رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مأساة الأكراد فى تركيا


تشهد عدة مدن تركية اشتباكات بين الأكراد غاضبين من حصار تنظيم داعش الإرهابى لأكراد سوريا مع قوات الأمن التركية، ومازال القتال العنيف مستمراً فى مدينة كوبانى «عين العرب» الكردية السورية القريبة من الحدود، ويريد الأكراد من القيادة التركية التصدى لداعش، وعندما رأت التراخى من «رجب طيب أردوغان» خرجوا فى مظاهرات سلمية تصدى لها الجيش التركى فقتل العشرات منهم، وهو ما يؤكد وجود صلات تعاون تركى مع داعش، المهم أن التوتر الآن يلقى الأضواء على مأساة الشعب الكردى، ونفاق السياسة التركية أيضاً.

ففى الأدبيات السياسية والإعلامية فى تركيا الحديثة لا يوجد اسم «أكراد تركيا»، مثلما هو الحال فى العراق وسوريا وإيران وأرمينيا، فالأتراك يمنعون تسميتهم باسمهم المعروف تاريخيا ًوعالمياً، ولكنهم يطلقون اسم «أتراك الجبل» على القاطنين فى الجنوب الشرقى من تركيا، ويأتى ذلك ضمن مأساة الشعب الكردى بصورة عامة.

الأكراد شعب عريق ممتد على رقعة كبيرة موزعة على خمس دول، لم تقم لهم دولة خاصة بهم طوال تاريخهم الطويل، رغم أن بعض الأسر الكردية تمكنت من حكم ولايات إسلامية أشهرها الأسرة الأيوبية التى حكمت مصر والشام والحجاز واليمن حوالى قرن من الزمان، كما يوجد كثير من النوابغ من ذوى الأصول الكردية مثل عباس العقاد وقاسم أمين والعائلة التيمورية وحسنى الزعيم فى سوريا، أى إنهم شعب متميز، وله طموحه فى دول يسمونها «كردستان الكبرى»، والشعب الكردى فى أغلبيته العظمى مسلمون سُنَّة إلا من بعضهم القاطنين على الحدود الإيرانية فى مدينتى «خانقين ومندلى» فهم من الشيعة الفيلية كما يسميهم الأكراد، والخلاصة أن الأكراد سعوا للاستقلال بعد الحرب العالمية الأولى، ولكن معاهدة «سيفر» بباريس عام 1920 أجحفت بالأكراد، رغم أنها اعترفت بحقوق الأكراد، لكنها وزعتهم على الدول الخمس، ولكنهم دائماً يحنون لدولة تجمع شتاتهم المبعثر، والحقيقة والتاريخ المعاصر يؤكد أن أكراد العراق هم الذين حصلوا على حكم ذاتى دون غيرهم، وكان منهم نواب لرئيس جمهورية العراق أشهرهم طه ياسين رمضان وطه محيى الدين معروف، ومع ذلك فقد تم استخدام أكراد العراق ضمن الضغوط على حكّام العراق فى العصر الجمهورى، وخاض الجيش العراقى حرباً طويلة فى السبعينيات ضد «بشمرجة العراق» بقيادة مصطفى البرزانى، كان من نتائجها توقيع اتفاقية الجزائر عام 1975 بين شاه إيران وصدام حسين نائب الرئيس فى ذاك الوقت، فكفَّت إيران عن مساعدة الأكراد، فخمد تمردهم، وهرب البرزانى للاتحاد السوفييتى.. ولكنهم وبعد احتلال الأمريكان للعراق أصبحوا شبه مستقلين عن الدولة المركزية العراقية، وصار «جلال الطالبانى» أول رئيس كردى لجمهورية العراق، ولكنهم فى المقابل خاضوا فى تركيا بقيادة «حزب العمال الكردستانى» حروباً شديدة سواء من كان فى الحكم علمانياً أو متأسلماً مثل أردوغان، وآخرها كانت الحرب التى انتهت عام 1999 والتى انتهت باعتقال قائدها «عبد الله أوجلان»، وها هم اليوم ينتفضون بشدة فى ديار بكر، ليثبتوا للعالم أمرين، الأول هو أنهم شعب يبحث عن حقوقه فى تركيا، والثانى أن أردوغان منافق سياسياً، فهو يحرم الأكراد من حقوقهم، ولكنه يتدخل فى شئون مصر، ويتحالف مع الشيطان «داعش» فى تفكيك الدول العربية، يجب أن تستفيد السياسة المصرية ضد سياسة النفاق هذه.

كاتب