رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رحلة "الحصانة البرلمانية".. "التلبس" يهدد نواب مصر.. وفي إنجلترا "الدعوى المدنية" تكفي !!

جريدة الدستور

مع اقتراب إجراء الانتخابات البرلمانية، عاد الجدل من جديد حول جدوى "الحصانة البرلمانية"، خاصة بعد إعلان إسلام الكتاتني القيادي الإخواني المنشق عن عزمه التقدم بمذكرة للرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال أيام، لإلغاء حصانة النواب خارج المجلس، ومالا يعرفه الكثيرون أن الحصانة ليست بدعه مصرية، ولكن لها تاريخ ممتد في الديمقراطيات العريقة بدأت في إنجلترا إلى أن وصلت لمصر.
في إنجلترا، ظهرت الحصانة البرلمانية عام 1688م على إثر قيام الثورة الإنجليزية وإقرار الوثيقة الدستورية المعروفة باسم قانون الحقوق، حيث نصت هذه الوثيقة على أن حرية القول المناقشات داخل البرلمان لا يمكن أن تكون سببًا للملاحقة القضائية أو محلاً للمساءلة أمام أي من المحاكم، وإقرار هذه الحصانة في إنجلترا كانت قاصرة على الدعاوى المدنية، إضافة إلى الإجراءات الخاصة بالدعاوى الجنائية البسيطة وقد استثنت من نطاق هذه الحصانة قضايا الخيانة العظمى وقضايا الجنايات وقضايا الإخلال بالأمن وجرائم إهانة المحكمة.
أما في فرنسا، وجدت الحصانة في معظم المواثيق الدستورية الفرنسية بذات المضمون الذي كانت عليه في المواثيق الإنجليزية، فقد نص عليها بداية في قرار الجمعية التأسيسية الفرنسية، الصادرة في 23 يونيو 1789م، ثم نص عليها في دستور عام 1791م، ثم في دستور 1795، وكذلك الدساتير المتتالية في الأعوام 1799، و1848، و1875، و1946م، و1958م، حيث تضمنت هذه الدساتير مبدأ الحصانة ضد المسئولية البرلمانية، أما عن الحصانة البرلمانية ضد الإجراءات الجنائية فقد وجدت في فرنسا منذ وقت بعيد نسبيا، حيث نص عليها بداية في قرار الجمعية التأسيسية الصادر في 26 يونيو سنة 1790 م.
وفي مصر، لم تتضمن أول وثيقة دستورية عرفتها، وهي لائحة تأسيس مجلس شورى النواب وانتخاب أعضائه الصادرة في 22 أكتوبر 1868، نصا يشير إلى الحصانة ضد المسئولية البرلمانية، وقد يكون ذلك راجعًا إلى حداثة العهد بالنظم الديمقراطية ولكن وبمجرد أن استقرت الحياة النيابية وعلى إثر إعادة تشكيل مجلس النواب عام 1882 نجد أن اللائحة الأساسية لهذا المجلس والتي صدرت في 7 فبراير 1882 قد تضمنت نصًا يقرر الحصانة لأعضائه ضد المسئولية البرلمانية .
كما تضمن دستور 1930م نصًا مماثلاً للنص السابق، إلا أن هذا الدستور الغي بأمر الملكي رقم 118 الصادر في 12 ديسمبر عام 1935م وعاد العمل بدستور عام 1923 م بما كان يتضمنه من نصوص خاصة بالحصانة البرلمانية.
ثم نص بعد ذلك على الحصانة ضد المسئولية البرلمانية في أول دستور دائم لمصر بعد قيام الثورة وهو دستور 1956م، أما الدستور المؤقت الصادر 1958م فقد أتى خاليا من النص على الحصانة البرلمانية وقد يرجع ذلك إلى ظروف الوحدة مع القطر السوري آنذاك وبعد أن تم الانفصال عن القطر السوري عاد المشرع الدستوري المصري ونص على الحصانة ضد المسئولية البرلمانية في دستور 1964م. كما تضمن دستور 1971 علي الحصانة.
ونصت المادة "30" من قانون مجلس النواب الذي صدق عليه الرئيس السابق عدلي منصور، على أنه لا يجوز فى غير حالة التلبس بالجريمة اتخاذ أي إجراء جنائي ضد عضو مجلس النواب فى مواد الجنايات والجنح إلا بإذن سابق من المجلس وفي غير دور الانعقاد يتعين أخذ إذن مكتب المجلس ويخطر المجلس عند أول انعقاد بما اتخذ من إجراء، وفى كل الأحوال يتعين البت فى طلب اتخاذ الإجراء الجنائي ضد العضو خلال ثلاثين يومًا على الأكثر وإلا عد الطلب مقبولاً".