رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التعليم المشكلة.... والحل المدرسة


ورؤيتى للمدرسة كمركز تعليمى لا يقتصر على الطلاب وحدهم، ولكن ليمتد لخدمة البيئة المحيطة حتى تصبح المدرسة مركزا ثقافيا ومنتدى حضارياً يخدم الآباء والأمهات فى لقاءات ثقافية وتنويرية تقرب وجهات النظر، وتتصدى للقضايا العامة، وترد على الإشاعات والخرافات والأساطير الموروثة.

قال أحد المفكرين واسمه «ج.م. ترفليون» التعليم أنتج جمهورا عريضا قادرا على القراءة ولكنه لا يستطيع أن يختار ما يستحق القراءة .

وقال ويل دورانت: « التعليم هو الاكتشاف المبكر لجهلنا». أما ألبرت أنشتين فكتب «التعليم هو ما يبقى فى الذاكرة بعد أن ننسى كل ما تعلمناه فى المدرسة»، ولهذا نخصص مقالنا هذا لتناول المدرسة ومفهومها، والمدرسة ونوعياتها، والمدرسة ومكوناتها، ثم المدرسة وتوافر الأمن بها، والمدرسة وتوفير الجانب الصحى، وأخيرا المدرسة والتأديب.

ومن الواضح أن المدرسة ليست عبارة عن مجرد مجموعة من المكعبات الخرسانية، وعدد من الحجرات التى تتناسب مع عدد المراحل التعليمية وعدد الطلاب بها، فلم تعد محتويات هذه الأبنية مجرد مقاعد خشبية وسبورة حائط سوداء كما يفيد المعنى الإنجليزى Black Board.

إن مبنى المدرسة بلغة اليوم هو مركز تعليمى تربوى به حجرات أو قاعات للدراسة صالحة ومعدة للحوار والمشاهدة والتجارب، وقد رأينا فى فرنسا أن المدرسة ليس بها فصول على الإطلاق، وإنما كل حجراتها هى مراكز تعليمية، فواحدة معدة بالأجهزة والتجهيزات المعملية، وأخرى مجهزة بالخرائط الجغرافية، وثالثة بالأدوات الحسابية وغيرها من المراكز المجهزة وفقا للمواد الدراسية .

أما الطلاب فإنهم يتحركون حسب جداولهم دون أن يكون لهم فصل ثابت، وبهذا تتوافر عدد من الحجرات لا معنى لها، كما أن الاستفادة بالمعامل يصبح ضرورة، حتى المواد اللغوية كاللغة العربية والإنجليزية والفرنسية فهى مجهزة بالوسائل التوضيحية، أما معلم المادة فهو الدائم فى معمله أو مركزه التعليمى، ويستقبل طلابه حسب جدولهم. قد لا يصلح هذا النسق لصغار الأطفال فى مرحلة رياض الأطفال والسنوات الأولى من المرحلة الابتدائية، أما نظام القاعات فيمكن تطبيقه من الصف الرابع الابتدائى وحتى نهاية المرحلة الثانوية. وبالطبع نظام مثل هذا يحتاج إلى اقتناع المسئولين بالهيئة العامة للأبنية التعليمية والإدارات التعليمية المعنية.

كما أن مكتبة المدرسة تحتاج إلى تطوير شامل لتصبح جاذبة للطلاب والمعلمين معا وليست مجرد رفوف ومقاعد وقائمة من الكتب التعليمية التى تضعها إدارة المكتبات بالوزارة، ويتساوى فيها مكتبة القرية والنجع مع المدن والعاصمة بعيدا عن البيئة المحيطة وتعدد الاحتياجات الثقافية والفنية والرياضية، بالإضافة إلى موقع بناء المكتبة ليصبح جاذباً ومريحاً للبصر، ويا حبذا لو أحيط ببعض الأشجار والزهور. أما مقاعد الطلاب والدارسين فتحتاج إلى إعادة نظر لتصبح أكثر راحة. ومن المهم أن تتوافر الحاسبات الآلية بقاعات المكتبة، كما ينبغى أن تفتح أبواب المكتبات لساعات أطول من ساعات المدرسة حتى يستطيع الطالب والمعلم أن يقضى وقتا أكبر حتى فى العطلات المدرسية.

ورؤيتى للمدرسة كمركز تعليمى لا يقتصر على الطلاب وحدهم، ولكن ليمتد لخدمة البيئة المحيطة حتى تصبح المدرسة مركزا ثقافيا ومنتدى حضارياً يخدم الآباء والأمهات فى لقاءات ثقافية وتنويرية تقرب وجهات النظر، وتتصدى للقضايا العامة، وترد على الإشاعات والخرافات والأساطير الموروثة.

أما كلمة «مدرسة» فهى مشتقة من الأصل اليونانى ومعناه وقت المتعة أو الوسيلة المثلى لاستخدام الوقت. لهذا لزم توفير الملاعب الرياضية وقاعات الموسيقى والفنون والآداب حيث يمارس الطلاب هواياتهم. أما الجانب الأمنى بالمدرسة فهو ليس فقط الأمن ضد الحرائق، مع أهميته، ولا ضد الزلازل، مع ندرتها، ولا ضد غارات الحروب مع لزومها، بل لابد من توافر الآمان فى زمن انتشر فيه العنف بين الطلاب وبعضهم البعض، لهذا تزود مبانى المراكز التعليمية، أى المدارس، بكاميرات مراقبة من مداخل أبوابها وحتى قاعات الدرس والأنشطة، مع توفير مخارج كافية إذا لزم الأمر بإخلاء المبنى فى زمن قياسى، مع تدريب الطلاب على كيفية الخروج فى الأزمات. إن سلامة المبنى وتوفير سبل الأمان والراحة تساعد كثيرا على القيام بالرسالة على الوجه الأكمل.

أما الجانب الصحى فهو مهم جدا لاستكمال المبنى، إذ يجب أن يزود بحجرات خاصة للإسعافات فى حالة تعرض الطالب أو المعلم لأزمة صحية طارئة، مع توافر المواد والأجهزة الأساسية للإغاثة.

كما لا يفوتنا أن تكون المبانى نظيفة، جيدة التهوية، ومقاعد الطلاب مريحة وكافية. بالطبع سيكون شكل المدرسة الجميلة والنظيفة والكاملة مختلفا عما نسميه اليوم مدرسة.

والجانب الأخير فى هذا الموضوع هو تبعية المدرسة، فهى إما مدرسة حكومية تملكها وزارة التربية والتعليم، أو مدرسة خاصة معانة «حكومية الإدارة مملوكة لجهات خاصة»، أو مدارس خاصة بأنواعها، لغات، أو دولية، أو عادية، ولكن ينبغى أن تتوافر فيها جميعا شروط السلامة والأمان والنظافة والتشويق حتى يسعد الأطفال والكبار بساعات المدرسة، والوقوع فى حبها، لا فرارا منها مثل كوابيس الأحلام.

رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر