رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد "زينب المهدي".. "عايز انتحر".. ثقافة شبابية تهدد المجتمع

جريدة الدستور

"عايز انتحر".. لا تستهين بها كجملة.. حيث تحولت في الفترة الأخيرة لثقافة بين الشباب وأصبح الموت غاية يسعى لبلوغها العديد منهم.
بالأمس، طالعتنا أنباء انتحار الناشطة السياسية زينب مهدي بالأمس شنقا في منزلها، ليفاجئنا الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي بالمنشورات التي تؤيد انتحارها واصفة إياه بالشجاع، متمنين تحليهم بنصف ما امتلكته لأخذ زمام المبادرة وقبض أرواحهم بأيديهم سعيا للهروب من نار الدنيا بحثا عن رحمة الله عز وجل في الأخرة.
أكد أحمد محمد عبد الله، مدرس الطب النفسي بجامعة الزقازيق، إنه لا يمكن عزل حادثة زينب عن حوادث الانتحار التي جرت في الفترة الأخيرة، وهنا تفسيرها يتم على مستويين؛ المستوى الأول هو المستوى المجتمعي العام حيث النزعة العدوانية التي ازدادت في الفترة الأخيرة والتي نلحظها في جرائد التحرش الاغتصاب وحتى الانتحار، والذي يعد نوعا من أنواع العدوان على الذات.
ويمكن إرجاعه لأسباب بيولوجية، تتمثل في تلوث الهواء، الماء والأطعمة وما تحتويه من نسبة رصاص تتراكم في المخ وتزيد من قابلية الأفراد للعدوان، مجتمعية والناتجة عن العلاقات الممزقة بين الأفراد والعائلة، كوننا نعيش حاليا في مجتمع مفكك بدون شبكة دعم كافية من العائلة والأصدقاء، ومع انتشار الكراهية تزداد القابلية لممارسة العدوان؛ بالإضافة لأسباب في صميم تنشئة الفرد من صغره تعرضه لضغوط نفسية وحياتية عالية.
ويشير عبد الله، إنه في حالة قررنا البحث في الأسباب التي دفعت زينب للانتحار، فلابد وأن نركز على التنقلات النفسية السريعة التي شهدتها في الفترة الأخيرة من حياتها، فهي تحولت من إخوان إلى تابعة لعبد المنعم أبو الفتوح وقامت بخلع الحجاب، تلك التنقلات في ظل غياب شبكة حاضنة لها من العائلة والأصدقاء لدعمها تجعل من المرجح لجوئها للانتحار في لحظة ضعف أو يأس.
كما سلط الضوء على طبيعة عملها، وهو ملف المعتقلات، مؤكدا أن التعامل مع تلك الفئات "الحرجة" يتطلب دعما نفسيا ورعاية مكثفة للعاملين في تلك الملفات للحفاظ على صحتهم وحمايتهم من مشكلات نفسية عديدة كالرغبة في الانتحار.
وعن ردود الفعل المؤيدة لفكرة الانتحار، أوضح عبد الله إنها تحمل دلالة خطيرة على وجود ثقافة انتحارية بين الشباب، مشيرا إلى إنهم حتى وإن لم يمتلكوا القدرة على القيام بفعل الانتحار فإنهم يتحولوا لأشخاص غير منتجة.
وأرجع عبد الله شعور الشباب بالاكتئاب في الفترة الحالية لعدم وجود تفهم من قبل العائلة لحالاتهم النفسية، فالأهالي لا يجيدون فن التواصل مع أبناءهم وغير قادرين على إدراك التغيرات التكنولوجية الحديثة التي أثرت على أولادهم، وبالتالي تكون "السيطرة" الغالبة على تعاملاتهم على الرغم من عدم مناسبتها للعصر؛ مشيرا لعدم وجود توعية من قبل وسائل الإعلام وما يقدم في الصحف وبرامج التوك شو عن طريقة التربية المثالية.
وعن رأي الدين فأشار الشيخ حسن محمد، مدير إدارة مسجد السيدة زينب، أن ضعف الوازع الديني، الاكتئاب والعنوسة تعد من الأسباب الرئيسية لجعل الفتاه تفكر في الانتحار.
وأوضح أن الانتحار يعد من كبائر الذنوب، كون الله سبحانه وتعالى حرم قتل النفس لأنها ليست ملكنا بل ملك خالقنا ولا يجوز التصرف فيها، كما أوضح الله في كتابه بقوله:  قوله تعالى "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي".
وأشار محمد أنه في حالة واجهت المؤمنة أي من مصاعب الدنيا فعليها التحلي بالصبر والاستعانة بالله مع الأخذ في الاعتبار أن كل شدة تصيبها في الدنيا مهما كانت قوية فإن عذاب الآخرة أشد منها.
وسلط الضوء في النهاية على بعض الأفكار الغريبة التي يتم زرعها في نفوس الفتيات التابعات لبعض الأحزاب الدينية المتطرفة بعد غسل أدمغتهن وإقناعهن بأن الانتحار يقع في مرتبة الشهادة.