رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سد النهضة من منظور مختلف


والجديد فى الأمر بعد محادثات السيسى - ديسالين، أن إثيوبيا قد تعهدت بألا يترتب على بناء السد الإضرار باستخدامات مصر المائية، كما عبرت مصر عن التزامها بالحوار البناء حول مشروعات تنمية إثيوبيا، كذلك اتفق على استئناف عمل اللجنة الثلاثية المختصة بسد النهضة.

إيماء لمقالنا السابق بشأن سد النهضة والمنشور الجزء الأول منه فى صحيفة الدستور بتاريخ 18/4/2014، وبالإشارة للتفاهم الذى تم فى مالابو بين الرئيس عبد الفتاح السيسى ورئيس وزراء إثيوبيا هايلى مريام ديسالين بشأن الموضوع نفسه، نعود لتأكيد حقائق الموقف.

والأزمة، إذا صح التعبير، اخترعها محمد مرسى وجماعته فى منتصف شهر يونيو 2013 عندما كانوا فى قمة الارتباك، يواجهون ثورة شعب مصر بعد عام من حكمهم الفاشل، فحاولوا صرف الأنظار إلى أزمة وهمية افتعلوها بالحديث عن «كارثة» سد النهضة.

أما حقيقة الوضع فهى أن سد النهضة، وإثيوبيا تبنيه بغرض توليد الكهرباء فقط حيث لا توجد فى المنطقة مساحات قابلة للزراعة تستحق الذكر، لا يمس مصر مائياً إلا من جانب واحد مؤقت، وهو المدة الزمنية المحددة لملء الخزان.

والجديد فى الأمر بعد محادثات السيسى - ديسالين، أن إثيوبيا قد تعهدت بألا يترتب على بناء السد الإضرار باستخدامات مصر المائية، كما عبرت مصر عن التزامها بالحوار البناء حول مشروعات تنمية إثيوبيا، كذلك اتفق على استئناف عمل اللجنة الثلاثية المختصة بسد النهضة.

وهذا معناه أن «كارثة» سد النهضة لم يعد لها وجود، حيث إن فترة ملء الخزان لن تقل عن 8 سنوات، كما صرحت إثيوبيا من قبل، وهذا يعنى أن مخزون السد العالى سيستوعب النقص المؤقت فى تصرف النهر، كما استوعب فى تسعينيات القرن الماضى حالة الجفاف التى أصابت القارة الإفريقية بما فيها إثيوبيا، ولم نتأثر بها فى مصر على الإطلاق بفضل مخزون السد العالى.

أما الضرر الذى سيصيب مصر بالفعل، فهو انخفاض كمية الكهرباء المولدة فى محطة السد العالى بمقدار النصف تقريباً بسبب خفض منسوب التخزين أمام السد العالى من 170/175 متراً فوق سطح البحر حالياً، إلى 150 متراً بعد تشغيل سد النهضة. ويضيف هذا النقص إلى أزمة الكهرباء المتفاقمة، والتى لن تحل إلا باللجوء للطاقة الشمسية المتوفرة فى مصر. ولعل من محاسن الصدف أن الخبير المصرى الدكتور إبراهيم سمك، الذى يعتبر أبو الطاقة الشمسية فى ألمانيا، كان فى زيارة لمصر منذ بضعة أسابيع، وأعلن فى التليفزيون استعداده لتقديم المشورة الفنية بل والإشراف على أى مشروع لتعميم استخدام الطاقة الشمسية فى مصر.

وفى مقابل هذا الضرر المحدود الواضح لسد النهضة، توجد فائدتان جانبيتان لهما أهميتهما، فخفض منسوب التخزين أمام السد العالى سيخفض مساحة بحيرة ناصر إلى النصف تقريباً، لأن منسوب الماء فى البحيرة سينخفض بنفس مقدار انخفاضه أمام السد، وهذا سيوفر حوالى مليار متر مكعب من كمية البخر الحالى فوق سطح البحيرة أى النصف تقريباً. وفى الوقت نفسه ستتوفر على حواف البحيرة عدة آلاف من الأفدنة التى غطتها طبقة من الطمى تجعلها صالحة للزراعة، يمكن تمليكها لأهالى النوبة الذين فقدوا أرضهم الأصلية تحت مياه بحيرة ناصر، وبذلك تحل مشكلة طائفة عزيزة من أبناء مصر فقدوا مورد رزقهم بسبب بناء السد العالى.

خبير مياه