رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا بكيت فى برنامج دينا رامز «1-2»


أتوقف هذا الأسبوع مؤقتاً والذى يليه عن كتابة الحلقتين الرابعة والخامسة فى موضوع: المشروع الإسلامى والديموقراطية، لكى أعالج علة البكاء الذى لم أستطع له دفعاً فى برنامج الإعلامية اللامعة دينا رامز.

توجهت إلى البرنامج بقلب مفتوح صباح الأربعاء 17/9/2014، وسط هموم كبيرة وضبابية شديدة، تحيط بمستقبل المنطقة العربية كلها، وخصوصاً مصر هذه الأيام.

قلقى على مصر هذه الأيام بالذات يزداد، رغم النزوع نحو الاستقرار، وتحقيق خطوات مهمة جداً فى هذا الاتجاه. فرغم الإنجازات العظيمة التى تحققت والمنشودة فى المائة يوم الأولى من حكم الرئيس السيسى وخصوصاً فى مجال التنمية والاقتصاد، وتشكيل المجلس الاستشارى العلمائى، على عكس المائة يوم الأولى من حكم الرئيس المعزول مرسى ووعوده التى لم يتحقق منها شىء، إلا أن الإرهاب الذى يقوده بعض خوارج العصر، سواء كانوا داعشيين أو جبهويين أو غيرهما، وسواء أكانوا مدفوعين لذلك أو مضللين عن النتائج المتوقعة، هذا الإرهاب هو سبب قلقى الحقيقى، لا لأنه يشوه صورة الإسلام الوسطى العظيم، فحسب وهذا وحده يكفى، ولكنه سبب لمزيد من التدخل الأكيد فى المنطقة، كما وقع فى التسيعنيات فى الخليج سعياً إلى طرد صدام حسين من الكويت. طرد ومات صدام وبقيت القواعد العسكرية الأمريكية وغيرها فى الخليج حتى اليوم، بعد ربع قرن من التدخل. وفق فقه الأولويات وفقه المآل «أى فقه ما يتوقع من الأحداث الجارية والمستقبلية»، كان ينبغى على أولئك الخوارج أن يدركوا على الأقل مستقبل المنطقة فى ضوء هذين الفقهين حتى للشئون الدنيوية، التى هم معنيون اليوم بتحقيق النصر فيها، مهما كان التدمير الذى أحدثوه، ومهما كانوا سبباً لتدخل القوات الأجنبية، وهذا فى حد ذاته جريمة ما بعدها جريمة.تطرقنا فى الحديث مع الاستاذة دينا رامز، إلى عدة موضوعات، منها ما يتعلق بالإرهاب، ومنها ما يتعلق بطرد بعض قيادات الإخوان من قطر، ودور تركيا فى إيوائهم، ثم جاءت نقطة الوطن العزيز مصر. فى هذا الوقت العصيب تذكرت سنين الغربة لى شخصياً التى كانت عجافاً، رغم أن معظمها كان فى بيئة وظروف عامة يتمناها ملايين البشر فى العالم العربى خصوصاً، وآسيا وافريقيا عموماً. المعيشة سهلة والنظافة مشهودة والرعاية الصحية وخصوصاً لكبار السن مثلى مضمونة، والأولاد والأحفاد عاشوا وتربوا وتعلموا فى تلك البيئة، بيئة تستهوى الملايين من البشر، وخصوصاً إذا كانوا يعيشون فى بيئة فيها تخلف وفساد متراكم مثل مصر، ويكفى قيادة السيارات فى شوارع مصر دليلاً على ما أقول وكذلك العشوائيات وسكان المقابر، ومن يأكلون من الزبالة فى مجتمع مسلم صاحب حضارة قديمة.تذكرت السنين العجاف لى فى بريطانيا وبعض مطاردات للمعارضين ولى شخصياً فيها. تذكرت فى تلك اللحظة وأنا خارج لندن اتصالاً هاتفياً من رئيس البوليس لمنزلى ولهاتفى، ويسأل إذا ما كنت مازلت على قيد الحياة. كم كان هذا الأمر مزعجاً لى ولأهلى ولزوجتى وأولادى الصغار خصوصاً.الإنسان لا يعيش بالخبز وحده، ولا يفعل ذلك إلا الحيوانات، ولا يعرف قيمة الغربة إلا من اضطر إليها. كثيرون يذهبون للخارج للعمل وللدراسة وللعلاج والاقتصاد والتجارة وغيرها. هناك هدف محدد لهم تحت التحقيق فلا بأس. أما مثلى فكان هدفه مصر، ولذلك اشتركت مع آخرين فى إنشاء جبهة إنقاذ مصر فى الغرب. وعندما قامت ثورة يناير العظيمة التى يراها البعض مؤامرة، كان أول قرار لنا، إيقاف عمل الجبهة، وكان قرارى الآخر فى نفس اللحظة العودة إلى الوطن الحبيب بأسرع وقت ممكن، رغم التخلف وصعوبة الحياة والضغوط التى تعرضت لها. العودة للمشاركة فى البناء كان أملاً تحقق لى بفضله تعالى رغم الضغوط العديدة التى لا مجال لذكرها اليوم فى هذا المقال. المقال المقبل بمشيئته تعالى يوضح بعضاً من نتائج الحوار والبكاء.. والله الموفق