رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محاولة جادة لكشف حقبة مهمة


 استكمل حلقة ثانية فيها بقية ملاحظاتى على مسلسل «صديق العمر»...

 ثانى ملاحظة هى أنه رغم أن المسلسل عنوانه «صديق العمر» إلا أنه فى جانب كبير منه يقدم العلاقة بين المشير عامر والفنانة الراحلة برلنتى عبد الحميد ويغفل زواجه الأول وأبناءه، مما يجعلنى أقول إن هذا المسلسل ركز على رد الاعتبار للفنانة الراحلة أكثر من رد الاعتبار لأبنائه وأسرته الأولى والتى تضررت من تشويه سمعة الرجل الذى شارك بدور أساسى فى قيام الثورة والحروب المتتالية، وبدا أن أخطاءه هى السبب فى الاخفاقات التى مرت بالوطن وبخاصة نكسة يونيو ١٩٦٧، وتحديد إقامته بقرار من الرئيس جمال عبدالناصر ثم التضحية به بسبب النكسة باعتباره المسئول الأول عنها.

يبدو المسلسل فى مشاهد كثيرة منه وكأنه يصور عصراً من الأخطاء التى تحدث بسبب الارتجالية والاستعلاء على الشعب، مما يعكس للأحداث الكبيرة التى مرت بالوطن صورة ذهنية مختلفة عن كل ماقدم من قبل عن الشخصيات والعلاقات، كما أن بعض المشاهد غير صحيحة تاريخياً مثل مشهد اللقاء الأول بين المشير عامر والفنانة برلنتى عبد الحميد والذى صورها فى ندوة ثقافية؛ ثالثها أن العلاقة بين ناصر وعامر كانت علاقة وطيدة، ومن يعرف أبناءهما يدرك أنها كانت علاقة خاصة جداً، بينما فى المسلسل نجد بعداً مختلفاً وتبايناً فى الآراء والخلافات المستمرة التى تجعلك تضع علامة استفهام كبيرة أمام هذه العلاقة التى بدأت بين الرجلين فى الكلية الحربية واستمرت حتى وفاة عامر فى نهاية أليمة بعد نكسة يونيو وقرار الانسحاب، وما أسفر عنه من خسائر فى أرواح للمصريين.

ثالثاً: جاء الإخراج لعثمان أبو لبن متميزاً، ولاشك أن باسم السمرة قد أضاف بتلقائيته وطبيعية أدائه وانفعالاته إلى الدور، نظراً لما عرف عن الشخصية الانفعالية للمشير، وإن لم نر من باسم بعض التغير فى النبرة الانفعالية العالية والعصبية الواضحة حتى فى المواقف العائلية التى تتطلب بعض الهدوء فى التناول، فظل يمثل بنبرة واحدة حتى فى المواقف الإنسانية، وهى قليلة جداً على مدى الحلقات، أما الفنان الكبير جمال سليمان، فلقد استطاع أن يقترب فى شكله بقدر ضئيل من ملامح جمال عبد الناصر، إلا أنه لم يكن بالشبه الكافى مما وضعه فى مقارنة مستمرة مع النجم الراحل أحمد زكى الذى جسد عبدالناصر فى فيلم لا ينسى، والذى توحد مع الشخصية ببراعة إلى درجه التوحد التام معها، أما الفنانة درة فقد حاولت الاجتهاد فى تجسيد الراحلة الفنانة ذات الجمال الأخاذ برلنتى عبدالحميد، إلا أن اختيارها جاء غير موفق، لأننا مازلنا نشاهد أفلاماً قامت ببطولتها برلنتى، ومن هنا فإنه يصعب تصور درة الرقيقة التى لم تستطع الخروج من جلدها من أجل أن تقوم بدور برلنتى ذات الجمال الأخاذ والحضور الفنى القوى، أجاد من قاموا بأدوار مساعدة للكاتب الكبير حسنين هيكل والرئيس الراحل أنور السادات، والسيدة زوجة الرئيس الراحل عبدالناصر، ويحسب للمسلسل أنه مسلسل تاريخى جاد فتح الأبواب على فترة مهمة من تاريخنا، وسط كم هائل من الدراما المليئة بالإسفاف والمخدرات ومشاهد العنف والبلطجة والسلوكيات المبتذلة والألفاظ الخارجة والتشويه للمجتمع فى كل فئاته