدافع حديثة وبنادق قوية.. كانت النهاية هزيمة لقواتنا وأصبحت مصر تحت الاحتلال الإنجليزى لمدة 75 عاماً.. بفضل خيانة «دليسبس»، لقد دفع المصريون 120 ألفاً منهم فاتورة حفر قناة السويس حيث عملوا بنظام السخرة، أى إننا دفعنا ثمن قناة السويس من دماء المصريين وهى أكثر غزارة من مياه قناة السويس نفسها.. هكذا يعلم ويعرف كل مواطن مصرى من هو هذا الخائن!! الآن يريد محافظ بورسعيد الذى عينه مكتب الإرشاد قبل ثورة 30 يونيو محافظاً حتى يقوم بأخونة المحافظة لصالح جماعة الإخوان.. ولكن ثورة الشعب أطاحت بالجماعة وبقى المحافظ!! يريد المحافظ الآن أن يعود التمثال فوق جثث شهدائنا حتى تأتى السياحة!! الحقيقة التى لا يعلمها أحد أن هناك جماعة «أصدقاء دليسبس» أعلنت أنها تنوى تقديم «حفنة من اليورو» مقابل إعادة التمثال!!

ونحن نسأل: بكم نبيع شرف مدينة استبسل أبناؤها وسقط منها الآلاف من الشهداء دفاعاً عن هذا الوطن؟ ونسأل أيضاً: هل سيأتى سائحو العالم من أجل تمثال خائن بدلاً من الأهرام وأبى الهول وآثار حضارة عمرها آلاف السنين؟

إن المدينة رفضت عبر تاريخها كله أن تبيع نفسها.. فكيف تبيع شرفها؟! إننا نسأل أحفاد 56: أنتم مع إهانة شهداء المدينة فى مقابرهم؟! بدلا من أن يجهد المحافظ نفسه فى تلويث تاريخنا.. عليه أن يسمع ويرى ما يحدث بالمدينة من نهاية مأساوية للمدينة الحرة ونهاية خيالية فى نسبة الفقر والمرض.. وهناك عشرات الآلاف من شباب فقد الطريق إلى الحياة بعد أن أصبح بلا عمل ومستقبل.. وهناك الآلاف من المحالات التجارية أصبحت مغلقة والمدينة خالية وخاوية من أى عمل اقتصادى ومرافقها الصحية تعلن الفشل الذريع فى إدارة شارع وليس مدينة بقامة بورسعيد!!

إننا نعتذر لشهدائنا الأبرار عما لحق ويلحق بهم من إهانات وعار.. إننا نعتذر لبريطانيا وفرنسا عما فعلناه بقواتهما الغازية للمدينة إبان حرب 1956.. إن عودة تمثال الخائن الذى تسبب فى هزيمة الجيش المصرى تعنى الاعتذار للغزاة.. وإدانة للمقاتلين من أبناء المدينة!! اسألوا الشعب الفرنسى ماذا فعلوا مع «دليسبس» نفسه، لقد تم الحكم عليه بالسجن لارتكابه أعمال نصب واحتيال.. هذا هو صاحب التمثال الذى يريد المحافظ الذى عينته جماعة الإخوان إعادة تكريمه!! إن المدينة الباسلة تعيش الآن فى حالة احتقان شديدة بسبب المعاناة التى تتعرض لها بسبب هذه السياسة المدمرة التى تتعرض لها الجماهير الشعبية ويكتسب منها حفنة من تجار الأرض ورجال يسمون أنفسهم «رجال أعمال» يحكمون المدينة بالقوة مستغلين الأوضاع السياسية فى البلاد!!

إن سياسة المحافظ بتعميق الكارثة الاقتصادية بالمدينة ورفع درجة الاحتقان وزيادة الفقر.. إنما هذا كله يأتى لصالح جماعة الإخوان والإرهاب حيث يعملان على إسقاط الدولة!! إننا نسأل: هل عودة التماثيل فى وقت تتعرض البلاد فيه لهجوم من المتطرفين الذين يرفعون شعارات دينية هل هذا يتفق مع ما تتعرض له البلاد؟ إن سياسة التماثيل غير مرغوب فيها وتسير وتحرض المتطرفين.

إن الإعلان عن عودة التمثال هو تحريض مباشر للمتطرفين بأن يكتسبوا مساحة جديدة على أرضنا!!

إن سيدنا إبراهيم قد حطم بفأسه التماثيل حول الكعبةومنح كبيرهم الفأس فى رأسه.. فهل التمثال الذى يريد المحافظ إعادته يستحق الفأس فى رأسه أم تدميره حماية للمدينة مازالت تحافظ على شرفها؟!

إننا مع وجود التمثال فى المتحف كى نحكى للأجيال ماذا فعل الخائن بنا وبجيشنا الباسل فى التل الكبير.. إننا مع الحفاظ على التاريخ فهو ملك الشعب.. ولكننا لسنا مع التزوير والتضليل بأن نخفى حقيقة المجرمين!

إن كل أموال العالم .. وليس حفنة من اليورو لا تساوى قطرة دم من شهدائنا الأبرار.. إننا نعلم أن الزمن الذى نعيشه يساعد تجار الأوطان وأصحاب سياسة الفقر..ولأن حصانتهم الآن ليست دائمة سيأتى اليوم ليحاسب فيه كل من اعتدى عليها هكذا علمنا التاريخ .. إن هناك أمثلة قالها العرب القدامى «تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها»!! إن العرب قالوا هذا المثل ولم تنشأ بورسعيد وكأنهم قالوا هذا المثل تحية للباسلة المدينة الحرة.

■ رئيس اتحاد أصحاب المعاشات