رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العدوان الثلاثى على عين العرب


تطورات الأحداث فى منطقة عين العرب المسماة «كوبانى» على الحدود التركية السورية تؤكد أن ثمة اتفاق بين نظام أردوغان والميليشيات الإرهابية المسلحة التى تنسب نفسها إلى الإسلام زوراً وبهتاناً والإسلام منهم براء، وهذا الاتفاق التركى الداعشى يمثل حلقة فى المخطط الأردوغانى لصنع دور إقليمى جديد يذكره بدور أجداده العثمانيين فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، لكن التاريخ لا يُستنسخ وعجلة الزمن لا تعود إلى الوراء ومن لا يقرأ التاريخ بعناية يقع فى إشكالية الخلط بين الماضى والحاضر، وبالتالى يفقد بوصلة حركته لرسم مستقبله وهذا ما يفعله هذا الأردوغان ببلاده ولهذا تحاول تركيا حصار كوبانى فتجعل سكانها من الأكراد يقفون والإرهابيون من أمامهم والأتراك من ورائهم، ويقايض أردوغان الشعب الكردى بأن يمد له يد العون مقابل السماح للقوات التركية بدخول المدينة الحدودية فى مقدمة واضحة لتدخل عسكرى تركى فى سوريا العربية تحت زعم إسقاط نظام بشار الأسد وهى خطوة تتفق والسياسة الأمريكية تجاه الأوضاع فى سوريا، ولكن الشعب السورى فى «عين العرب» يرفض مقايضة أردوغان ويصرُّ على مقاومة ميليشيات «داعش» ونتيجة لهذا تعلن السلطات الأمريكية أنها لا تستطيع توجيه ضربات جوية لداعش فى عين العرب، لأن ذلك قد لا يفرق بين الإرهابيين وسكان المدينة وكأن التكنولوجيا العسكرية الأمريكية المتقدمة غير قادرة على معرفة أماكن وجود الميليشيات الإرهابية ويعدم وسيلة التفرقة بين المدنيين وغير المدنيين، وبالتالى يصبح هناك مبرر لدى الأمريكان لقتل بعض من الأكراد هناك ومن ثم إضعاف معنوياتهم فى مواجهة الإرهاب الداعشى ما يعزز خطة أردوغان، إذن نحن أمام عدوان ثلاثى جديد على عين العرب يترجم مؤامرة «تركية- أمريكية- داعشية» وهنا عندما تطلب واشنطن من مصر الانضمام إلى التحالف الدولى ضد ميليشيات «داعش» لابد أن يتوقف صانع القرار المصرى ويتأنى قبل الرد على الولايات المتحدة من الطبيعى أن تقف مصر ضد الإرهاب، لأنها تحارب الإرهاب قبل أن تفكر أمريكا فى هذا التحالف، وأليس الإرهاب فى سيناء جزءاً من منظومة الإرهاب الدولى؟ وعليه نتساءل لماذا لم تتحرك الإدارة الأمريكية وتنشط لمحاربة الإرهاب إلا عندما تفشى الإرهاب الداعشى فى العراق وانتقل إلى سوريا؟ ثم لابد أن نقول إن محاربة الإرهاب يحتاج إلى أدوات وسلاح وعتاد وطالما أن الولايات المتحدة تقود تحالفاً ضد الإرهاب فيجب أن تجهز لذلك وألا تكون المواجهة فى منطقة دون أخرى لأن مواجهة الإرهاب لا تتجزأ من هنا لابد أن يكون القرار المصرى مرتبطاً بالمصلحة العليا للدولة المصرية فلا تظن واشنطن أو أنقرة أو أى من كان أن القرار المصرى يمكن التأثير عليه فإن أحد إنجازات ثورة الـ30 من يونيو هو استقلال القرار الوطنى وتحرير إرادة المصريين وعليه لا أتصور أن تكون مصر شريكة فى العدوان الثلاثى على عين العرب تحت مسمى التحالف الدولى لمحاربة إرهاب «داعش»، وفى الوقت نفسه لابد أن نقر حقيقة أعتقد أن صانع القرار المصرى يدركها جيداً، لأن الاستمرار فى دفع فواتير الغير أمر لا ينطلى على الشعب المصرى الذى وعى الدرس منذ حرب الخليج الأولى والثانى، من هنا نؤكد أن الواقع أصبح مختلفاً وما يمكن قبوله من قبل يصبح قيد النقاش اليوم حيث إن القبول أو الرفض سيكون أساسه مصلحة الوطن!!

إعلامى وكاتب مستقل