اتفاق الرياض بين النص والالتزام
من جهة أخرى كانت الأسباب التى أدت إلى سحب الدول لسفرائها من الدوحة نتيجة لتدخل قطر فى شئونها الداخلية، وكذا موقفها من مصر وتدخلها فى أكثر من مكان فى الدول العربية داعمة للمنظمات الإرهابية، خاصة الإخوان المسلمين، ولذا فالمفترض أن الجهود التى بذلت للوصول إلى اتفاق الرياض وضعت فى اعتبارها الأسباب السابقة للخلاف سواء فيما بينها وبين دولة قطر، ما بينها وبين مصر، والواقع أننا ليس لدينا لحين كتابة المقال نص اتفاق الرياض، لكن لدينا ما يشير إلى مشتملاته.
من تصفح ما صدر فى تصريح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله الذى نشرته وسائل الإعلام نجد أن به فقرة عامة، وأخرى خاصة بمصر، ولا نستطيع أن نفصل بينهما فصلاً تعسفياً، فى الفقرة الأولى يقول البيان ما يلى «حرصنا فيه وإخوانى أصحاب الجلالة والسمو على أن يكون منهياً لجميع أسباب الخلافات الطارئة، وأن يكون إيذاناً ــ بحول الله وقوته ــ لبدء صفحة جديدة لدفع مسيرة العمل المشترك ليس لمصلحة شعوب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فحسب بل لمصلحة شعوب أمتنا العربية والإسلامية والتى تقتضى مصالحها العليا أن تكون وسائل الإعلام معينة لها لتحقيق الخير ودافعة للشر» هذه الفقرة تقول إن الاتفاق ينهى جميع الخلافات وإيذاناً لبدء صفحة جديدة تدفع مسيرة العمل المشترك، وأظن أن أهم الخلافات الطارئة المذكورة هى تدخل قطر فى شئون الدول الداخلية وتشجيعها للجماعات الإرهابية وتمويلها وبالتالى فإذا كان ما جاء فى تصريح خادم الحرمين الشريفين حقيقياً فإن هذا يعنى توقف قطر عن التدخل فى الشئون الداخلية للدول وتوقف دعمها للجماعات الإرهابية وتمويلها وهو إذا تحقق يحدث تغييراً جذرياً فى المنطقة بأكملها خصوصاً إذا ما امتد هذا السلوك على مساحة المنطقة.
أما الجزء الخاص بمصر فقد اشتمل على الآتى: «كما حرصنا فى هذا الاتفاق على وضع إطار شامل لوحدة الصف والتوافق ونبذ الخلاف فى مواجهة التحديات التى تواجه أمتنا العربية والإسلامة، وفى هذا الإطار وارتباطاً للدور الكبير الذى تقوم به جمهورية مصر العربية الشقيقة، فلقد حرصنا فى هذا الاتفاق وأكدنا وقوفنا جميعاً إلى جانبها وتطلعنا إلى بدء مرحلة جديدة من الإجماع والتوافق بين الأشقاء» هنا ينص التصريح على أنه يؤدى إلى الوقوف إلى جانب مصر وبدء مرحلة جديدة من الإجماع والتوافق، والوقوف إلى جانب مصر لا يمكن أن يكون بتشجيع المخربين، وتمويل الإرهابيين، لابد من العودة إلى ما جاء فى تصريح خادم الحرمين حول أن مصلحة شعوب أمتنا العربية والإسلامية العليا تقتضى أن تكون وسائل الإعلام معينة لها لتحقيق الخير ودافعة للشر، فأظن أن الإعلام القطرى، خاصة قناة «الجزيرة» كانت ومازالت تلعب دوراً سلبياً، وأن أهم مؤشر سيوضح كيفية استجابة قطر لبيان الرياض، وهو ما لم يبد حتى الآن فى سلوك هذه القناة، وإذا كانت مصر، كدأبها دائماً استجابت للدعوة إلى الجهود من أجل العمل العربى المشترك فإن هذا يظل مرتبطاً بمدى الالتزام بما ورد عن البيان.
■ خبير سياسى واستراتيجى