رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المواءمة بين حقوق المستثمر وواجباته


تمثل مسألة ضمان الاستثمار أهمية قصوى للدول النامية التى تتطلع لاجتذاب رءوس الأموال سواء من الدول المتقدمة أو الدول النامية ذلك أن إحصائيات الاستثمار قد سجلت اتجاهاًَ واضحاً للاستثمار فى الدول المتقدمة دون الدول النامية، على نحو يهدد مصالح الأخيرة واحتياجاتها الحيوية
 من هنا بادر الكثير
من الدول المتقدمة والنامية على السواء لعرض أقصى ما تملك وما يتيحه نظامها الاقتصادى من ضمانات تقدمها لرأس المال الوافد ضماناً له وتشجيعاً على الاستثمار فى أراضيها، وفى ذلك عقدت مصر عدداً من اتفاقيات ضمان الاستثمار مع بعض الدول معظمها من الدول المتقدمة والدول العربية، وصدر قانون ضمانات وحوافز الاستثمار المصرى رقم 8لسنة1997 وتعديلاته متضمناً مزايا وحوافز وضمانات وتيسيرات وتسهيلات للمستثمرين فى مصر وذلك من أجل جذب رءوس الأموال وتدفقها على مصر من أجل إنعاش الاقتصاد القومى أهمها تسهيل دخول المستثمرين الأجانب وحريتهم فى التنقل والإقامة، فضلاً عن حق استخدام الأجانب فى المشروع، كذلك يتيح عدداً من التيسيرات المالية والنقدية مثل الحق فى استيراد الآلات والمعدات، وفتح حسابات بالنقد الأجنبى وكذا تحويل عائد رأس المال المستثمر إلى الخارج فضلاً عن إعادة رأس المال ذاته إلى الوطن الأصلى بشروط معينة يضاف إلى ما سبق عدد من الإعفاءات التى تستهدف تشجيع الاستثمارات الأجنبية وهى إعفاء الأرباح من ضريبة الأرباح التجارية والصناعية لفترة معينة وأيضاً الإعفاء من قوانين التأميم والمصادرة وعدم جواز فرض الحراسة عليه وعدم جواز الحجز الإدارى على أمواله ومنحه الحرية فى اللجوء إلى التحكيم التجارى الدولى، وفى الواقع أن كل هذه المزايا والحقوق والضمانات تستطيع أن تؤثر تأثيراً إيجابياً على الاقتصاد القومى وإنعاشه والقفز به لأعلى مستوياته ولكن لابد للدولة وهى فى سبيل منحها للمستثمر تلك المزايا والحوافز والضمانات أن تحرص كل الحرص على وضع ضوابط وضمانات للحفاظ على اقتصادها القومى بوضع مجموعة من القواعد والضوابط القانونية للحفاظ على أموالها واقتصادها من الانهيار فى حال سحب هؤلاء المستثمرين لتلك الأموال ورءوس الأموال دون مبرر، فلا شك أن ذلك سيؤثر تأثيراً سلبياً على الاقتصاد القومى، فعلى سبيل المثال زيادة معدلات البطالة والإخلال بالسوق المصرفية وغيرها من الأضرار الجسيمة، لذلك لابد أن تشدد الدولة على وضع إجراءات قانونية توائم وتلازم تلك الحقوق الممنوحة للمستثمر لتأمين اقتصادها القومى من منطلق مبدأ سيادة الدولة على إقليمها وتنظيمها وانطلاقاً من مبدأ «كل حق يقابله واجب» وتحقيقاً لمبدأ المنفعة المتبادلة بما لايضر باقتصادها القومى ولا شك أن هذا لا يضير المستثمر الجاد، وتتمثل تلك الإجراءات القانونية فى حق الدولة أن تتخذ إجراءات تأمينية للحفاظ على مبدأ التوازن وعدم الإخلال باقتصادها القومى ومنها على سبيل المثال إقرار الحجز الإدارى والحجز التحفظى والملاحقة القضائية وإقرار التأمينات العينية التبعية المنصوص عليها بالقانون المدنى على هذه الأموال ورءوس الأموال حال مخالفة المستثمر قوانين الدولة أو النظام العام الاقتصادى بها أو الإضرار باقتصادها القومى.

■ مستشار بهيئة قضايا الدولة