الدروس الخصوصية من الروضة للكلية
تلميذ الصفوف الابتدائية يذهب بصورة مستمرة ويومية لهذه الدروس ويخصص بعض أولياء الأمور «تاكسى» خاص لتوصيلهم لمراكز الدروس وإعادتهم إلى منازلهم، وسوف تصاب بالدهشة عندما تعلم أن هذه التوصيلة اليومية تتكلف حوالى 500 جنيه شهرياً للطالب الواحد مع الإكرامية، ويدفع ولى الأمر المغبون هذا المبلغ بجانب شهرية المدرس الخصوصى التى تتفاوت بين مرحلة أخرى أو مقرر وآخر، وبسؤال التلميذ لماذا يتعاطى الدروس الخصوصية، يرد بأن مدرس الفصل لا يقوم بمهمته لأن عدد التلاميذ كبير ولا يستطيع أن يتفاعل معهم جميعاً وبعضهم لا يستطيع السيطرة على الفصل، ولكن للأسف الشديد بعض مراكز الدروس الخصوصية قد يفوق كثيراً أعداد تلاميذ بعض الفصول، والمضحك المبكى أن معظم أسئلة الامتحانات تأتى بما يتوقعه مدرس الدروس الخصوصية، ولا نعرف ما العلاقة بين واضعى هذه الامتحانات ومدرس الدروس الخصوصية، والأغرب من ذلك أن بعض المدرسين يأخذ أجازة بدون مرتب من مدرسته ليمارس الدروس الخصوصية فى تخصصه النادر، ولست أدرى كيف تمت الموافقة لهذا الهارب من ميدان التعليم على هذه الأجازة؟! وما الوثائق التى قدمت ليحصل على هذه الاجازة، وأين ذهب ضميره الوطنى بعد أن أعدته الدولة للقيام بهذا المهمة النبيلة؟.
والأعجب من هذا العجب أن الدروس الخصوصية لطلاب الجامعات ولمعظم الكليات تقام فى أحد أندية أعضاء هيئة التدريس، وتحولت أماكن النادى إلى حلقات دراسية، وعندما تسأل الطالب عن لماذا يتعاطى هذه الدروس، يرد عليك بأن عضو هيئة التدريس لا يقوم بدوره الايجابى فى المحاضرة، ويدفع الطالب مبالغ طائلة فى المقرر الواحد، وتذهب هذه المبالغ الطائلة «لجيب» عضو هيئة التدريس دون محاسبة أو مساءلته، مع عدم خضوعه لأى ضرائب فهى ممارسات يتعذر التحكم فيها.. إن التعليم لن يستقيم ولن يصل إلى أى جودة طالما يوجد هذا الوباء الموازى للتعليم العام والتعليم الجامعى، كما يجب على مسئولى التعليم فى مصر تتبع الممارسين لهذا الفعل الشنيع ومعاقبتهم، وتخييرهم بين البقاء فى مدارسهم وكلياتهم أو ترك أماكنهم للمخلصين ولمن يستطيع تحمل المسئولية ولديهم الحس الوطنى، وبذلك نمنع إرهاق الطلاب وميزانية أولياء الأمور.. وأظن أن هذا الفساد بعينه.
■ عضو اتحاد المؤرخين العرب