رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تصورات لاستراتيجية حل أزمة سد النهضة


الواقع أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التى وُجدت نتيجة تزايد السكان، أو تراجع كميات المطر بسبب التغيرات المناخية، هى التى دفعت بعض دول حوض النيل للبحث عن الوسائل الممكنة لتنمية أحوال سكانها، حتى باستخدام «المجارى النهرية المتوفرة لديها» ولقد شرعت إثيوبيا فى إنشاء مشروعات سدود لتوليد الكهرباء، أو للزراعة متجاهلة حقوق دولتى المصبّ فى مياه النيل...

... والواقع أن هناك حلولاً متبعة على مستوى العالم لمواجهة مشكلات المياه، بين دول حوض النهر الواحد ترى ضرورة تنمية حوض النهر فى إطار نظرة شاملة، وخطة تنمية مشتركة، كما حدث فى أحواض السنغال فى أفريقيا و«الميكونج فى شبه جزيرة الهند الصينية»، والدانوب فى أوروبا، وبذلك يمكن تجنب حدوث خلافات بين دول النهر المشترك. ولذلك ينبغى أن تتحرك الدولة المصرية بكاملها لحل مشكلة سد النهضة وغيرها من مشاكل المياه بطريقة منظمة عبر عدد من الخطوات التى تشكل خريطة طريق على جميع مستويات التحرك، كالآتى:

أولاً: تحقيق الوضع الأمنى بأن تنطلق مصر- وهى كذلك إلى حد كبير فى عهد الرئيس السيسى- من موقف وطنى موحد يعبر عن مجمل الشعب المصرى حكوماته وأحزابه وقواه الشعبية، وذلك بأن يصنع المصريون اصطفافاً شعبياً لكل القوى الوطنية والشعبية خلف قيادتها الحقيقية، وأن تزيد حركة الدبلوماسية الشعبية!. ثانياً: تجهيز العمل المؤسسى بإنشاء أـ هيئة قومية مصرية لمياه النيل: تختلف عن قطاع مياه النيل، وعن الهيئة الفنية المشتركة لمياه النيل لمصر والسودان، على أن يتم تكوين تلك الهيئة من الخبراء والباحثين فى مجالات التاريخ والجغرافيا والجيولوجيا وهندسة المياه والدراسات البيئية، والشئون الأفريقية، والأمن القومى وغيرها لبحث ومعالجة جميع مشاكل مياه النيل. ب ـ وزارة للشئون الإفريقية وحوض النيل. ج ـ مراكز متخصصة فى أبحاث المياه وحوض النيل والشئون الأفريقية فى الجامعات المصرية. وينبغى العمل على التخطيط لمشروعات تنموية زراعية وصناعية وتجارية فى دول حوض النيل، وبالتالى تعظيم دور المستثمرين المصريين هناك، وتشجيع أبنائنا المصريين من ذوى الإمكانات العلمية والفنية للتوجه لسوق العمل الواسع فى أفريقيا وحوض النيل حتى يستعيد الإنسان المصرى دوره الحضارى هناك.ثالثاً: التحرك على المستوى الدبلوماسى والسياسى لحل أزمة مياه النيل، فإذا كانت إثيوبيا تقوم حاليا بإنشاء سد النهضة دون النظر إلى مخاطره على مياه النيل المتجهة إلى دولتى المصب، فإن التحرك المصرى، يجب أن يكون على جميع المستويات، وينبغى الإقرار مبدئيا بأن من حق إثيوبيا إقامة سد النهضة، ولكن بعد التفاوض مع مصر والسودان، وبعد إعادة النظر فى مقاييسه بحيث لا يضر بناؤه بمصالح أحد. رابعاً: وإذا تم الاتفاق بين مصر وإثيوبيا، ينبغى أن تسهم مصر فى المشروعات فى داخل إثيوبيا، طالما لا تضر بمصالحنا، بدلاً من تواجد قوى خارجية بعيدةً عن الحوض كإسرائيل والصين وإيطاليا، وقد يتساءل البعض: من أين نسهم بالمال ونحن فى أزمة اقتصادية؟، والإجابة عن هذا السؤال أنه علينا أن نربط على بطوننا ونساهم بكل ما نستطيع به على المستوى الشعبى خامساً: لابد من استيعاب خريطة الواقع الإقليمى والدولى، وينصرف ذلك إلى التعرف على ماهية القوى الدولية التى تلعب دوراً مؤثراً فى المعادلة السياسية، سواء فى القارة الأفريقية ككل أو فى منطقة حوض النيل على وجه الخصوص، سادساً: من المحتمل أن يراهن الجانب الآخر على كسب الوقت بحيث إذا ما تم بناء السد يصعب تعديله، وهنا ندخل فى أزمة خطيرة ليس من السهولة التخلص، لذلك إذا فشلت الوسائل السياسية فى التوصل إلى حل لأى قضايا خاصة بالمياه على مصر أن تتحرك بالترتيب التالى: 1 ـ تنتهج مصر أسلوب المساعى الحميدة عن طريق دول صديقة بين الجانبين المختلفين، أو اختيار وسيط دولى للمساعدة فى حل الخلاف.2 ـ تلجأ مصر للاتحاد الأفريقى، باعتباره الإطار السياسى الإقليمى الذى تنتمى إليه دولتا الخلاف. 3 ـ اللجوء لمحكمة العدل الدولية التى لا تتطلب موافقة طرفى النزاع. 4 ـ اللجوء لمجلس الأمن بالأمم المتحدة على اعتبار أن مخاطر السدود الإثيوبية بدءاً من سد النهضة تهدد الأمن القومى المصرى. ولكى يكون التحرك المصرى على مستوى خطورة القضية، يجب أن تكون لجنة الخبراء القانونيين فى قضايا المياه وبناء السدود جاهزة ومدعمة بالوثائق والاتفاقات الدولية.

الأستاذ بجامعة المنصورة