رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مواقف مصرية لتعزيز وحماية الاستقرار فى المنطقة


لا شك أن القوانين والمعاهدات الدولية تعنى التزام الدول الموقعة عليها بها واحترام سلطة القانون بغض النظر مصالحها وأطماعها الخاصة أو غير المعلنة، كما أنها تحفظ الاستقرار بين الأطراف المعنية وعدم نشر الفوضى بين الدول، وفى رأيى أن عدم احترام المعاهدات والقوانين الدولية يعنى سيطرة قانون الغاب.
وإذا ما نظرنا إلى ما يحدث فى منطقتنا منذ اندلاع طوفان الأقصى فى قطاع غزة واشتعال الحرب بين اسرائيل ومنظمه حماس فى ٧ أكتوبر الماضى، فسنجد أنها قد أسفرت عن كشف مخططات إسرائيل للمنطقة أو بدء تنفيذ ما يسمى بمخطط الشرق الأوسط الكبير الذى تم الحديث عنه أثناء التسعينيات من القرن الماضى دون ذكر أهدافه الخفية والأطماع الخبيثة التى لدى إسرائيل وحليفتها أمريكا.
وفى تقديرى أن الكارثة المروعة التى نشاهدها الآن وبعد مرور أكثر من ١٠٠يوم على الحرب الوحشية التى تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين، والتى تعكس مخطط الإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى وتصفية القضية الفلسطينية ومحاولة التهجير القسرى للفلسطينيين إلى مصر وتحديدًا إلى أرض سيناء وفى الضفة الغربية بتهجيرهم إلى الأردن وهو ما رفضته كل من مصر والأردن، حيث أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى رفضه القاطع التهجير القسرى للفلسطينيين إلى معبر رفح والدفع بهم إلى أرض سيناء وتدمير البنية التحتية لشمال قطاع غزة.
بحيث تصبح غير صالحة للعودة إليها ومن ثم يتم فيها تنفيذ ميناء إسرائيلى يخدم على مشروع ممر بايدن الاقتصادى من الهند مارًا بالسعودية والإمارات والأردن وغزة ومنها لإسرائيل وإلى أوروبا، وهو مشروع تحدث عنه نتنياهو فى الأمم المتحدة الذى يمثل جزءًا مهمًا من مشروع الشرق الأوسط الجديد وهو لا يتم إلا من خلال إبادة الشعب الفلسطينى وفى شمال غزة وإيجاد وطن بديل للفلسطينيين فى مصر والأردن.
ومن هنا جاء التآمر على مصر واستهداف حدودها الجغرافية ومحاولات إضعاف جبهتها الداخلية، ومن ناحيه أخرى أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى للعالم عن سيادة مصر على أرضها وأن حدودها خط أحمر، وأعلن للعالم عن مطالبته بالوقف الفورى لإطلاق النار والرفض القاطع للتهجير القسرى للفلسطينيين إلى أرض سيناء، وضرورة استئناف المفاوضات واستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، وإقرار السلام فى المنطقة، ومنذ أن تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى المسئولية فإنه قد حرص على توفير الأمان والاستقرار وللشعب المصرى وحماية الأرض المصرية وبناء جيش قوى قادر على الدفاع عن الشعب المصرى والأرض المصرية، وحماية سيادتها على أرضها وحماية حدودها من أى أطماع دولية والقضاء على الإرهاب تمامًا لتصبح مصر آمنة ومستقرة ودولة حديثة لها دستور ينظم العلاقات بين أفرادها، ودولة تحترم القوانين الدولية والمعاهدات الدولية التى وقعت عليها ودولة سلام تحمى الأرض والعرض، وأوفى بوعوده فى القضاء على الإرهاب وتحقيق الاستقرار للشعب المصرى.
ومنذ اشتعال الحرب فى غزه ظل الرئيس عبدالفتاح السيسى ينبه العالم إلى أن ما ترتكبه إسرائيل ضد الشعب فى قطاع غزة يهدد استقرار المنطقة، كما كشف للعالم عن مخطط إسرائيل فى إبادة الشعب الفلسطينى، كما أعلن عن رفضه القاطع لذلك وللتهجير القسرى للشعب الفلسطينى إلى سيناء، إلا أن نتنياهو لا يزال مستمرًا فى ممارساته البربرية ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة بدعم كامل من أمريكا وإنجلترا، ووصلنا إلى أكثر من مائة يوم الآن والدماء تسيل والاغتيالات تستمر والقصف الجوى يستمر والاقتحام يستمر والبيوت تهدم فوق رءوس أصحابها واستطاع الرئيس السيسى أن يوضح موقفه للعالم، وأوجز رأيه بوضوح على ضرورة احترام الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى ومطالبة المجتمع الدولى بأن يتولى مسئولياته بتنفيذ القانون الدولى فى عدم المساس بحدود الدول الأخرى.
أو بالأحرى قد كشف محاولة إسرائيل لتحقيق أطماعها بخرق القوانين الدولية كلها على حساب القضية الفلسطينية، كما حذر الرئيس عبدالفتاح السيسى الجيش الإسرائيلى والولايات المتحدة الأمريكية والدول الحليفة معها فرنسا وإنجلترا من أن ما تقوم به إسرائيل يهدد أمن المنطقة واستقرارها بل يهدد أمن العالم كله فى هذه المنطقة الحيوية من العالم وحذر من محاولات الزج بتهجير الفلسطينيين قسريًا إلى الجنوب وهو ما تقوم به إسرائيل الآن وضرورة احترام حدود دول الجوار، أى حدود مصر والأردن.
وفى الاجتماع الثلاثى بين العاهل الأردنى والرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبو مازن» فإنهم قد رفضوا رفضًا قاطعًا التهجير القسرى للفلسطينيين، وطالبوا بوقف الحرب واحترام الحدود الدولية للدول الأخرى لضمان استقرار المنطقة وعدم اشتعال الحرب فيها، وحتى كتابة هذا المقال فإن إسرائيل لا تكف عن العدوان المتوصل والاحتلال للأراضى الفلسطينية وتهجير أهلها إلى الشوارع وإلى العراء وأمرهم بإخلاء مساكنهم وقصف المنازل.
ثم ذهابهم إلى العراء بلا ماء وبلا وقود وبلا كهرباء وبلا غذاء، بل تتصدى وتعرقل إدخال المساعدات الإنسانية وهكذا تضرب عرض الحائط بكل القوانين الدولية بل بقوانين الحرب أيضا، حيث تتم الآن محاكمتها من محكمة العدل الدولية بطلب من جنوب إفريقيا التى قدمت بالأدلة والمستندات ما يؤكد أن هناك إبادة جماعية للشعب الفلسطينى تقوم بها إسرائيل عمدًا، وأن كل ما ترتكبه إسرائيل لا بد أن تدان عليه وأن يعاقب قادتها.
أن الحرب فى قطاع غزة ليست أول الحروب وليست أولى محاولات لتصفية القضية الفلسطينية إلا أن الأمل فى صمود الشعب الفلسطينى الآن كبير وأن محاولات التحرش بحدود مصر لن تجدى معنا فى مصر، فهناك اصطفاف شعبى مع الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مواقفه الثابتة والمعلنة للعالم حول الحرب فى قطاع غزة ورفضه كل المخططات والممارسات الإسرائيلية.
وكانت هناك منذ بضعة أيام مزاعم إسرائيلية أمام محكمه العدل الدولية ظهرت أثناء التحقيق فى جرائم الحرب التى يرتكبها الجيش الإسرائيلى فى قطاع غزة بشأن سياسة الإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى وبتجويع أهل غزة وعرقلة دخول المساعدات الإنسانية والاحتياجات الغذائية عن طريق معبر رفح، حيث نفى مصدر مصرى رسمى مسئول وجود تنسيق مصرى مع الاحتلال إسرائيلى بشأن تدابير أمنية جديدة على محور فيلادلفيا، كما نفى ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات فى مصر، صباح الجمعة ١٢يناير الماضى بصورة قاطعة مزاعم وأكاذيب فريق الدفاع الإسرائيلى أمام محكمة العدل الدولية بأن مصر هى المسئولة عن منع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة من الجانب المصرى لمعبر رفح.
وأكد أن مصر سترد بشكل رسمى وقانونى وسترسل مذكرة لمحكمة العدل الدولية لإرفاقها بملف القضية للرد على اتهامات غلق لمعبر رفح، وهكذا ومن منطلق حرص مصر على توصيل المساعدات الإغاثية إلى أهل غزة، فقد أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى للعالم حرص مصر على إدخال المساعدات الإنسانية التى تقف فى طوابير لعده أيام انتظارًا لدخولها من معبر رفح، حيث تسهم مصر بالقدر الأكبر من المساعدات حرصًا على حياه الفلسطينيين، كما طالب إسرائيل مرارًا وتكرارًا بتسهيل دخول المساعدات الإغاثية والإنسانية.
وذلك بسبب عرقلتها لدخولها، حيث إن المساعدات التى يتم توصيلها لأهل غزة لا تكفى احتياجاتهم والآن، وبعد مرور أكثر من ١٠٠ يوم واستشهاد أكثر من و٢٤ ألف فلسطينى ثلثى عددهم من النساء والأطفال لا تنهى إسرائيل حرب غزة ويعلن نتنياهو عن إصراره على إكمال الحرب رغمًا عن محكمة العدل الدولية، ودخول محور فيلادلفيا، ومن ناحيه أخرى نفت مصر ذلك تمامًا وأكدت مصر أنها ترفض التنازل عن محور فيلادلفيا للجيش الإسرائيلى ولن تتنازل عن حدودها، وأن الحدود المصرية مع قطاع غزة هى وفقًا لاتفاقيات قانونية وأمنية بين الدول المعنية وأى حديث فى هذا الشأن يخضع للتدقيق ووفقًا لمواقف معلنة.
وفى تقديرى فإن الوضع الحالى يضع إسرائيل فى مأزق أمام العالم، فلقد أصبحت وحيدة على الساحة الدولية، ومن ناحيه أخرى فإنها لم تحقق حتى الآن أى مكاسب استراتيجية ولم تستطع التخلص من حماس، وهناك معارضة شديدة داخل حكومة نتنياهو وداخل إسرائيل، هذا علاوة على الخسائر اليومية من القتلى فى الجيش الإسرائيلى وانهيار الوضع الاقتصادى، وما زال الموقف المصرى متمسكًا بالدعم الكامل بتوصيل المساعدات الإغاثية للفلسطينيين والالتزام بالقوانين الدولية والمحافظة على سيادة مصر على أراضيها وعدم المساس بالأمن القومى المصرى أو بالأرض المصرية ورفض التهجير القسرى للفلسطينيين أو تصفيه القضية الفلسطينية، والمطالبة بالوقف الفورى لإطلاق النار.
من أجل هذا يكثف الرئيس عبدالفتاح السيسى من اتصالاته بدول العالم ويحرص على التواصل مع أعلى المستويات الدولية حرصًا منه على احترام القانون الولى والمعاهدات الدولية وتعزيز الاستقرار فى المنطقة وتلاشيًا لنشوب حرب فى منطقتنا واتساع نطاقها ما يهدد ليس فقط استقرار المنطقة السلام العالمى.