رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مجلس التعاون الخليجى.. رؤية للأمن الإقليمى ودعم قضايا المنطقة

.. بعد مخاض استمر لـ43 عامًا، كشف مجلس التعاون الخليجي، عن رؤيته للأمن الإقليمي، أو ما وصفه الأمين العام للمجلس، جاسم البديوي أن: "هذه الرؤية ليست مجرد خطط وأهداف استراتيجية، بل هي عهد بيننا لبناء مستقبل مشترك، فلنكن جميعًا شركاء في رسم خريطة طريق نحو مستقبل يعمّه الأمن والأمان والاستقرار والازدهار".

*خريطة طريق نحو المستقبل والأمن المشترك. 
بالعودة إلى تاريخ انطلاق، مجلس التعاون الخليجي، كمؤسسة إقليمية وحدوية، فقد أعلن يوم في 21 رجب 1401هـ الموافق 25 مايو 1981م توصل قادة كل من دولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة البحرين، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، ودولة قطر، ودولة الكويت في اجتماع عقد في"أبوظبي" إلى صيغة تعاونية، وحدوية تضم الدول الست، تهدف إلى تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دولهم في جميع الميادين؛ وصولًا الى وحدتها، وفق ما نص عليه النظام الأساسي للمجلس في مادته الرابعة، التي أكدت أيضًا تعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون بين مواطني دول المجلس. وجاءت المنطلقات واضحة في ديباجة النظام الأساسي التي شددت على ما يربط بين الدول الست من علاقات خاصة، وسمات مشتركة، وأنظمة متشابهة أساسها العقيدة الإسلامية، وإيمان بالمصير المشترك ووحدة الهدف، وأن التعاون فيما بينها إنما يخدم الأهداف السامية للأمة العربية النظام الأساسي.
*
*.. واقع تاريخي واجتماعي وثقافي خليجي مميز. 
 


.. في بدايات تحقق الفكرة، وحراك المشوار، لم يكن القرار وليد اللحظة، بل جاء تجسيدًا مؤسسيًا لواقع تاريخي واجتماعي وثقافي، حيث تتميز دول مجلس التعاون بعمق الروابط الدينية والثقافية، والتمازج الأسري بين مواطنيها، وهي في مجملها عوامل تقارب وتوحد عززتها الرقعة الجغرافية المنبسطة عبر البيئة الصحراوية الساحلية التي تحتضن سكان هذه المنطقة، ويسرت الاتصال والتواصل بينهم وخلقت ترابطًا بين سكان هذه المنطقة وتجانسًا في الهوية والقيم. وإذا كان المجلس لهذه الاعتبارات استمرارًا وتطويرًا وتنظيم تفاعلات قديمة وقائمة، فإنه من زاوية أخرى يمثل ردًا عمليًا على تحديات الأمن والتنمية، كما يمثل استجابة لتطلعات أبناء المنطقة في العقود الأخيرة لنوع من الوحدة العربية الإقليمية، بعد أن تعذر تحقيقها على المستوى العربي الشامل، وهذا ما حدث وترك بصمة عربية إقليمية دولية وأممية. 
*رؤية مجلس التعاون  للأمن الإقليمي. 
الخميس الماضي، كان فرصة للكشف والإعلان من قبل الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، عن الرؤية للأمن الإقليمي، وهي التي وضعها خبراء المجلس، لتكون وثيقة عمل تهتم بتنظيم استشارية وضبط ما قد يعد أهم رؤية  للأمن الإقليمي، في الخليج العربي، عدا عن اهتمامها بكل المنطقة والإقليم. 
وسط  محبة واعتزاز بدور  جاسم البديوي، الأمين العام للمجلس، وممثّلين عن وزارات خارجية الخليج، ودول ومنظّمات إقليمية دولية، تم إطلاق الرؤية، وهي تجسد مكانة وقوة ووزن الخليج العربي الإقليمي والعالمي والأمني، عدا عن الدولي والأممي. 
‏الأمين العام، بكل الالتزام والطموح والسعي استشراف المستقبل، قال "البديوي" إن: " الرؤية ليست مجرد خطط وأهداف استراتيجية، بل هي عهد بيننا لبناء مستقبل مشترك، فلنكن جميعًا شركاء في رسم خريطة طريق نحو مستقبل يعمّه الأمن والأمان والاستقرار والازدهار"، وهي تعني بكل ثقة وتأكيد وحزم: "أمن دول المجلس كلٌّ لا يتجزأ، خصوصًا في ظل ما تشهده المنطقة والعالم من عدم استقرار، حيث يرتبط ذلك بمبدأ المصير المشترك، وقد ساهم التكامل السياسي والعسكري والأمني؛ بين دوله في استتباب الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي".
*أمام المجتمع الدولي.. تكاملنا الأمني.

الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم البديوي، نبه إلى أهمية الطرح، الذي توحد من أجله المجلس، أمام المجتمع الدولي، فأمد أنه يطرح: "ما وصلنا إليه من تكاملنا الأمني"، كاشفًا عن أن "الوحدة الخليجية عنصر رئيسي ومادة واضحة في النظام الأساسي لمجلس التعاون، وهو هدف نطمح إليه جميعًا".. وهو العنوان الجيوسياسية الأمني القادم لجميع دول المجلس، في ظل عديد الأزمات والقضايا الدولية الضاغطة على المنطقة والإقليم، والخليج العربي، أكثر من أي فترة أو مرحلة، بالذات الحرب على غزة، والحرب الروسية الأوكرانية، وازمة البحر الأحمر، أزمات البيئة والاوبئة والأمن الغذائي. 
الإعلان، عن الرؤية الأمنية الإقليمية تم بمقر الأمانة العامة في  العاصمة السعودية الرياض،، ومع هذا الإطلاق المهم سياسيا وأمنيا، أدارالأمين العام المساعد للشئون السياسية والمفاوضات لمجلس التعاون عبدالعزيز العويشق، جلسةً حواريّة مع المعنيّين في وزارات خارجية الدول الأعضاء، تناولوا خلالها جوانب من الرؤية، وسط حضور كبير وتفاعل من الخبراء والمختصّين ووسائل الإعلام، وعلى ذلك خلصت الندوة، لتناقش خصوصية ما تمحورت عليه  رؤية مجلس التعاون الخليجي، ضمن الجهود المشتركة لتعزيز الأمن الإقليمي في وثيقة، جاءت بعد ديباجتها في 15 بندًا، الرئيس منها، تلك البنود التي جاءت وفق البنود:
*1.: الحوار وعدم اللجوء للقوة أو التهديد. 
البناء على جهود دول المجلس في حلّ الخلافات عبر المفاوضات بالطرق الدبلوماسية والحوار وعدم اللجوء للقوة أو التهديد بها.
*2.: تجنيب المنطقة تداعيات الحروب ومعالجة الأزمات الإقليمية. 
تكثيف الجهود للاستمرار في القيام بدور ريادي فاعل لتجنيب المنطقة تداعيات الحروب ومعالجة الأزمات الإقليمية وبذل المساعي الحميدة ودعم جهود الوساطة، والمطالبة بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة والمحافظة على سيادة ووحدة وأمن دول المنطقة، والتصدي للتدخلات الخارجية.
*3.:تفعيل مبادرة السلام العربية والجهود الدولية لحلّ  القضية الفلسطينية. 
دعم جهود تفعيل مبادرة السلام العربية والجهود الدولية لإيجاد حلّ عادل للقضية الفلسطينية، وفقًا لحل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية وبقية الأراضي العربية المحتلة والانسحاب لحدود 4 يونيو "حزيران" 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حقوق اللاجئين، والوقف الفوري لمحاولات التغيير الديموغرافي وطمس الهوية العربية وتهويد المقدسات الإسلامية والمسيحية واستمرار ممارسة الضغط على المجتمع الدولي لاتخاذ مواقف حاسمة، والتحذير من أن استمرار انسداد آفاق الحل يعد عاملًا أساسيًا لزعزعة الاستقرار في المنطقة ومسوغًا لنشر التطرف والكراهية والعنف إقليميًا ودوليًا.
*4.:منطقة الخليج خالية من أسلحة الدمار الشامل.
دعم الجهود الدولية والإقليمية للمحافظة على منظومة عدم الانتشار، وجعل منطقة الشرق الأوسط بما فيها منطقة الخليج خالية من أسلحة الدمار الشامل.
*5.: الطاقة النووية للأغراض السلمية. 
دعم ضمان حق الدول في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، في إطار الاتفاقيات الدولية والالتزام بمعايير الأمان النووي، والاستعداد للتعاون والتعامل بشكل جدي وفعّال مع دول الجوار الإقليمي لتعزيز الأمن والأمان النوويين.
*6.: الحفاظ على الأمن البحري وأمن الممرات المائية. 
تعزيز القدرات الذاتية وتعميق الشراكات الإقليمية والدولية ودعم آليات التعاون والتنسيق على الصعيدين الإقليمي والدولي لتعزيز مفهوم ربط المصالح الاستراتيجية في سبيل الحفاظ على الأمن البحري وأمن الممرات المائية والتصدي للأنشطة التي تهدد خطوط الملاحة البحرية والتجارة الدولية وإمدادات الطاقة، ومكافحة عمليات التهريب بأنواعها ومساراتها، وضمان تنسيق الجهود الإقليمية والدولية.
*7.: مكافحة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله ومظاهره. 
تعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله ومظاهره، وحثّ بقية الأطراف الإقليمية والدولية باعتماد نهج شامل لمكافحة الإرهاب والتطرف، الذي لا يرتبط بعقيدة أو شعب أو عرق، واتباع النهج المبني على التعايش والاحترام المتبادل مع دول العالم.
*8.: تجفيف منابع الإرهاب ومحاصرة تمويل. 
العمل على تجفيف منابع الإرهاب ومحاصرة تمويله والمشاركة مع بقية الأطراف الإقليمية والدولية في تطوير المنظومات التشريعية والممارسات الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال.
*9.: تجريم جميع الجماعات التي تقوم بأعمال إرهابية. 
المطالبة بتجريم جميع الجماعات التي تقوم بأعمال إرهابية بغضّ النظر عن انتماءاتها الحزبية أو المذهبية أو ارتباطها بمؤسسات الدولة، والامتناع عن دعم الميليشيات الإرهابية والجماعات الطائفية وتمويلها وتسليحها، بما ذلك تزويدها بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وتكثيف العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لمنع وصول الأسلحة والذخائر وتكنولوجيا الصواريخ الباليستية وأنظمة الطائرات المسيرة إلى الجماعات من غير الدول، وتقوية الآليات القانونية الإقليمية والدولية ومحاسبة منتهكي القرارات الأممية ذات العلاقة.
*10.: مواجهة الجرائم الإلكترونية. 
رفع مستوى الأمن السيبراني من خلال مواجهة الجرائم الإلكترونية، وتعزيز الخطط الاستراتيجية واتخاذ خطوات فعّالة لرفع مستوى الوعي لمواجهة التهديدات السيبرانية، وتشكيل شراكات استراتيجية مع عدد من الأطراف الإقليمية والدولية لتعزيز الأمن السيبراني.
*11.: تعزيز الشراكات الدولية بما يسهم في أمن المنطقة واستقرارها. 
تعزيز الشراكات الدولية بما يسهم في أمن المنطقة واستقرارها، وبما يحفظ الأمن والسلم الدوليين والمساهمة في حل الأزمات المزمنة، وتقوية الآليات القانونية والدولية، وتقديم منصة للتفاوض المباشر وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة.
*12.: استقرار أسواق الطاقة العالمية. 
العمل المكثف لضمان استقرار أسواق الطاقة العالمية، بما يحقق مصالح الدول المنتجة والمستهلكة، ويُجنب العالم الآثار السلبية الناتجة عن تذبذب الأسواق واختلال سلاسل الإمداد العالمية، والمطالبة بتجنب تسييس هذه القضايا نظرًا للانعكاسات السلبية لذلك على الاقتصاد العالمي، وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول الإقليمية، بما يخدم أجندة الحوار والتواصل وبناء الجسور، وبما يعكس الارتباط الوثيق بين الأمن والاستقرار والازدهار، ومعالجة العوامل الاجتماعية والاقتصادية.
*13.: تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والاستثمار في الحلول المناخية. 
تكثيف العمل لإيجاد حلول فاعلة للتعامل مع تحديات التغير المناخي بواقعية ومسؤولية ونهج متوازن، والعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتطوير استراتيجيات طويلة المدى، تساعد على التوجيه الكامل لتنفيذ التعهدات والالتزامات ضمن مبادئ اتفاقية "الأمم المتحدة" الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاقية باريس، وذلك بعدّها الأساس للتقدم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والاستثمار في الحلول المناخية والشراكات الإنمائية.
*14.:تعزز تطوير وتوظيف مصادر الطاقة المتجددة. 
تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي يعزز تطوير وتوظيف مصادر طاقة متجددة، والاستخدام الأمثل للمواد الهيدروكربونية من خلال التقنيات النظيفة لإدارة انبعاثاتها، بما فيها تقنيات التقاط وإعادة استخدام ثاني أكسيد الكربون، وذلك لدعم وصول الدول إلى طموح الحياد الصفري للانبعاثات، كإطار متكامل وشامل لمعالجة التحديات المترتبة على انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، إضافة إلى المحافظة على البيئة الطبيعية ورفع مستوى الغطاء النباتي وزيادة الاعتماد على التقنيات النظيفة لجميع مصادر الطاقة.
*15.: مواجهة التحديات المستقبلية في مجالات الأمن المائي والغذائي. 
تكثيف العمل لمواجهة التحديات المستقبلية في مجالات الأمن المائي والغذائي واحتمالية تفاقمها، على المستويين الإقليمي والدولي نتيجةً للظروف الناشئة من التغيرات البيئية واندلاع الصراعات والأزمات، والمساهمة بشكل فاعل مع الأطراف الإقليمية والدولية لإيجاد حلول مستدامة لمعالجتها، وتعزيز التنسيق والتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين للحفاظ على سلاسل إمداد الغذاء العالمية واستقرار أسعارها، حتى لا يدفع ذلك الدول المستهلكة لمواجهة خطر المجاعة.
*.. الأهمية والبناء لأمن المستقبل. 
طموح محاور الرؤية الأمنية الإقليمية لمجلس التعاون الخليجي، فرصة لتجديد قوة المجلس، ودوره في التأسيس لوعي عملي أمني، يدعم قضايا أزمات المنطقة ودعمها في المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمات العالم الإغاثية والإنسانية والثقافية والسياسية والاقتصادية، وجوهر مجلس التعاون الخليجي، ينبض بحيوية واسعة الطيف في ضمانات الأمن الإقليمي، والتوسع في معالجة القضايا كافة.