رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حالة الجيلى «1»


تصيبنى أعراض غريبة وأنا أتصفح مانشتات الصحف التى أشم فيها رائحة الأخونة أو رائحة العمالة أو الابتزاز السياسى للحصول على امتيازات، أو محاولة حمقاء للتقرب من السلطة. كما تصيبنى وأنا أتابع التصريحات المتضاربة، الواهنة، الضعيفة... لكنها محاطة بحالة من التكبر والمغالاة لاتتفق ولا تتناسب مع الواقع... مع غربتهم عن الشارع المصرى وانعدام تواصلهم المباشر لتخفيف أوجاع المواطن. هذه التصريحات المستفزة الرنانة، الجوفاء لبعض القوى السياسية أو الحزبية أو للنخب السياسية التى تحاصرنا ليل نهارعلى شاشات التليفزيون... كأنها ساحة لعقد اجتماعاتهم ومؤتمراتهم على الهواء فى هذه البرامج الفضائية بديلاً عن انعقادها بين الجماهير.

وتصيبنى... عندما أتابع تعليقات بعض الإعلاميين فى القنوات الفضائية «كلن يبحث عن دور يلعبه أو شهرة وأضواء ليزداد أجره على حساب وطنه. وتصيبنى... عندما تستفزنى مطالب «نشطاء العمالة» ومن يدافعون عنهم أو يتاجرون بهم. تصيبنى حالة غثيان لأن مصر محاصرة بحالة أطلقت عليها «حالة الجيلى».

فهى حالة تشبه «الجيلى» الذى جذبنا بألوانه ونحن صغار. «الجيلى» له أكثر من طعم محبب «الفراولة، المانجو، البرتقال» بألوان مختلفة جذابة. لزج الملمس لا تشعر بقوته ولا بصلابته ولا متانته، فهو يعبر عن حالة الاهتزاز والهلامية، لا تستطيع الامساك به، فهو ليس صلباً أو قوياً بل متحركاً، ولا تملك السيطرة عليه هذه هى حالتنا الآن... هذه هى حالة مصر.... حالة العرب.... ألوان جذابة براقة ولكن هلامية.. مرتعشة...مهتزة... بعيدة عن القوة.. الصلابة.. المتانة والاستقرار.

«حالة الجيلى» هى التى أصابت المتقدمين لمسابقة لشغل «منصب رئيس مجلس الإدارة لشركة جديدة». ففى يوم الاختبار، أعلن مالك الشركة عن شروط المسابقة «هناك امتحان مدته خمس دقائق فقط والناجح فيه سيكون رئيس مجلس الإدارة الجديد».. فتح المتقدمون ورقة السؤال.... فوجدوا سؤلاً واحداً «كم يساوى حاصل جمع5+5؟». قام 6 من المتسابقين بكتابة رقم 10، وخرجوا ضاحكين على ذلك الامتحان السخيف.

لكن واحداً فقط كتب «لا يمكننى إعطاؤك الجواب... لأننى لا أعرف ماذا تقصد بـ 5+5؟».. هل تقصد عملية حسابية بسيطة وجوابها 10؟ أو هل تقصد خمسة موظفين و5 مديرين؟ وهذا يمثل خللاً إدارياً... أو هل تقصد 5 لترات من الماء تضاف الى 5 أمتار من الخشب المشتعل؟. هنا تكون النتيحة... الرماد.. يجب أن تقول لى ماذا تريد... كى أجيبك؟».

من يطرح على نفسه هذا السؤال المنطقى، البديهى، العلمى؟. للأسف.. نسبة استخدام المنطق، الذكاء والعلم.. واحد مقابل 6. هذا هو أسلوبنا فى التفكير.... الكل يتحرك بميكنة، لا يفكر، لا «يمنطق» الحالة ولا الظروف ولا يتبع العلم والخبرة ليصل إلى الحل أو الإجابة بل يتبع «الفهلوة»... فإذا كنا قد عانينا قروناً طويلة «من الفهلوة».. فنحن نعانى حالياً من «حالة الجيلى». يارب... ارحم مصر من «حالة الجيلى