رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ثورة 23 يوليو والأقباط


رغم أن الحقبة الناصرية كانت الأقل فى رصد الأحداث الطائفية، وتميزها بعدد من القرارات التى كان من شأنها تقليص فرص التمييز مثل إنشاء مكتب لتنسيق دخول الطلاب للجامعات، والتعيين عبر وزارة القوى العاملة دون استثناء أو تدخل لصالح أحد، فإن قرارات إنشاء جامعة وإذاعة ومدارس على أسس دينية، إلا أن الوجع القبطى ظل متمثلا فى رفض العديد من المواقع الحكومية وجودهم فى مواقع قيادية، بل ورفض وجود تاريخهم فى كتب التاريخ والمطالعة، ولا لوجود لبرامج تعنى بالشأن القبطى، وحتى قداس الأحد لا يذاع إلا على محطة ضعيفة البث.

كل تلك إجراءات الإقصاء مثلت شكلاً من القتل المعنوى لفكرة المواطنة، ومع قدوم العصر الساداتى كان جلوس قداسة البابا شنودة الثالث على كرسى البابوية، وكانت أحداث القتل الفعلى على أساس الهوية الدينية.

مع مواجهة السادات تحدى مجيئه خلفاً لرئيس صاحب شعبية هائلة فى الشارع وكاريزما يصعب تجاوزها، كان تحدى قداسة البابا شنودة لمجيئه خلفاً لقداسة البابا كيرلس السادس صاحب الرصيد الروحى فى قلوب المصريين.. فيذهب السادات لتحول اقتصادى منفتح مدهش خاطف للأبصار ليغرق الأسواق بسلع أفرنجية المنشأ، وفتح فرص السفر لدول البترودولار للعمل، ومع رحلات الذهاب والإياب يتم اللعب بشكل الهوية والثقافة المصرية الوطنية عبر التأثير الدينى ووصولاً للسماح لتيار الإسلام السياسى للعمل فى الجامعات والعديد من المواقع الثقافية والإعلامية لمواجهة اليسار والتيار الناصرى والقومى العروبى.

وعليه، كان على الطرف الآخر إعلان وجود بطريرك قوى يقرر شكل جديد للوجود القبطى برئاسة دينية وأيضاً بزعامة سياسية بالتزامن مع بداية نشاط جماعات المسيحيين فى الخارج، وكان لحادثة الخانكة فى 6 نوفمبر 1972 الأثر الأعظم فى وجود ذلك الشكل الجديد، وهى التى بدأت بخلاف حول تحويل جمعية قبطية لكنيسة فى هذه المنطقة، وتوالت الأحداث فى عهد الرئيس المؤمن والبابا الزعيم حتى وصل إلى حد الصدام المباشر التى جاء على إثرها قرارات التحفظ على قداسته فى الدير، ومنعه من ممارسة دوره الرسمى على الأقل، وفى مرحلة تالية كان حبس مجموعة من الأساقفة والكهنة ضمن قرارات سبتمبرالشهيرة.. وفى مقالات قادمة نعرض لجوانب أخرى من علاقة ناصر يوليو وكبرلس الكنيسة وتباين وجهات النظر فى تقييمها.

كاتب