رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من "بحر البقر" إلى "الأنوروا" عندما يصبح الأطفال هدفًا عسكريًا في اللعبة السياسية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

حينما نعود بالذاكرة إلى الخلف بضع سنين حتى نصل إلى عام 1970 خاصة في شهر إبريل لهذا العام، نتصور المشهد مرة أخرى في خيالنا، نجده يتمثل في أشلاء صغيرة متناثرة تغطيها الدماء من كل جانب، اختلطت تلك الدماء بأوراق تحول لونها من الأبيض إلى اللون الأحمر، وأقلام لو استطاعت التحدث لوصفت ذلك المشهد بأنه الوحشية متمثلة، ليست مستخدمة تلك المرة الحبر الأزرق كعادتها ولكن ستكون سطورها أما بالدموع أو الدماء المتناثرة.

وعلى مقربة من الحادث تجد صرخات لا تعلم أين مصدرها لكثرتها فاختلطت بصوت الطائرات العسكرية المحلقة في السماء، لتخرج من قلوب أمهات فقدن أطفالهن وزهرة أعمارهم التي لم تنبت بعد، كل تهمتهم أنه ذهبوا إلى مدارسهم في الصباح الباكر، متناسين أن بلادهم محتلة من قوات احتلال إسرائيلية لا تفرق بين براءة الأطفال واحتمال الكبار.

حادث مدرسة بحر البقر الذي مر عليه أكثر من 44 عام، حينما قصفت الطائرات الإسرائيلية، مدرسة بحر البقر المشتركة في قرية بحر البقر بمركز الحسينية بمحافظة الشرقية في مصر، حيث أدى ذلك الحادث الأليم إلى مقتل 30 طفلًا وإصابة 50 آخرين وتدمير مبنى المدرسة تمامًا.

حيث بدأت بالتحليق بسماء المدرسة في الصباح الباكر 5 طائرات إسرائيلية، قامت بقصف المدرسة بشكل مباشر بواسطة خمس قنابل، أدت إلى تدمير المبني كاملًا، وبعدها أصدرت وزارة الداخلية المصرية بيانًا تفصيليًا بالحادث، وأعلنت أن عدد الوفيات 29 طفلًا وقتها وبلغ عدد المصابين أكثر من 50، وأصيب ومدرس و11 شخصًا من العاملين بالمدرسة وقت الحادث.

وتضاربت الأنباء وقتها أن الحادث تم بواسطة طائرات قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية لطفلتها المدللة إسرائيل، وسارت أمريكا على درب مثل مصري قديم يقول :"يقتل القتيل ويمشي في جنازته"، حيث وصفت وزارة خارجيتها الهجوم الذي تسبب في استشهاد تلاميذ مدرسة بحر البقر "بالأنباء المفزعة".

وبالعودة إلى تلك الآونة، نجد المشهد يتكرر مرة ثانية وكأن "السحر انقلب على الساحر" أو من شاركه بشكل أو بآخر، فأمس حدث هجوم على مدرسة الأمم المتحدة في شمال قطاع غزة، أسفر عن مقتل العديد من النساء والأطفال والموظفين في الولايات المتحدة، وأعلنت الولايات المتحدة عن بالغ حزنها لذلك الحادث، مؤكدة أن ملابساته لم تتضح بعد، وكانت عد الوفيات 15 شخصًا على الأقل، والإصابات نحو 200، ومعظم القتلى في مدرسة الأمم المتحدة بغزة هم من الأطفال.

"لا شماتة في الموت" ولكن أمس كان على أطفال مصر الأبرياء، واليوم لهم، حتى وأن مر على حادث قتلهم سنوات عديدة، فحقهم عند الله الذي يمهل ولا يهمل لن يضيع.