رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المثقف العضوى

                                   
١ - 
        القضية للمرأة،  ليست عندما يستجيبب الرجل لتلبية احتياجاتها العاطفية، التى تعلنها. ولكن عندما يستجيب لتلبية هذه الاحتياجات دون أن تعبر عنها. الرجل الذى لا مثيل له، ولا بديل عنه، للمرأة، هو الذى يفهمها دون أن تلفظ بكلمة، أو تذرف منها دمعة واحدة، هو يشعر بالأنين الصامت الكامن تحت الجلد، فيترك الدنيا وما فيها، ليضمها بحنان لا يسعه الكون.  
يمسح البكاء الذى لم ينهمر من العيون، ويعزى أحزانها المختزنة فى الأعماق، المستعصية على كل عزاء. الرجل النادر، هو الرجل  "الموجود" للمرأة، حينما لم تطلب وجوده، لكنها تحتاجه من الجذور حتى النخاع. إلى كل امرأة، إذا وجدتِ هذا الرجل الذكى الحساس لما لا يظهر، فلا تفرطى فيه أبدًا. 
  ما أكثر الرجال المتعلمين، الحاصلين على أعلى الشهادات، وفى أعقد التخصصات، أشهر من النار على العلم فى مهنته، يجيد أكثر من لغة، يسكن فى أرقى الأحياء، ويتكلم الناس عن ثرائه، وعلاقاته مع نجوم المجتمع فى كل مجال. لكنه يجهل شفرة المرأة، وكلمة السر التى تفتح قلبها وعقلها. كم هم مساكين هؤلاء الرجال.  
إلى كل امرأة، تأكدى بالاختبارات الدقيقة، قبل إعطاء مشاعرك وجهدك ووقتك، لمنْ لا يستحق. اختارى منْ يكون "موجودًا" بجانبك، دون أن تقولى له: "كم أحتاج اليك الآن". 
      
==============================================
2 - 
بالتفلسف يصبح لكل شيء، مهما يبدو ضئيلًا، قيمة إيجابية، ومتعة خاصة. بالتفلسف يستطيع الإنسان، انتزاع المعني من أشياء، تبدو لغالبية الناس بلا معنى. 
جوهر التفلسف، هو السؤال عن أصل الأشياء. وإذا كان العلم يبدأ بكلمة "كيف"، فإن الفلسفة تبدأ بكلمة "لماذا".
"لماذا" سؤال غير مرغوب فيه، يكاد أن يكون من المحرمات، والمحظورات. الرجل الذى تسبقه فى كل خطواته، كلمة "لماذا"، يعتبر خطرًا لا بد من تجنبه، والابتعاد عنه، وإن أمكن التخلص منه. والمرأة التى تضع على شفتيها دائمًا كلمة "لماذا" بدلًا من الروج الأحمر، عليها أن تستعد لدفع الثمن.
إن التفلسف ليس رفاهية. وليس صحيحًا أن الفلاسفة يعيشون فى أبراج عاجية، ويضيعون الوقت والجهد فى التفكير غير المجدى. 
لكل تجربة بعد فلسفي. بمعني أن كل تجربة إنسانية، تحوي خصوصية إنسان معين، في زمان ومكان محددين. لكنها في الوقت ذاته، تتجاوز ذاتية وخصوصية ذلك الإنسان، لتلمس آفاقًا إنسانية، يواجهها البشر، فى كل زمان، ومكان. ونقصد بهذا، معني الحياة، ومصير الوجود، وتجارب المرض، والحزن، والموت، والألم، واليأس والتجارب المؤلمة.  
إن الرغبة المستمرة، في الفهم، تجعلنا ندرك أن التجربة، فى حد ذاتها، ليست "مهمة"، أو "تافهة".  

القضية هي كيفية النظر إلي التجربة. القضية هي كيف نتجاوز، ما هو جزئي، وشخصي، وعابر، إلى ما هو كلى، وغير شخصى، وغير عابر. 
وحتى إذا لم تقترن الفلسفة بعملية تغيير الواقع، فإنها على الأقل تحفزنا على التفكير الكاشف عن الجذور، وعدم الاكتفاء بالإجابات الموروثة الجاهزة المعلبة فى العقول. 
قال كارل ماركس 5 مايو 1818 - 14 مارس 1883: الفلاسفة كانوا يقومون بتفسير العالم، لكننى جئت لتغييره". 
والتغيير لن يحدث، إلا إذا تحولت النظريات والأفكار الفلسفية، من عقول الفلاسفة، والكتب، والنقاشات داخل الغرف المغلقة إلى أفعال مادية ملموسة. 
وهنا لا بد أن نتذكر أنتونيو جرامشى 22يناير 1891- 27 أبريل 1937، مؤسس الحزب الشيوعى الإيطالى عام 1921، والذى اعتقله بينيتو موسولينى، أحد مؤسسى الحركة الفاشية الإيطالية عام 1926، حيث كان يؤمن بربط الفلسفة بالعمل والتغيير. وأكد أن هذه المهمة هى دور المثقفين. واشتهر جرامشى بما أسماه "المثقف العضوى"، الذى يسخر قناعاته الثقافية والفكرية من أجل تحدى الظروف الاقتصادية والسياسية والثقافية، وتفنيد مستمر للخرافات والمسلمات والأعراف المحفورة فى العقول.
أتأمل أحوال العالم اليوم، فأجد أن وجود الفلاسفة يكاد أن ينقرض. وأصبحت العلوم وتطبيقاتها فى جميع مجالات الحياة، والصناعة والتكنولوجيا، وما شابهها، هى الأساس. مع أن الفلسفة، هى علم، وفن. 
وباعتبارى عاشقة للفلسفة، فإن هذا يؤرقنى. فأى تقدم إنسانى وحضارى، كان بفضل الفلسفة. 
وفى مجتمعاتنا بشكل خاص، نجد أن الفلسفة لا وجود لها، إلا فى قاعات المحاضرات والندوات قليلة الحضور. وأعتقد أن هذا الأمر من الأسباب الرئيسية التى تفسر أزمتنا الحضارية.

=============================================

 3 - أرى أن العلاقة الجنسية بين المرأة والرجل، هى "نبوءة كونية "، و"مشروع 
حضارى"، ولقاء فى أعلى درجات الخصوصية والحميمية، للامتزاج بالدهشة، وقمة 
الشغف، واكتشاف أنبل ما فينا، وفى الآخر. تواصل مرتبط عضويًا، بمتعة العودة إلى الطبيعة، وانكشاف أسرار الكون. علاقة انفتاح على الحزن والفرح، فى لحظة خارجة عن الزمان والمكان. على الحزن والفرح فى لحظة خارجة عن الزمان والمكان.  . 
 إذن من المنطقى أن هؤلاء النساء والرجال الذين لهم الرؤية نفسها، نادرًا ما يمارسون العلاقة الجنسية. 
مع الأسف والأسى والاشمئزاز والشفقة أيضًا، يمارس غالبية البشر، هذه العلاقة إطفاء 
للشهوات، وإشباعًا للكبت، وتسلية مفرغة من أى قيمة إنسانية حقيقية. ولهذا هم لا يشبعون، حتى لو فعلوها كل يوم خمسين مرة. 
فى مجتمعاتنا تم تأسيس عقد الزواج، على أنه "عقد نكاح"، "حلال ربنا"، "شرع ربنا"، دفع الزوج ثمنه فى المهر، للخلفة، وسد شهوات الرجل فى الأساس. والزوجة ليس من حقها الامتناع، بحيث لا يشعر الزوج أنها صفقة خاسرة، حيث دفع أكثر مما يفرضه المهر. وإن ماتت هناك "نكاح الوداع". وسمعنا عن فتاوى تقول إن الزوج غير ملزم بمصاريف علاج زوجته، أو شراء الكفن، لأن إنفاقه حسب العقد، يستمر طالما أن النكاح مستمر. 
هذه النكاحات تتحول إلى عادة مبرمجة ومتعة مزيفة ولذة موقوتة، بانتفاضات أجساد مغتربة، لا تنتج إلا المزيد من الاغتراب والوحشة والتعاسة والقرف والكآبة والاكتئاب وكراهية النفس والطرف الآخر، ونتيجتها أجنة ونسل وذرية، محملة بالخطيئة الأصلية ألا وهى، ممارسة الجنس كتفريغ للشهوات، وتعويض عن مناخ مجتمعى قاهر وذكورى، وحضور الفلوس، بدلًا من الحب.  
=============================================
4 - تخلصنا من السيطرة السياسية للإخوان فى سنة. لكن التخلص من سيطرتهم على العقول والأمزجة، وما هو نمط الحياة، وكيف يكون زى النساء، وما نوع الفن الذى نراه، سيحتاج إلى وقت أطول. ولا نغفل انتشار الإسلام الفلسفى، الذى يرتدى الأقنعة، فى حين أن هدفه النهائى هو هدف الإخوان، وإن اختلف فى الأسلوب. ويؤسفنى القول بأن هناك بعض الإعلاميات والإعلاميين، تبث برامجهم عدم رفض أشكال "الأسلمة" فى المجتمع المصرى، لأنها تقربنا من الله، وتجنبنا عقابه يوم الحشر.
============================================== 
من بستان قصائدى 
=============
                          التواضع 
                        حكمة جدول صغير 
                          لا يطمع فى اتساع الأنهار 
       
                       التواضع 
                       ليس فضيلة
                       لكنه اعتراف بواقع
                       يصفعنا ليل نهار
                  
                      وهو القطار الوحيد
                 المتاح على رصيف الانتظار
                 لا ندرى سيأخذنا إلى مدن الشمس
               أم يلقي بنا إلى الظلمة والإعصار