رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السيد البدوي خلال كلمته في عيد الجهاد: "الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة"

السيد البدوي
السيد البدوي

ينشر "الدستور" النص الكامل لكلمة الدكتور السيد البدوى، رئيس حزب الوفد، فى الاحتفال بعيد الجهاد، الذى أقامه الحزب بمقره مساء أمس الخميس.

بسم الله الرحمن الرحيم
السيدات والسادة،
بداية أرحب بضيوفنا الأعزاء الذين نتشرف بهم في دارهم دار الوفد بيت الأمة المصرية.

كما أرحب بزميلاتي وزملائي أبناء العائلة الوفدية الذين حضروا اليوم من محافظات مصر المختلفة للمشاركة في الاحتفال بذكرى عيد الجهاد الوطني .. عيد الجهاد الوطني الذي خرج من رحمه أول ثورة شعبية في تاريخ مصر الحديث.. ثورة 1919 التي أزاحت الحماية البريطانية عن كاهل مصر والمصريين وأرست مبدأ المواطنة والمساواة بين أبناء الجماعة الوطنية وسعى زعيماها سعد زغلول ومصطفى النحاس على طريق الديمقراطية مؤكدين أن " الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة " .. ثورة 1919 التي قال عنها غاندي أنا ابن ثورة 19 التي علمت الدنيا .. علمت الدنيا كيف تجلت الوحدة الوطنية في مواجهة المستعمر .. فقد امتزجت دماء المسلمين والأقباط دفاعاً عن حرية الوطن واستقلاله وارتفعت الأعلام تحمل الهلال معانقاً الصليب وردد الملايين شعار الدين لله والوطن للجميع وعاش الهلال مع الصليب .. القمص "مرقس سرجيوس" القبطي على منبر الأزهر يخطب ويقول " إذا كان الإنجليز يعلنون أنهم قد أتوا إلى مصر بدعوى حماية الأقباط فليمت الأقباط جميعاً وليحيا المسلمون أحراراً " والشيخ أبو العيون يخطب في كاتدرائية الأقباط .. تلك هي مصر وهذا هو شعب مصر الذي صنع ثورة 1919 والذي قال فيه شوقي:
أَعَهِدْتَنَا والقِبْطَ إلا أُمّة ً للأَرض واحدة تَروم مَراما؟
نعلي تعاليمَ المسيحِ لأجلهم ويوقِّرون لأجلنا الإسلاما
الدِّينُ للدَّيّانِ جلَّ جلالُه لو شاءَ ربُّكَ وَحَّدَ الأَقواما
هذي ربوعكمُ، وتلك ربوعنا مُتقابلين نعالج الأَياما
هذي قبوركمُ، وتلك قبورنا مُتجاورينَ جَماجماً وعِظاما
فبحُرمة ِ المَوْتَى، وواجبِ حقِّهم عيشوا كما يقضي الجوارُ كراما

إنها مصر المحروسة وستبقى بإذن الله ومشيئته محروسة .. إنها مصر التي كانت لموسى قاعدة ومنطلقاً ولعيسى ملجأ وملاذاً وللنبي محمد هدية ونسباً .. مصر التي جاءها إبراهيم أبو الأنبياء وجاءها يوسف الصديق وولد على أرضها موسى وهارون ثم جاءتها العائلة المقدسة .. مصر التي ذكرها الله في القرآن الكريم 5 مرات وفي التوراة والإنجيل 697 مرة .. إنها مصر التي لن يضيعها الله أبداً مهما حاول المتآمرون في الداخل والخارج أن ينالوا منها فسوف تظل بإذن الله قوية أبية عصية على كل من يريد بها سوءاً.

السيدات والسادة ،
نحتفل اليوم بعيد الجهاد الوطني يوم قاد سعد زغلول ورفاقه مسيرة الوطن من أجل الاستقلال والديمقراطية والدستور في 13 نوفمبر 1918 .. لقد كتب زعماء الوفد تاريخاً جديداً لمصر وسطروا بحروف من نور عهداً مجيداً لأمة عظيمة صنعت ثورة 1919.

وكما فاجأ المصريون العالم بثورة 1919 .. استطاع أحفادهم أن يدهشوا العالم بثورتين عظيمتين في 25 يناير وفي 30 يونيو .. هذا هو شعب مصر خير أجناد الأرض.
كُلُّ مِصْرِيٍّ يُنَادِي أَنَـا مِلْكٌ لِبِـلادِي
قَلْبي يَمِيني لِسَانِي رُوحِي فِدَى أَوْطَانِي
كَانَ الجِهَادُ أَمَانِي وَاليَوْمُ يَوْمُ الجِهَـاد

نعم اليوم يوم الجهاد ضد الفئة الباغية من أعداء الدين والإنسانية الذين استحلوا دماء إخوانهم في الوطن .. يوم الجهاد ضد المخطط الأمريكي الصهيوني لإسقاط الدولة المصرية وتحويلها إلى دولة فاشلة عاجزة يسهل قيادتها والسيطرة على قرارها من أصغر الدول وأقلها شأناً .. يوم الجهاد ضد أعداء الوطن الذين يحملون لواء التكفير ورايات الإرهاب ويتعطشون لدماء إخوانهم في الدين والوطن ، وهنا لا يفوتني أن أنحني إجلالاً وإكباراً وتعظيماً لشهدائنا الأبرار الذين افتدوا أمن الوطن والمواطن بأرواحهم الطاهرة ودمائهم الذكية وعزاؤنا جميعاً أنهم أحياء عند ربهم يرزقون في جنة نعيم مع النبيين والصديقين والصالحين .. أيضاً أتوجه بالتحية والتقدير والعرفان لأبناء قواتنا المسلحة البواسل ورجال الشرطة الأبطال الذين يخوضون معركة الحفاظ على الدولة المصرية وحمايتها وحماية شعبها من القتلة والإرهابيين الذين تسممت أفكارهم وتيبست عقولهم واعتنقوا أفكاراً تكفيرية دموية وأيضاً لا يفوتني أن أتوجه بالشكر والتحية لأبناء سيناء الحبيبة بوابة مصر الشرقية الذين ضحوا على مر العصور ولا يزالون يضحون من أجل حماية الوطن والدفاع عنه.
 
الإخوة والأخوات ،
إن الجهاد ضد التطرف والإرهاب لن يكون بالمواجهة الأمنية وحدها ولكنه يحتاج إلى مواجهة مجتمعية وفكرية و سياسية و اقتصادية و اجتماعية وتنموية وإذا كانت أجهزة الدولة تعمل على تجفيف منابع الإرهاب من المال والسلاح فيجب علينا تجفيف منابع الإرهاب مما هو أخطر من المال والسلاح ألا وهو العنصر البشري من الشباب صغير السن الذي يقع فريسة للأفكار التكفيرية ودعاوى القصاص وهنا يأتي دور علمائنا الأجلاء ويأتي دور الأزهر الشريف الذي سيظل منارة للإسلام الحق بوسطيته وسماحته .. الأزهر الشريف الذي قال عنه تشرشل " لن نستطيع القضاء على الإسلام طالما تمسك المسلمون بهذا الثلاثي العجيب القرآن وصلاة الجمعة والأزهر" ومن هنا أقول للإمام الأكبر شيخ الأزهر الذي يتعرض لحملة شرسة من دعاة التطرف والإرهاب لا تحزن إن الله معك ومع علماء الأزهر الشريف وسوف تنتصرون بإذن الله في معركة استنقاذ الإسلام من عبث المتطرفين والتكفيريين من خوارج هذا العصر الذين أساءوا إلى ديننا الحنيف وانقلبوا على تعاليمه وسنه نبيه الكريم.

السيدات والسادة ،
نعم اليوم يوم الجهاد .. يوم الجهاد من أجل بناء مصر الكبرى التي يستحقها المصريون بحكم حضارتهم وتاريخهم وثقافتهم .. مصر الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة والعادلة .. مصر الدستور الذي اختاره شعب مصر والذي جعل الإسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وجعل مبادئ شرائع المصريين من أصحاب الديانات السماوية الأخرى هي المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية وجعل المواطنة هي مناط كافة الحقوق والواجبات .. مصر الديمقراطية الحقيقية التي تقوم على أسس التعددية السياسية والفكرية واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة وتداول السلطة .. الديمقراطية التي يجب أن تكون وثيقة الصلة بتفاصيل حياة الناس والتي تلتزم فيها الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير سبل التكافل الاجتماعي بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين فينعم المواطن بتأمين صحي اجتماعي شامل يضمن له رعاية صحية حقيقية .. معاش مناسب لمن لا يقدر على إعالة نفسه وأسرته وفي حالات العجز والبطالة والشيخوخة .. نظام تضمن فيه الدولة لكل مواطن الحق في السكن الملائم والآمن والصحي والحق في غذاء صحي وكاف وماء نظيف .. نظام يضمن المساواة بين المواطنين في الحقوق والحريات والواجبات العامة لا تمييز بين مصري ومصري على أساس الدين أو الجنس أو العرق أو اللون أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو الجغرافي .. نظام لا يجوز فيه المساس بحقوق الإنسان وحرياته وتكون سيادة القانون هي أساس الحكم في الدولة ويكون استقلال القضاء وحصانته وحيدته ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات .. تلك هي مصر الكبرى التي حق علينا جميعاً الجهاد من أجل بنائها كي تتبوأ مكانتها التي تستحقها بين دول العالم ولكي ينعم شعبها بالتنمية والرخاء والأمن والاستقرار.

الإخوة والأخوات ،
منذ ثورة 1919 ورجال الوفد يحملون الراية ويتوارثون هموم الأمة وقضايا الوطن لم يتخلوا يوماً عن الدفاع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وكرامته منذ ثورة 1919 إلى ثورتي 25 يناير و 30 يونيو كان رجال الوفد وشبابه في الطليعة يدافعون عن ثوابت الوفد ويدقون أبواب الحرية فالطريق إلى 25 يناير بدأ من هنا من بيت الأمة بدءاً من رفضنا للتوريث وانتهاء بالانسحاب من انتخابات مجلس الشعب في 2010 بعد أن فضحنا التزوير السافر في الجولة الأولى للانتخابات وكان انسحاب الوفد من تلك الانتخابات هو أول مسمار تم دقه في نعش نظام الحزب الوطني وكان الوفد حاضراً بقوة منذ اليوم الأول للثورة في 25 يناير وكانت استراتيجية الحزب الوجود القوي الفعال والمعلن ولكن كجزء من الثورة وليس وصياً عليها .. وهنا من بيت الأمة أعلن الوفد سقوط النظام وأن الرئيس قد فقد شرعيته وعليه ترك منصبه .. وقدم الوفد شهداء ومصابين من شباب الحزب ورفض المتاجرة بدمائهم هذا هو الوفد وسوف يظل ضمير الأمة ونصيرها والمدافع عن حقوق الشعب والمعبر عن إرادته وآماله وآلامه .. ولم يتوقف كفاح الوفد عند إسقاط نظام مبارك ولكن تصدى لنظام الإخوان ورفض عزل النائب العام بقرار سلطوي وانسحب نواب الوفد من لجنة الدستور وتكونت جبهة الإنقاذ الوطني في بيت الأمة في حزب الوفد يوم 19 نوفمبر وفور صدور الإعلان الدستوري الاستبدادي يوم 23 نوفمبر 2012 اجتمعت جبهة الإنقاذ في بيت الأمة ودعت لمليونية حاشدة استجاب لها شعب مصر وكانت ضربة قاصمة لنظام الإخوان وبدأت المواجهة مع نظام الإخوان لإسقاطه وجاء 30 يونيو 2013 وأعلنا في مؤتمر صحفي يوم 30 يونيو أن الشعب وحده هو صاحب السلطة، وأنه مانح الشرعية وسالبها، وأن خروج الملايين في كافة ميادين مصر في مشهد لم يشهده التاريخ تحت راية واحدة وهى علم مصر، ومطلب واحد هو رحيل الرئيس، هذا الاحتشاد الشعبى أسقط الشرعية عن النظام بأكمله.

وأعلن الحزب أن النظام قد أسقطه الشعب، وأنه على أركان هذا النظام الاستسلام لإرادة الأمة وعدم المكابرة والمقاومة، فالدم المصرى حرام على الجميع، وأنه لا يمكن لفصيل أو جماعة أن تقاوم شعبا ودولة.

واليوم وانطلاقاً من المسئولية الوطنية لحزب الوفد أقدم مؤسسة سياسية في مصر وباعتباره الحزب الوحيد الذي يمتلك خبرة الحكم كما يمتلك خبرة المعارضة وإدراكاً منا بأهمية هذه المرحلة وما تمر به البلاد من تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية وما نرصده من تجرؤ البعض على مؤسسات الدولة ومرافقها وسيادة القانون فإن علينا جميعاً أن نتحمل مسئوليتنا الوطنية وأن نواصل المسيرة التي بدأناها في ثورتي 25 يناير و 30 يونيو وهي بناء مصر الكبرى التي حلمنا بها جميعاً وقد كان أول خطوة على طريق البناء هو الدستور الجديد ثم كانت الخطوة الثانية وهي الانتخابات الرئاسية والتي انتهت بانتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيساً للبلاد وتبقى الخطوة الثالثة والأهم على طريق البناء وهي انتخاب مجلس لنواب الأمة الذي يجعل من نصوص الدستور واقعاً يتم تنفيذه ويحدث أثره على حياة المواطن المصري من خلال القوانين التشريعات .. مجلس النواب الذي يمنح الثقة للحكومة بناء على البرنامج الذي سيقدمه رئيس الحكومة الذي يكلفه الرئيس من حزب الأغلبية أو الأكثرية ثم يراقب أداء هذه الحكومة ويسائلها ويسحب الثقة منها ويقيلها إذا لم تحقق إنجازاً يلمسه المواطن.

إذًا نحن أمام استحقاق انتخابي يمثل حجر الزاوية في بناء الوطن ولأن الوفد لم يغب يوماً عن شعب مصر وكان مرشحو الوفد في طليعة المرشحين للبرلمان ومنذ عودة الوفد للحياة السياسية عام 1984 لم نغب عن البرلمان سوى مرة واحدة قاطعت فيها الأحزاب والقوى السياسية الانتخابات اعتراضاً على قانون وضمانات نزاهة الانتخابات وحيدة الدولة في العملية الانتخابية عام 1990 عدا ذلك كنا نواجه استبداداً وتزييفاً لإرادة الأمة وكان نوابنا أسوداً في مواجهة أغلبية مصطنعة ثم كانت انتخابات 2012 ورغم الاستقطاب الديني الحاد والإنفاق المالي الضخم كان الوفد الحزب المدني الأول في مجلسي الشعب والشورى ومثل بـ 57 نائباً في المجلسين.

واليوم وعلى الرغم من أننا نواجه قانوناً معيباً للانتخابات .. قانونا يتعارض مع روح الدستور ونصوصه فالدستور المصري هو الدستور الوحيد في العالم الذي يتضمن نصاً صريحاً داعماً للأحزاب إذ ينص في مادته الخامسة على أن النظام السياسي في مصر يقوم على أساس تعدد الأحزاب والتداول السلمي للسلطة وتداول السلطة يحدث بين الأحزاب وليس بين المستقلين.

وبالتالي كان يجب على واضعي قانون الانتخابات أن يكون هناك تطبيق لهذا النص بدعم الأحزاب من خلال قانون يعيد الاعتبار إلى الأحزاب السياسية بعد أن عانت حلاً وتجريفاً وحصاراً سياسياً وأمنياً لأكثر من ستين عاماً وهذا ما حدث في جميع الدول التي حدث فيها تحول من نظام استبدادي إلى نظام ديمقراطي.

وكانت الانتخابات في هذه الدول بنظام القوائم النسبية مما سمح بتمثيل كافة أصوات الناخبين ودعم الأحزاب السياسية وبناء نظام ديمقراطي حقيقي أدى إلى تداول السلطة وهذا هو جوهر الديمقراطية فطوال 30 عاماً حكمها الرئيس الأسبق حسني مبارك كان لدينا كل مظاهر الديمقراطية كان لدينا أحزاب وإعلام وحرية صراخ وقضاء مستقل وبرلمان ولكن لم يكن هناك تداول للسلطة .. قانون الانتخابات الحالي 420 مقعداً بالنظام الفردي و120 مقعداً بنظام القوائم المطلقة يمثلون الفئات غير القادرة على المنافسة الانتخابية .. نظام القوائم المطلقة الذي لا تعمل به أي دولة ديمقراطية في العالم كان أول من عمل به هتلر وآخر من طبقه موسوليني .. وعلى الرغم من اعتراضنا على قانون الانتخابات إلا أننا سنخوض الانتخابات أياً ما كان القانون ولكن رأيت أن من واجبي كرئيس للوفد أن أحذر من نتائج هذا القانون والذي سينتج عنه مجلس مفتت مجزء لا يؤسس للدولة الديمقراطية التي يجب أن تكون وسوف يؤدي إلى عدم تمثيل أحزاب وقوى شاركت في الثورتين ولن يكون أمامها سوى الاحتجاج والتظاهر كي يصل صوتها والذي كان من المفترض أن يصل من خلال نواب يمثلون هذه الأحزاب والقوى الوطنية.
 
وأمام هذا القانون قررنا خوض الانتخابات في تحالف وطني واسع وهو تحالف "الوفد المصري" وهو في الأساس تحالف سياسي انتخابي مستمر داخل البرلمان بهيئة برلمانية واحدة.

ولقد أعلن المجلس الرئاسي لتحالف الوفد المصري في اجتماعين متتاليين أننا نسعى لتشكيل قائمة وطنية لا تقصي أحداً شريطة الإيمان بثورتي 25 يناير و 30 يونيو والتوقيع على وثيقة التحالف.

وخلال أيام قليلة من الآن سوف ينتهي المجلس الرئاسي لتحالف الوفد المصري من الإعلان عن الشكل النهائي للتحالف بعد الانتهاء من التشاور والحوار الذي لازال مفتوحاً مع قوى وطنية وتحالفات من أجل توحيد صف القوى المدنية وفور الإعلان عن تقسيم الدوائر الانتخابية سوف نعلن أسماء مرشحي التحالف.

وأقولها باسم زملائي في المجلس الرئاسي لتحالف الوفد المصري إننا منفتحون على الجميع دون إقصاء وأن كل ما يشغلنا هو تكوين جبهة وطنية لها مشروع وطني وبرنامج انتخابي يلبي طموحات شعب مصر ويكون سنداً وداعماً للدولة محافظاً على قوتها ووحدة صف أبنائها في مواجهة المخاطر والتحديات التي تواجهها.

وقبل أن أختم حديثي أود أن أتوجه برسائل ثلاثة:
الرسالة الأولى:
إلى الشباب .. ولشباب مصر أقول أنتم السند والقوة .. أنتم فرسان الميدان طوال تاريخ الحركة الوطنية صنعتم ثورة 1919 ولولاكم ما تحقق الحلم وما كانت ثورة 25 يناير ولا معجزة 30 يونيو .. أنتم أمل الأمة وعماد نهضتها وتقدمها لقد صنعتم ثورة ضد الاستبداد وثورة تالية ضد محاولة اختطاف مصر وتغيير هويتها وعليكم الآن قيادة ثورة جديدة من أجل العمل والإنتاج ومواجهة دعاة اليأس و الإحباط .. ثورة علمية تجعلنا نستعيد أمجادنا ونبني وطننا .. ثورة على الجهل والاستسلام .. ثورة على الإهمال واللامبالاة فأنتم أصحاب المستقبل وبأيديكم ستصنعون بإذن الله حاضراً ومستقبلاً يستحقه الشباب الذي أدهش العالم بثورتين في أقل من 30 شهراً وبأيديكم وصوتكم تصنعون بإذن الله برلماناً يعبر عن ثورتكم لا مكان فيه لأصحاب المصالح ممن فسدوا أو أفسدوا الحياة السياسية قبل 25 يناير أو من تاجروا بالدين وحاولوا اختطاف مصر قبل 30 يونيو وإن كان تمثيلكم في مجلس النواب القادم محدوداً فأمامكم المجالس النيابية المحلية والتي نص الدستور على تمثيل الشباب فيها بـ 25% على الأقل تلك المجالس ستكون حصانة سياسية لشباب مصر يخرج منها النواب والوزراء والمحافظون ورجالات الدولة خلال السنوات القليلة القادمة.

الرسالة الثانية :
إلى المرأة المصرية والتي كانت من أبطال ثورة 1919 ومنذ ذلك التاريخ كتبت المرأة المصرية ميلاداً جديداً لها في الحياة السياسية وقد تعاظم دور المرأة وتجلى في ثورة 25 يناير ثم في ثورة 30 يونيو تمهيداً و إعداداً ومشاركة وأيضاً كانت المرأة حاضرة بشكل أذهلنا جميعاً وأدهش كل المتابعين في الداخل والخارج في الاستفتاء على الدستور وفي انتخابات الرئاسة وننتظر منها استكمال دورها الوطني في إنهاء الاستحقاق الثالث من خارطة المستقبل وهو انتخاب مجلس النواب ترشيحاً وانتخاباً وإن كان الدستور قد منح للمرأة 56 مقعداً في القوائم فأمامها فرصة أيضاً في انتخابات المجالس المحلية والتي أعطت للمرأة 25% بما يعادل 13500 مقعد لتبدأ من ذلك المجلس التواصل مع الناخبين في القرى والأقسام والمدن والمراكز وصولاً إلى تمثيل حقيقي للمرأة في انتخابات مجلس النواب القادم بإذن الله.

الرسالة الثالثة: حول السياسة الخارجية
إن العالم يموج بالتغيرات من حولنا ولأن مصر هي أم العرب وقلب العروبة النابض فإن سياستها الخارجية دائماً ما تكون محط أنظار العالم ولقد استطاع الرئيس عبد الفتاح السيسي والدبلوماسية المصرية في أشهر قليلة أن يستعيدوا مكانة مصر الدولية والإقليمية من خلال علاقات قائمة على الندية والمصالح المشتركة ، وأصبح من غير المقبول لأي دولة كبرت أو صغرت أن تتدخل في شئوننا الداخلية فلقد استقل قرارنا الوطني من التبعية والضغوط التي كانت تمارس علينا من أجل إخضاعنا لتنفيذ أجندات غيرنا أو خدمة المصالح الأمريكية الصهيونية في المنطقة ، نحن نرحب بالعلاقات المصرية الأمريكية على أساس الشراكة لتحقيق المصالح المشتركة ولكن بعيداً عن أي تدخل من قريب أو بعيد في شئوننا الداخلية ، وهنا أكرر ما قاله الكاتب توماس فريد مان للإدارة الأمريكية "ليس أمامكم إلا التعامل مع الوضع الراهن في مصر" لقد تغيرت مصر وأصبحت السيادة للشعب ولن يقبل شعب مصر صاحب الحضارة والتاريخ أن يفرط في سيادته أو أن يسمح تلميحاً أو تصريحاً بالتدخل في شئونه الداخلية هذه هي رسالتنا إلى دول العالم كافة.

أما أشقاؤنا العرب والذين كانوا ولازالوا وسيستمرون بإذن الله دعماً وسنداً لنا "فقوة مصر قوة للعرب وقوة العرب قوة لمصر" فلن ينسى شعب مصر موقف خادم الحرمين الشريفين والمملكة العربية السعودية ولن ينسى شعب مصر موقف الشيخ/خليفة بن زايد آل نهيان ودولة الإمارات العربية المتحدة ولن ينسى شعب مصر موقف أمير الكويت الشيخ / صباح الأحمد الجابر ودولة الكويت ولن ينسى شعب مصر موقف الرئيس / عمر البشير ودولة السودان وموقف الملك / حمد بن عيسى ودولة البحرين وموقف الملك / عبد الله الثاني ودولة الأردن وكافة الدول العربية التي انحازت لإرادة الشعب المصري في 30 يونيو .. ومن الدول العربية إلى أفريقيا التي كانت سنداً لنا في كافة المحافل الدولية إلا أننا قصرنا في واجبنا تجاه أشقائنا في أفريقيا وتعاملنا بتعال مع دول أفريقية كبيرة معظم قادتها وحكامها نشأوا في مصر وتعلموا في جامعاتها ويكنون كل مشاعر الحب لمصر وشعبها ولقد آن الأوان أن تعود أفريقيا إلى حضن مصر وأن تعود مصر إلى قارتها عملاً وفعلاً.

وأخيراً أود أن أؤكد أن القضية الفلسطينية ستظل دائماً وأبداً في قلب اهتمامات الوفد وستظل إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف هدفا نعمل من أجله .. وما أود أن أقوله للأجيال الجديدة أنه لا يجب الربط بين ما تقوم به حركة حماس وبين الشعب الفلسطيني وقضية فلسطين فقضية فلسطين هي قضية كل العرب وفي القلب منهم مصر ومهما حدث من حركة أو جماعة لا يجب أن يجعلنا نفرط أو نتجاهل تلك القضية المقدسة فلا يمكن أبداً أن نقف شهوداً صامتين والمسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين تنتهك حريته.

أيها الأخوة ،
إننا نمر بمرحلة جديدة تتطلب منا جميعاً تضافر الجهود ولن نقول للرئيس عبد الفتاح السيسي اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ولكننا سنقول إننا معك مقاتلون وسند وظهير لك نعبر سوياً من اليأس والإحباط إلى الأمل والرجاء ومن العوز والحاجة إلى التنمية والرخاء ومن الخطر إلى الأمن والسلامة والاستقرار هذا هو طريقنا إلى بناء مصر الكبرى ولقد بدأنا وسننهي بإذن الله طريق بناء مصر الكبرى في القريب العاجل.

حمى الله مصر وحمى شعبها الصامد الأبي، ووقاها كل سوء..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.