رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السيسى وأوباما.. وكبرياء مصر


مصر تتقدم وأمريكا تتراجع خطوة للوراء.

الطلب المفاجئ للرئيس أوباما مقابلة السيسى يؤكد ذلك.

فهذا اللقاء لم يكن ضمن برنامج زيارة السيسى لأمريكا بل إن الرئيس أكد غير مرة أن رحلته للأمم المتحدة لا تشمل لقاء أوباما.

وهذا التأكد كان رسائل ذات مغزى ودلالة.

فلعلها المرة الأولى منذ عقود طويلة لا يطلب فيها رئيس مصرى مقابلة الرئيس الأمريكى أثناء وجوده فى الولايات المتحدة وهو موقف ينطوى على ندية وكرامة وكبرياء، ويؤكد أن مصر انتقلت من حقبة التبعية الكاملة والانبطاح إلى حقبة جديدة قائمة على الندية والتكافؤ واستقلال القرار السياسى المصرى!

والملاحظ أن هذا المتغير والتحول الكبير فى إدارة العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية تزامن مع انتخاب عبدالفتاح السيسى رئيساً لمصر، وقيامه بتغيير وزير الخارجية «نبيل فهمى» الذى أدلى بتصريحات للإعلام الأمريكى قال فيها إن علاقة مصر بأمريكا مثل «الزواج الكاثوليكى»!

وقد كان هذا التصريح الانبطاحى آخر تصريحات عهد التبعية للإدارة الأمريكية وبعدها تغيرت لغة خطاب الخارجية المصرية لتنسجم ومبادئ ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وتعبر عن وزن مصر الحقيقى وثقلها الحضارى الضارب فى أعماق التاريخ.

وقد تجلى ذلك فى عدة مواقف منها بيان الخارجية المصرية الناقد لتعامل الشرطة الأمريكية مع المتظاهرين ومطالبة الإدارة الأمريكية بضبط النفس!

وهى ذات اللغة التى طالما استخدمتها الإدارة الأمريكية لابتزاز مصر على مدى سنوات طويلة، دون أن تنطق مصر الرسمية بكلمة ودون أن تخدش كرامة وكبرياء من لا كرامة لهم ولا كبرياء!

وفى مؤتمر جدة تجلت الندية فى خطاب وزير الخارجية سامح فهمى الموجه لوزير الخارجية الأمريكى والذى كشف فيه ازدواجية المواقف الأمريكية فى شأن تحالف مواجهة داعش، والتغاضى عن مساندة مصر فى حربها مع الإرهاب.

وفى اليوم التالى بدأت الخارجية الأمريكية تصحح خطابها، وتدعو لمؤازرة مصر فى حربها ضد الإرهاب، وتشجب العمليات الإرهابية.

وكثيراً ما كتبنا أيام مبارك مطالباً برفع سقف المخاطرة فى العلاقة مع أمريكا فيما يتعلق بالخطاب السياسى، ورفع سقف المخاطرة ليس دعوة لإعلان الحرب مع القوة العظمى الأولى فى العالم وإنما استخدام ما لدينا من أوراق ضغط، ووزن معنوى وقوة ناعمة فى تخفيف الضغوط الأمريكية على صانع القرار المصرى، فثمة منهج معتدل ومنطق وسط بين الحماقة والعنترية، وبين الانبطاح والتبعية!

فهذا هو المنهج الجديد الذى يتبعه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى إدارة العلاقات مع الولايات المتحدة بكبرياء وكرامة ، وذكاء سياسى وشجاعة لا تخلو من حكمة