رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"يوسف" يكشف كواليس تداول البنزين وأساليب الغش والمسئولية الرقابية الحكومية

جريدة الدستور

أكد الخبير البترولي مدحت يوسف نائب رئيس الهيئة العامة للبترول سابقا ً على ضرورة التزام قطاع البترول في إنتاج نوعيات البنزين الثلاثة "٨٠، ٩٢، ٩٥" بالمواصفات القياسية المصرية والتي تتوافق فقط مع المواصفات الأوربية يورو -٢( EURO-2) ولا تتعداها للمستويات الأعلى المطبقة في أوربا وحتى مستوى يورو-٥.
وأشار يوسف إلى أنه في هذا الصدد يعيب البنزين المصري عن أعلى المستويات الأوربية ارتفاع نسبة العطريات ككل والبنزول منفردا علاوة على نسبة الكبريت والأوكسيجينات لافتا إلى أن جميع تلك العيوب تتعلق فقط بخطورة الانبعاثات الغازية من عوادم السيارات على البيئة ولكنها لا ترتبط بكفاءة الوقود على المحرك وتأثير ذلك الحيود على إمكانية حدوث تلف لمحركات السيارات سواء الفارهة أو العادية .
وأضاف الخبير البترول إلى انه يسهل إثبات جدية قطاع البترول في الإنتاج طبقا للمواصفات باعتبارات كثيرة أهمها توافر معامل تكرير مصرية ذات تقنية عالية مشيرا إلى أن معمل ميدور كأكبر الشركات المنتجة للبنزين ٩٥ بل ولديه القدرة على إنتاج نوعيات أعلى من ذلك في الرقم الأوكتيني بالإضافة إلى شركة انربك بالإسكندرية وشركة القاهرة والعامرية والسويس علاوة على ما يتم استيراده من الخارج من النوعية ٩٥ ليتم الخلط بمنتج النافثا دو الرقم الأوكتيني ٦٠-٦٥ بنسب محددة للوصول إلى النوعيات المطلوبة تسويقيا، ومنتج النافثا أسعاره قريبة للغاية من أسعار البنزين المستورد وهذا ما يؤكد على التزام القطاع بنوعيات البنزين المطلوبة تسويقيا.
وأوضح أن البنزين على كافة أنواعه عبارة عن خليط من العديد من المكونات المختلفة ولكنها تتوافق كيميائيا وأدائيا عند الخلط وتتمثل تلك النوعيات المستخدمة بمصر في الريفورمات والإيزوميرات والنافثا الخفيفة والبوتاجاز وتتم عمليات الخلط باختلاف النسب لإنتاج النوعيات الثلاث طبقا للاحتياجات التسويقية المطلوبة ومواصفات البنزين ترتبط بكفاءة أداء البنزين في السيارة فمثلا درجة الحرارة عند ٥٪ مقطر من البنزين تمثل كفاءة أداء البنزين عند بداية تشغيل المحرك خصوصا في الصباح شتاءا أما درجة الحرارة عند ٥٠٪ مقطر فتمثل كفاءة أداء المحرك أثاء عملية التسريع وانتظام السرعة وهكذا ومن هنا يأتي دور أهمية الحفاظ على المنتج من البخر أثناء عملية النقل والتداول والتخزين .
وقال يوسف " عملية تداول البنزين تبدأ من مستودعات تخزين البنزين لدى شركات التسويق التابعة لقطاع البترول ويتم شحن البنزين بالسيارات الصهريجية لمحطات التموين والخدمة وينتهي الدور البترولي عند نقطة خروج السيارات من بوابة المستودع ليبدأ الدور الرقابي من الأجهزة الرقابية الحكومية متمثلة في وزارة التموين سواء من ناحية الكميات أو المواصفات ".
وأضاف "هنا يجب توضيح ما يحدث من خلل في المواصفات خلال عملية النقل والتداول والمتمثلة في اهتزازات السيارات الصهريجية أثناء النقل من المستودع لمحطات تموين السيارات تؤدي إلى  زيادة بخر المركبات الخفيفة في البنزين وأهمها البوتاجاز والنافثا الخفيفة مما يؤثر سلبا على خاصية كفاءة البنزين عند بداية تشغيل المحرك ، وعملية البخر تتم من خلال صمامات أعلى السيارات الناقلة لتخفيض الضغط البخاري داخل تنك السيارة الناقلة.
وأشار الخبير البترولي إلى أنه أثناء تفريغ البنزين داخل محطات التموين والخدمة تختلف طرق التفريغ ، فالشركات الأجنبية وبعض المحطات التابعة للشركات البترولية المحلية المسوقة للوقود بمصر قامت بتعديل محطاتها للتفريغ من خلال خطوط لا تسمح بالتفريغ المكشوف كما هو الحادث في أغلبية المحطات الأخرى وهذا يؤدي إلى زيادة البخر.
كما أوضح أن جميع المستودعات الأرضية التي يتم تخزين بها سواء للشركات الأجنبية أو المحلية لا تحتوي على منظومة استرجاع أبخرة البنزين وبالتالي تسمح بهروب المكونات الخفيفة بالبخر خصوصا نوعية البنزين ٩٥ والذي انخفض السحب عليه من قبل المستهلكين وأصبحت فترات تخزينه طويلة وبالتالي تدهور خواصه المرتبطة بكفاءة المحرك عند بداية التشغيل وتلك تمثل عيب مؤثر على كفاءة السيارات الحديثة نظرا لنوعية السبائك الحديثة المستخدمة حاليا.
وأكد أنه نتيجة التباين السعري الكبير بين البنزين ٩٥ وبين البنزين ٨٠ بفرق سعر يبلغ ٤،٦٥ جنيهاً ونتيجة الخسائر الواقعة على أصحاب محطات التموين والخدمة نتيجة البخر من طول التخزين يلجأ البعض منهم من خلط البنزين ٨٠ على تنكات البنزين ٩٥ لتعويض عجز البخر بعد فلتره البنزين ٨٠ لإزالة الصبغة الحمراء المستخدمة في تلوين البنزين ٨٠، وهؤلاء يصعب مراقبة هذا الغش نتيجة لضعف الحيود في الرقم الأوكتيني وصولا لانخفاض يصل إلى حدود ٧،. فقط بإضافة ٥٪ من البنزين ٨٠ على مستودع البنزين ٩٥، خلاف المحطات التي تدار بواسطة ضعفاء النفوس من غش جائر ليشكل حيود مؤثر على كفاءة الوقود داخل المحرك.
وأوضح يوسف أن الرقابة التموينية تهتم كثيرا بغش البنزين بالمياه لسهولة الكشف الفوري من قبل مفتشي التموين داخل محطات التموين والخدمة أما حيود المواصفات نتيجة البخر أو الغش بالبنزين ٨٠ فإنها تتطلب أخذ عينات من المحطة وإجراء التحاليل المعيارية عليها بمصلحة الكيمياء التابعة لوزارة الصناعة والتجارة وتأخذ بالتالي وقتا طويلا لحين البت في الأمر وهنا تتداخل الاتهامات من قبل أصحاب المحطات على من تقع المسئولية بدءا من مسئولية سائق السيارة الصهريجية ناقل البنزين من المستودع والذين يعود الاتهام إليهم في بعض الأحيان ، إلى اختلال المواصفات نتيجة طول فترات التخزين في ظل مسئولية المواصفات القياسية المصرية للمستودعات الأرضية دون استخدام أنظمة استرجاع أبخرة البنزين وبالتالي السماح بنسب للبخر تؤثر على حيود المواصفات.
ولفت إلى أن التباين السعري الكبير بين نوعيات البنزين كالحادث حاليا ليس له ما يبرره في ظل الانخفاض الكبير في مسحوبات البنزين ٩٥ من ٧٠ ألف طن سنويا إلى ما يوازي ١٠ آلاف طن حاليا الذي صاحب قرار تحرير سعر البنزين ٩٥ ولجوء الأغلبية إلى البنزين ٩٢ القريب جدا من كفاءة البنزين ٩٥ ولكنه يتمتع بسحب مستمر وسريع لا يسمح بحيود مواصفاته نتيجة التخزين طويل الأمد، في حين ساعد هذا القرار إلى اللجوء للغش من قبل ضعاف النفوس لتحقيق مكاسب سريعة يصعب اكتشافها والمقترح هو إعادة التوازن السعري بين نوعيات البنزين المختلفة بما يساهم في زيادة موارد الدولة بإتباع تسعيره مناسبة.