رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكرى ثورة 23 يوليو:

الحركة العسكرية التي تحولت إلى ملحمة في تاريخ مصر المعاصرة

جريدة الدستور

في خطوة واحدة جريئة قادها ضباط مصر الأحرار؛ ليعلنوا انتهاء فترة الاستعباد الذي عانى منه الشعب، وبداية عصر جديد مشرق في تاريخ الوطن عقب انتهاء حكم الملك فاروق، فوحدة الضباط مع الشعب هي من حققت لثورة 23 يوليو النصر وقتها، ليوجهوا للعالم أجمع رسالة أن قوتهم في وحدتهم، فاجتمعوا على قلب رجل واحد من أجل الحرية والكرامة الإنسانية، ورغم مرور 62 عاما على الثورة إلا أنها مازالت تقبع في الأذهان، فلم يعتبرها الجيش المصري مجرد أوراق موجودة في دفاتر التاريخ أو عفى عليها الزمن، فمازالت إنجازات الثورة ملموسة وسيرتها موجودة.

فقد عاش الشعب المصري معاناة كبيرة في عهد الملك فاروق؛ بسبب الفجوة الاجتماعية الموجودة بين الطبقات، حيث بدأت ثورة 23 يوليو كحركة عسكرية من قبل مجموعة من الضباط الأحرار المكون من 13 ضابطا من الشباب برئاسة اللواء محمد نجيب، فقد أطلق عليها في بداية الأمر "حركة الجيش المباركة" ومن ثم عرفت باسم ثورة يوليو، حيث كان من أهم عوامل قيام الثورة حرب فلسطين عام 1948 التى تورط فيها الملك فاروق بصفقة الأسلحة الفاسدة، إلى جانب الفساد وتردي الأوضاع في البلاد على معظم المستويات خاصة الاقتصادية منها، وأيضًا لإنهاء نظام الإقطاع وإعلان الجمهورية.

كان الخطأ في تحديد موعد قيام الثورة أو كما أسموه "ساعة الصفر" من العوامل التي أدت إلى نجاحها، فقد اتفق مجلس قيادة الثورة القيام بها في الساعة الواحدة ليلة الأربعاء 23 يوليو، غير أن خطأ في إبلاغ "يوسف صديق" قائد ثان الكتيبة 13 بساعة الصفر تسبب في نجاح الثورة، فتحرك قائد الكتيبة بقواته في الساعة الحادية عشر، واستطاع السيطرة على مجلس قيادة القوات المسلحة في كوبري القبة، واعتقال كل من قابلهم في الطريق، والاستيلاء على مبنى الإذاعة والمرافق الحيوية بالقاهرة واعتقال الوزراء، فتمكن أنور السادات آنذاك من إلقاء بيان الثورة والانقلاب على حكم الملك فاروق من داخل مبنى الإذاعة والتلفزيون "ماسبيرو".
وفي صباح اليوم التالي جاءت عناوين الصحف القومية والخاصة تفيد أن رئيس الجمهورية هو اللواء محمد نجيب، وقد تم إنهاء حكم الإقطاع وعزل الملك فاروق، وأعلنت مصر من جانبها أن ما حدث هو شأن مصري بحت، فقام الثوار بتحذير السفير البريطاني من تدخل قواته في ذلك الشأن.
"ﺇﻥ ﻧﻘطة ﺩﻡ مصرية ﺃﺛﻤﻦ ﻋﻨدى ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺮﻭﺵ ﺍﻟدﻧﻴﺎ، ﻭﺍﻟﺮﺣﻴﻞ ﻓﻮﺭًﺍ ﺃﻫﻮﻥ ﻋﻠﻰ قلبي ﻣﻦ ﺳﻔك ﺩﻣﺎء مصرية ﺣﻔﺎظًا ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺼبى"، كانت تلك الجملة هي آخر كلمات الملك فاروق قبل رحيله عقب نجاح ثورة 23 يوليو، فكان في طريقه إلى منفاه بالعاصمة الإيطالية روما، وكان يحيط به اللواء محمد نجيب وعددًا من الضباط الأحرار، مبررًا بتلك الكلمات أسباب تنحيه عن الحكم وموافقته لإعلان الجمهورية.
ومن اللافت للنظر وما تتميز به ثورة 23 يوليو عن غيرها من الثوارت، أنها ثورة بيضاء لم يرق فيها الكثير من الدماء المصرية، وأيضًا قيامها على يد الضباط الشباب، فعادة من يقوم بالثورات هم قادة الجيش وأصحاب الرتب العالية، فاستطاعت بذلك ثورة 23 يوليو إنهاء حكم الإقطاع والسيطرة على الحكم بإسقاط الحكم الملكي، وتوقيع اتفاقية الجلاء عقب أكثر من 70 عامًا من الاحتلال البريطاني على مصر.