رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أخطاء إعلامية قاتلة


من أمتع الأوقات عندما يدور حوار بين الأصدقاء سواء بشكل مباشر أو من خلال صفحات مواقع التواصل الاجتماعى حول القضايا المتعلقة بالإعلام، فقد طرح أحد الأصدقاء قضية الحيادية فى الإعلام وقال: «لا توجد حيادية، بل أداء إعلامى غير مهنى»، ومن وجهة نظرى الحيادية إذا كانت تعنى الموضوعية فهى أحد المعايير المهنية للأداء الإعلامى وتأتى ضمن ما يسمى «القيم الإخبارية» ومنها: الدقة والشفافية والمحاسبة والمصلحة العامة، ومن واقع خبرتى التى امتدت نحو 40 عاماً فى الإعلام أتصور أن الحيادية أو عدم الحيادية مرتبطة بالموضوع الذى تتم معالجته فإذا كان الأمر يتعلق بالشأن الخارجى فإن منسوب درجة الحيادية يصبح أعلى ومما لاشك فيه أن هذه النسبة لها علاقة مباشرة بأهداف السياسة الخارجية المصرية.

وإذا كان الأمر يتعلق بالشأن الداخلى فإن الحيادية بين الآراء أمر ضرورى ومن ثم البناء على جدلية الرأى والرأى الآخر يقود إلى الرأى الأفضل فى القضايا المتعلقة بمصلحة الوطن والمواطن.

أما الحيادية فى أخبار الوطن وأمنه أمر مرفوض تماماً والشىء نفسه لا يجب أن يكون أمن الوطن محل حوار أو مناقشة بين رأيين أحدهما يمثل رأياً معادياً.. مثال: هل يصح أن يكون الإعلام محايداً بين الحكومة والجماعات الإرهابية والتكفيرية؟ولهذا كان من الطبيعى مثلاً فى الـ30 من يونيو أن ينحاز التليفزيون المصرى إلى الثورة ويتخذ موقفاً واضحاً ومحدداً ويصبح الحديث عن الحيادية بين ما بعد 30 يونيو وما قبلها من قبل تليفزيون الدولة أمراً غير منطقى، بل غير وطنى.وسألنى أحد تلاميذى الذين أعتز بهم من شباب مذيعى قطاع الأخبار عن سبب اختلال دلالة المصطلح فى نشرة الأخبار، قائلاً: «هل فى صياغتنا للأخبار عن سوريا مثلاً تعبير وانسجام وتماشٍ مع موقف مصر، خاصة أن المرصد السورى جهة غير رسمية وموالية لتنظيم الإخوان فى سوريا، فضلاً عن ذكرنا لفظ قوات الأسد؟؟؟؟!!!. قلت له: ربما السبب غياب السياسة التحريرية فضلاً عن خطأ أوقعتنا فيه التكنولوجيا المتقدمة فى تحرير الأخبار وهى النقل المباشر من وكالات الأنباء دون تدقيق فيما يسمى بـ«كوبى وبيست»، لأن المحرر هنا يقع فى خطأ مهنى وهو عدم إعمال فكره فيما يحرره، وهذا قد يكون سبباً آخر، بالإضافة الى احتمال نقل الأخبار بطريق الخطأ عن مصادر غير موثوق فيها ومن بين هذه المصادر: مواقع التواصل الاجتماعى مثل الـ «فيس بوك» وتويتر، حيث إن كثيراً من الأخبار المنشورة على هذه المواقع أقرب للإشاعة منها للخبر.إن الخلل فى اختيار المصطلح المناسب رغم وضوح القواعد المهنية يأتى فى الأغلب بسبب الاستسهال من قبل القائم بكتابة الخبر وهذا الحوار قادنى إلى ملاحظة أخرى أن قنوات الجزيرة على سبيل المثال لا الحصر تقع فى أخطاء مهنية عديدة؛ بسبب تطويع السياسة التحريرية لخدمة المواقف السياسية ومنها تجنب استخدام كلمة «داعش» واستبدالها بـ «تنظيم الدولة الإسلامية» بشكل مطلق كما لو كان المسلمون المنتمون للدولة الإسلامية أى دولة إسلامية هم من المنتمين لهذا التنظيم وهذا الانتقال من التخصيص إلى التعميم مقصود به الإضرار بالصورة الذهنية للمسلم لدى المتلقى الذى لا يمكنه التفريق بين المسلم الحق والإرهابى المتستر وراء الإسلام ولاحظت أيضاً أنهم يطلقون على كل المسجونين احتياطياً فى قضايا منظورة أمام القضاء المصرى لفظ «معتقل» رغم أن الحكومة أعلنت بوضوح فإنه لا يوجد معتقلون فى مصر، وبالطبع هدف قناة «الجزيرة» من هذا التحريف المتعمد تشويه صورة النظام المصرى الذى مازالوا يصفونه بالانقلابى رغم سقوط شرعية النظام السابق.

■ رئيس قطاع الأخبار السابق