رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أدباء من معسكر القتلة


كان الأديب الألمانى «كافكا» يقول إن الكتابة هى أن تهجر معسكر القتلة، أى أن دور الأديب هو الانتصار للحياة والنماء والعدل والجمال، إلا أن تاريخ الأدب عرف حالات قليلة جدا تطوع فيها أدباء بالانضمام إلى معسكر القتلة أعداء الحياة، كان أشهرها «روديارد كبلنج» الذى أيد ودعم التوسع الاستعمارى البريطانى ومجد مجازر الجنود البريطانيين ونال رغم ذلك أو بفضل ذلك جائزة نوبل. واليوم نجد لدينا كاتبين مصريين يدقان طبول تمجيد المجازر وفتح الأبواب أمام الفاشية. الأول «على سالم» صديق إسرائيل الأشهر الذى دعا فى مقال بعنوان «جماعة شرف البوليس» إلى تصفية خصوم الدولة «يقصد الإخوان» خارج إطار القانون دون محاكمات قائلا «هل ما أطلبه فيه عدوان على القانون؟ نعم.. ما أطلبه ليس قانونيا ولكنه عادل»! وعندما مر ذلك المقال الإجرامى من دون تعليق يذكر تشجع «نصار عبدالله» فدعا إلى تصفية أطفال الشوارع فى مصر بالرصاص تحت عنوان «الحل البرازيلى»! وقدم عبد الله ما حدث فى البرازيل مع أطفال الشوارع ليس بصفته جريمة فردية بل بصفته حلا سياسيا معتمدا أفضى لتقدم البرازيل وعلينا الاقتداء به لكى نتطور ونحل كل مشكلاتنا! وبينما يقترح علينا على سالم أن نرمى بالقانون جانبا وأن تقوم الشرطة بتشكيل جماعة خارج إطار القانون لتصفية خصومها، فإن نصار عبد الله يقترح تصفية أطفال الشوارع خارج القانون أيضا عوضا عن الحل الحقيقى الذى قدمته البرازيل تحت عنوان «الأطفال يريدون المستقبل» بالاعتماد على توفير الحماية الاجتماعية لأطفال الشوارع والسكن والمشروعات التجارية الصغيرة والأنشطة الترفيهية وإعادة تأهيل الأطفال لدمجهم فى المجتمع. لكن نصار عبد الله ترك كل ذلك وتوقف عند جرائم فردية ارتكبت فى حق أطفال شوارع البرازيل وقدمها إلينا بصفتها حلا رشيدا يشير إلى «توفر إرادة الإصلاح لدى القيادة السياسية التى حولت البرازيل من اقتصاد موشك على الإفلاس إلى واحد من أهم قوى نظم الاقتصاد العالمى»!

ووفقا لمنطق نصار عبد الله وعلى سالم فإن علينا كلما واجهتنا مشكلة أن نتخلص من البشر بالقتل خارج أى إطار قانونى وليس من المشكلة، وهكذا يتعين علينا أن نقتل المسنين وذوى الاحتياجات الخاصة والعاطلين وخصوم الدولة السياسيين لأنهم عبء على المجتمع والدولة والاقتصاد! وعلى امتداد حياتى لم أسمع قط بدعوة إجرامية كتلك يصل فيها الإجرام حد المناداة بقتل الأطفال واغتيال الخصوم السياسيين! وإذا دققنا النظر فسوف نرى فى تلك الدعوة اقتراحا بالفاشية وفتح الأبواب أمامها للتحكم من دون قانون أو دستور أو ضابط. وحسب إحصائيات اليونيسيف فإن عدد أطفال الشوارع بمصر يتراوح ما بين مائتى ألف إلى مليون طفل، يدعونا نصار عبد الله إلى قتلهم لكى نتطور! أما الإخوان الذين يدعونا «على سالم» لتصفيتهم خارج القانون فإن عددهم مع أنصارهم لا يقل عن مائتى ألف! إننا إزاء دعوة إجرامية لهدم الدستور والقانون والأخذ بالفاشية التى عرفت طريقها إلى مصر مبكرا مع حزب مصر الفتاة كصدى للفاشية الإيطالية والنازية الألمانية. يقترح علينا على سالم ونصار عبد الله نظام حكم فاش، وهما لا يقترحانه علينا نحن بل يقدمانه أساسا للدولة هدية من معسكر القتلة الذين يتغنون بجمال المجازر وفتنة المذابح تحت شرفة الفاشية