رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جمع "التوقيعات" ورقة رابحة للضغط على الأنظمة.. ابتدعها "عرابي" وسارت على خطاها "تمرد"

ارشيفيه
ارشيفيه

ورقة بيضاء صغيرة، مدونة عليها بعض الكلمات، تحمل في سطورها طلبًا لفئة ما، وقد تكون أعمق من ذلك بحيث أنها تحمل مطلب أجمع عليه شعب بأكمله، أهميتها تحدد على حسب قدرتها في الضغط على النظام الحالي ليستجيب بدوره لما هو مدون عليها، وعبر التاريخ المصري أثبتت تلك الورقة قدرتها على خلع رئيس وتغيير أنظمة كاملة وتحقيق مطالب جامعيها، هي تلك الورقة الرابحة التي ظهرت على يد أحمد عرابي الزعيم المصري، واستمرت حت العصر الحالي.
لم تكن تمرد هي صاحبة فكرة جمع "التوقيعات"، لإسقاط نظام المعزول محمد مرسي، فقد جمعت الحملة التوقيعات تحت شعار "تمرد حتى أراك"؛ لسحب الثقة من نظام الإخوان وعزل محمد مرسي، وبالفعل كانت تجربة ناحجة إلى أبعد الحدود فجمعت الحملة توقيع 22 مليون مواطن على سحب الثقة من المعزول، وتحدد يوم 30 يونيو، لخروج الشعب في مظاهرات حاشدة لخلع نظام الحكم، وكللت التجربة بالنجاح وعزل محمد مرسي في 4 أيام.
لكن تعود بدايات تلك التجربة، إلى عصر الثورة العرابية، ففي عام 1881 قام الكاتب والشاعر عبدالله نديم بجمع توقيعات من الشعب المصري لمساندة القائد أحمد عرابي في الثورة على الخديو توفيق، وكان الغرض من التوقيعات هو تفويض عرابي للحديث باسم الشعب.
وبالفعل، توجه عرابي ورجاله إلى قصر عابدين في التاسع من سبتمبر من نفس العام، وقام بعرض مطالب الثوار، فيما لم يجد الخديو مفرًا إلا الموافقة عليها.
ومنها إلى عام 2010، حينما دشن البرادعي حملة لجمع مليون توقيع من الشعب المصري، للمطالبة باصلاحية تتضمن الدعوة لإنهاء حالة الطوارئ وتسهيل السماح للمستقلين بالترشح للرئاسة، وتعديل بعض مواد قانون الانتخابات، مع إقامة الانتخابات تحت إشراف قضائي كامل وفي ظل رقابة محلية ودولية.
وكانت تلك الحملة تحت رعاية الجبهة الوطنية والتي بدأت بجمع التوقيعات على شبكة الإنترنت، ثم بدأت جمع توقيعات في الشوارع.
وفي يوليو 2013، زاد التوسع في تلك الفكرة التي يستخدمها الشباب خاصة الثوار للضغط على الأنظمة السياسية، فقامت تلك الحملة تحت شعار "دستور مصر أولًا"، وذلك عقب عزل محمد مرسي واختلاف القوى السياسية فيما بينها على اجراء الانتخابات الرئاسية أولًا أو الدستور.
جاءت تلك التوقيعات محاولة منهم لزيادة الضغط من أجل إقرار مطالب تلك القوى الوطنية، حيث بدأت برعاية الجبهة الحرة للتغيير السلمى بالتنسيق مع كافة القوى المدنية، لجمع 15مليون توقيع تطالب من خلالها المجلس العسكري بأولوية صياغة دستور جديد عبر لجنة تأسيسية من كافة الرموز الوطنية تحت شعار الدستور أولًا، وبالفعل طبقت تلك الفكرة في عام 2014، وتم كتابة الدستور قبل إجراء الانتخابات.
وصولًا إلى عام 2014، الذي لم يخلو من جمع التوقيعات أيضًا، حيث ناشد الصحفيون المضربون عن الطعام بنقابة الصحفيين احتجاجًا على قانون التظاهر، زملائهم فى مختلف المؤسسات الصحفية بدء حملة جمع توقيعات ضد القانون.
وفي الاتجاة المعاكس، أطلق حزب "إحنا الشعب" وحركة "تحيا مصر"، حملة "الرؤس الشامخة" لجمع توقيعات من طوائف الشعب المصري، لرفض إسقاط قانون التظاهر، التي تطالب به حملة "الأمعاء الخاوية".
ويظل جمع التوقيعات هو الطريقة المتبعة في الفترة الأخيرة من قبل الشباب، باعتبارها ورقة رابحة تستجيب لها الأنظمة بسبب الاجماع الكبير عليها، ولكن يظهر على الجانب الآخر حملات معادية عن طريق جمع التوقيعات أيضًا، مثلما حدث مع أزمة قانون التظاهر لم يجمع الكل عليها بل ظهرت أصوات معارضة لفكرة إسقاط القانون.