رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشعب جاهز .. الحكومة جاهزة؟


تثير صور شهداء التفجيرات الإرهابية الأخيرة الحزن الشديد. لكن الأسى لن يستأصل إرهاب جماعة الإخوان. فى مواجهة العمليات الإجرامية التى لا تتوقف دعا رئيس الوزراء «إبراهيم محلب» الشعب إلى الاحتشاد للتصدى للإرهاب. طيب الشعب جاهز. لكن هل الحكومة جاهزة لتلك المهمة؟. لا أظن. فليس لدى حكومة «محلب» أى تصور فكرى، أو ثقافى يتسم بالشمولية لمواجهة العمليات التى تتم تحت غطاء الفكر الإخوانى الذى يبرر لتلك العمليات ويأبى أن يستنكر العنف فى بيان واضح يراجع تاريخ الجماعة الإرهابى ويتبرأ منه ومن مبدأ العنف. الشعب جاهز من زمان لمواجهة الإرهاب، وهو يبذل أقصى ما فى وسعه لأجل ذلك. لكن الحكومة نص نص، وربع ربع، وأحيانا لا شىء!! وليس لدى محلب فى مواجهة هذه الظاهرة سوى تصور أمنى وحيد هو الضرب بالقطعة الحديدية فى أحزمة السراويل، وهو تصور عنيف لكنه مضحك، لأنه لا يؤدى لشىء. وإذا أرادت الحكومة أن تجتث الإرهاب حقاً وليس قولاً، فإن عليها أن تجفف منابع الإرهاب الفكرية فى الثقافة والتعليم والإعلام خاصة التليفزيون. عليها أولاً أن تقوم بتعديل وتغيير مناهج التعليم التى تغرز فى معظمها مسامير الفكر الإرهابى فى عقول التلاميذ، وأن تنظر إلى أوضاعنا الثقافية البائسة لتغيرها. منذ نحو خمسين عاماً كان تعداد الشعب المصرى نحو ثلاثين مليوناً وكان لدينا أكثر من عشرين مجلة ثقافية، اليوم صرنا تسعين مليوناً وليس لدينا حتى ثلاث مجلات ثقافية محترمة! وقد التقيت منذ أيام بطلبة فى أحد المعاهد العليا ممن أوشكوا على الانتهاء من دراستهم ولم يستطع بعضهم أن يحدد على وجه الدقة من يكون «نيتشه» أو من الذى كتب رواية «الأرض»؟ عبد الرحمن الشرقاوى أم عبد الرحمن الرافعى»؟. ومع دعوتنا المستمرة للتنوير فليس لدينا مجلة واحدة علمية ذات شأن. ومع أن السيدة فيفى عبده أو الراقصة صافيناز أنشأت قناة تلفزيونية خاصة بها، فإن حكومة محلب عاجزة عن إنشاء قناة خاصة لتبسيط العلوم وتقديمها للملايين. هذا مع ملاحظة أن الغالبية العظمى من الشعب تتلقى أفكارها من ذلك الصندوق المسمى « تليفزيون» والمتخصص فى الكذب ونشر التفاهات فى أغلب الأوقات. إن التعليم والثقافة والإعلام خاصة التليفزيون هى الركائز الفكرية لمواجهة الإرهاب الذى يعشش فى العقول. إن قنواتنا التليفزيونية تبث يومياً نحو مئة وستين ساعة إرسال، نصيب البرامج الثقافية منها عشر ساعات فقط، أى ستة بالمئة من مجموع الإرسال! علماً بأننا جعلنا من بين الساعات الثقافية برامج عامة مثل «للأطباء فقط» وغير ذلك، أما البرامج الثقافية المتخصصة، فإن نصيبها لا يزيد عن ثلاث ساعات من مئة وستين ساعة. فهل يمكن القول إن الحكومة جاهزة لمواجهة الإرهاب بينما هى لا تخصص للثقافة أكثر من نصف ساعة تليفزيونية يوميا؟! يدعو رئيس الوزراء محلب الشعب إلى الاحتشاد لمواجهة الإرهاب. لكن حكومته وسياساتها الفعلية تغض النظر عن منابع الفكر الذى يمضى بالإنسان إلى الجريمة. وما لم تتبدل سياسة الدولة بشكل جذرى فى مجال التعليم والثقافة والتليفزيون سيظل الإرهاب مسلحاً يغتال أعز أبناء الوطن. يدعونا محلب إلى الاحتشاد. طيب نحن محتشدون. ماذا عنكم؟ ح تحتشدوا؟ والاّ لأ؟!