رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بين قطر الدولة "النونو".. و"الطشة" التي تخفيه من أخبار اليوم.. أحمد رجب لكل مقال أزمة

الكاتب الصحفي الكبير
الكاتب الصحفي الكبير أحمد رجب

تلك الجرأة التي يحملها في طرح آرائه تجعله دائمًا حالة متفردة، فهو يرى بعين الفيلسوف لكنه يضع الدواء برؤية الطبيب المعالج، فيجيد قراءة الواقع الاجتماعي ونقده والسخرية منه، بتلك السخرية التي تحمل لمحات من التأمل والحزن.
فتلك هي حياة العظماء دومًا، لا تمر مرور الكرام كما يقولون، تحمل في طياتها أزمات سياسية وسنوات في غياهب السجون؛ بسبب رسمة كاريكاتورية تظهر حقيقة النظام، أو مقالًا لا يعرف "التطبيل" للسلطة والحاكم، 40 عامًا في الصحافة قضاها الراحل أحمد رجب بين مشاكسات مع النظام الحاكم تارة، وتارة أخرى في غياهب السجن، ضحية لإحدى مقالاته أو رسوماته.
"فلاح كفر الهنادوة"
بظهر منحني، وعينان زائغتان يتحدث لأحد كبار الدولة ليشكوا هموم الشعب، "فلاح كفر الهنادوة"، أحد الشخصيات التي ابتدعها الراحلين أحمد رجب ومصطفى حسين، كانت أشهر أحاديث فلاح كفر الهنادوة الذي يرمز لشعب مصر، تلك التي كانت مع رئيس الحكومة الراحل عاطف صدقي، وكان يناديه دائمًا بـ"البيه عاطف"، فكانت على الدوام تثير تلك الشخصية أزمات مع الحكومة إبان حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
واستمرت تلك السخرية حتى بعد تولي أحمد نظيف رئاسة الحكومة، لكن المفاجأة هي ارتفاع سقف الأزمة بين الحكومة ورجب، لدرجة أن شخصية رئيس الجمهورية حلت محل شخصية رئيس الحكومة الذي كان أعلى سقف متاح له طوال سنوات عديدة، لتتبع أزمات رجب مع الرئيس نفسه، ولكن تم منع تلك الشخصية من الظهور مرة أخرى بسبب بعض السياسات العامة.
"القط خربش أحمد رجب"
"القط خربش رجب"، جملة تصف الأزمة التي وقعت بين الكاتب الساخر الكبير أحمد رجب وممتاز القط رئيس تحرير جريدة أخبار اليوم، التي ينشر فيها رجب مقاله بعنوان "نص كلمة"، ولكن الأزمة تفجرت حين غاب اسم أحمد رجب من الرسم الكاريكاتوري الذي يكتب فكرته في الجريدة، والمقال الأسبوعي الذي حل محله مقال "للكاتب لينين الرملي".
واشتعلت الأزمة بشكل كبير بين القط ورجب، حين قرر الأخير الاحتجاب عن الكتابة بعد حذف عبارة من كاريكاتير العدد الماضي، وكان الحذف يتعلق بعبارة ورد فيها اسم "جرجس أفندي".
وتلقى رجب اتصالًا هاتفيًا من رئيس التحرير ممتاز القط، طلب فيه حذف هذه العبارة، فرد أحمد رجب بغضب ورفض أي تعديل، وعندما أبلغه القط بأن الأمر قد ينطوي على فهم يضر بالوحدة الوطنية، أجابه رجب: "أنت هتعلمني الوعي السياسي وإزاي أحافظ علي الوحدة الوطنية؟".
ثم أغلق السماعة، ولم يرسل فكرة الكاريكاتير أو المقال، ولكن سرعان ما أرسل رجب اعتذارًا إلى القط، إلا أن القط لم ينشر الاعتذار، وقام بنشر مقال للكاتب المسرحي "لينين الرملي" مرة أخرى، في المساحة المخصصة لمقال رجب دون أي اعتذار للقراء.
ولكن سرعان ما برر القط حذف تلك الجملة من كاريكاتير أحمد رجب بقوله: "إن هناك سياسة عامة للجريدة يلتزم بها الجميع، والكاتب الكبير لا بد أن يلتزم بأي شيء يقوله رئيس التحرير بعيدًا عن أي مواقف جانبية أو حساسيات".
مقال "الفهامة" من الأولى إلى الأخيرة
وفي أزمة أخرى تلقاها أحمد رجب، نقل مقال "الفهامة" من الصفحة الأولى إلى الصفحة الثانية ثم الأخيرة وذلك في الطبعة الثانية للجريدة، حيث أصدرت العديد من التعليمات السياسية تفيد بعدم نزول أي مقالات لأحمد رجب في جريدة أخبار اليوم، فقام رئيس التحرير منعًا للإحراج بوضع مقاله في الصفحة الأخيرة بدلًا من حذفه.
وعلق وقتها ممتاز القط بقوله :"لا أحد يستطيع أن يمنع أحمد رجب من الكتابة في أخبار اليوم، لأنها بيته، أن كل الجرائد الحكومية تتبع سياسية معينة تحددها السياسة العامة للبلد".
"الطشة" تخفي أحمد رجب من أخبار اليوم
منذ عمل أحمد رجب في أخبار اليوم، مر بالعديد من الأزمات مع الصحافة، وتعرض للهجوم مرات عديدة، لعل أشهرها عن مقاله المنشور إبان الحملة الانتخابية للرئيس الأسبق حسني مبارك والذي اشتهر بين القراء بعنوان "الطشة"، حيث تحدث عن معاناة الرئيس وحرمانه من "طشة" الملوخية والأكلات الشعبية، الأمر الذي أزعج السلطات بشكل كبير، وقيل أنه سبب رحيل أحمد رجب فترة طويلة عن أخبار اليوم.
مسرحية "الهواء الأسود"
كان للكاتب الصحفي الساخر أحمد رجب واقعة قديمة لا يزال يذكرها مجتمع الأدباء والنقاد، عندما قرر أن يواجه مجتمع المثقفين بعقدة الخواجة، وقرر تأليف مسرحية "الهواء الأسود" والتي تدور أحداثها حول ٣ شخصيات بأسماء غريبة مبتكرة، ووضع عليها اسم المؤلف العالمي "داورين ماك" وعرضها على أربعة نقاد كبار هم :"عبد الفتاح البارودي، ورجاء النقاش، وسعد أردش، وعبد القادر القط".
فجاءت تعليقاتهم عليها تشيد بها إشادة قوية، حتى أن البعض اعتبرها إضافة إلى التراث المسرحي، فما كان من أحمد رجب إلا أن نشر تحقيقًا بعنوان "فضيحة الموسم، أنا المؤلف الأوحد لمسرحية الهواء الأسود" وكتب عن عقدة الخواجة في العمل الأدبي، والتي تؤكد أن القارئ يعجب بأي كتاب يصدر تحت اسمًا مشهور، ناشرًا تعليقات النقاد الأربعة.
وهو ما أثار حفيظتهم، فكتب عبد الفتاح البارودي أنها "فضيحة فنية للتافه الأوحد"، في حين أصر "سعد أردش" على أن المسرحية ليست سيئة، وأنها متأثرة بالمسرحيات العالمية، وأنها تستحق الإشادة، فيما قال عبد القادر القط: "أنتم أرسلتم المسرحية لي كناقد يتحدث عن عمل أدبي، وكان من الأولى أن يتم وضعها أمام القراء"، وعلق رجاء النقاش على التحقيق قائلًا: "دي فضيحة لكم وليس لنا".
قطر الدولة "النونو"
شن أحمد رجب في مقاله الشهير نص كلمة في جريدة الأخبار، هجومًا حادًا على قطر، والتي وصفها بالدولة "النونو"، وعلى أميرها، حيث سخر منه وقال: "إن حمد يريد استئجار الأهرامات الثلاثة ليفتحها على بعضها البعض لتصبح مقرًا لحكومته".
وتابع رجب: "دولة نونو تريد أن ترث مصر بالحيا، فعرضت على مصر استئجار الآثار بمليار جنيه، وقد أصر الرجل على إتمام الصفقة لأن الفكرة التي تشغل رأسه لا تتركه ينام الليل، وهي تكبير الأهرامات، بفتح الأهرامات الثلاثة على بعض"، الأمر الذي اعتبره البعض إهانة لمصر وليس لقطر.